لماذا تتزعم بريطانيا جهود استبقاء الولاية الأممية على السودان ؟

ولايات دارفور ومنطقة أبيي هي أجزاء من السودان تحت ولاية الأمم المتحدة بموجب الفصل السابع. كان من المقرر وفق اتفاقية خروج يوناميد أن يخرج السودان من هذه الولاية في أكتوبر 2020. لكن تقدمت الحكومة السودانية بمقترح لولاية جديدة تحت الفصل السادس (المعدل). ووفقاً لتغريدة على حساب سعادة سفير المملكة المتحدة بالخرطوم فإن مقترح الولاية الجديدة نبع من المملكة المتحدة وألمانيا، ويحظى بمساندتهما الآن في مجلس الأمن وفي أروقة الأمم المتحدة. المقال أدناه محاولة للنظر للموضوع من زاوية اقتصادية.
يعاني الاقتصاد البريطاني في الوقت الحالي من مشكلتين: الأولى متعلقة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والثانية بسبب جائحة كورونا. تسبب الخروج من الاتحاد الأوروبي في انخفاض نسبة نمو الاقتصاد البريطاني حيث بلغت نسبة النمو في 2015 نسبة 2.3% انحدرت إلى 1.8% في 2016 وواصلت الانخفاض في 2017 إلى 1.7% ثم 1.3% في 2018 ووالى الإنخفاض في 2019 إلى 1.1% ونتيجة لجائحة كورونا يتوقع حدوث انخفاض كبير جداً في العام 2020 بنسبة سالب 6.5% ليبدأ في التعافي في 2021 لتصل نسبة النمو في نهايتها لحوالي 4% شريطة الحصول على موارد وشراكات اقتصادية كبيرة ومؤثرة.
المملكة المتحدة ثالث اقتصاد في الاتحاد الأوروبي بعد ألمانيا وفرنسا، بناتج محلي إجمالي 2.9 تريليون دولار، وتساهم الزراعة بنسبة 0.7%، والصناعة بنسبة 20.2%، والخدمات بنسبة 79.1% من هذا الناتج.
منذ العام 2015، وبعد أن أشارت استطلاعات الرأي لإتجاه الناخب البريطاني للتصويت بالخروج من الاتحاد الأوروبي، أعدت مراكز البحوث البريطانية دراساتها التي أكدت ضرورة إتجاه الاقتصاد البريطاني للبحث عن موارد أولية لتغطية عجز النمو المتوقع. وتم توجيه الدبلوماسية البريطانية للبحث عن الشراكات والموارد الأولية خارج نطاق الاتحاد الأوروبي. وبعد جائحة كورونا أوصت هذه المراكز بزيادة الإنتاج الصناعي، لتعويض النقص المتوقع في اقتصاد الخدمات. ومعلوم أن المملكة المتحدة تتميز في صناعة بناء السفن، والطائرات، ومعدات وقاطرات السكك الحديدية، ومعدات الكهرباء، ومعدات الاتصالات، وصناعة الورق.
كان من الطبيعي أن تبحث المملكة المتحدة في أوراقها القديمة، وكان السودان هدفاً رئيساً، حيث أثبتت دراسات مراكز البحوث البريطانية، وغيرها، توفر السودان على كميات واحتياطات وافرة من المعادن الرئيسية، المطلوبة للصناعات الثقيلة البريطانية، حيث تحتوي أراضي السودان على خامات النحاس والذهب والحديد والنيكل والفضة والزنك والرمال السوداء والجبس والملح والتلك وسيليكات الألمونيوم والمنغنيز والرخام والمايكا والفلسبار والبوكسيت والكروم والبلاتين والكبريت والجرافيت والمنغنيز.
ولتحقيق أقصى فائدة اقتصادية ترى مراكز البحوث أنه لا بد أن تصل المعادن الرئيسة خام للجزر البريطانية، ولن يحدث هذا الا بالسيطرة على مراكز التخطيط، وتوجيه اتخاذ القرار الاقتصادي، حتى لا يتجه السودان لشراكات منتجة تحقق قيمة مضافة لمعادنه الخام. وعلى هذا يجري العمل. علينا أخذ الحذر وحماية مواردنا الاقتصادية. والله الموفق.

د/ عادل عبد العزيز الفكي
adilalfaki@hotmail.com

Exit mobile version