بدأت قصتي مع الاغتراب في ثمانينات القرن المنصرم حين ضاقت بي الأرض بما رحبت بالسودان بعد أن حصلت على الشهادة السودانية …وكان والدي رجل فقير لا يتعدى دخله الشهري المعاش من سكك حديد السودان تم تحديدها عن طريق سعادة الفريق إبراهيم عبود رحمه الله كانت/3/ جنيهات فقط ولديه من الأبناء /8/من بنات بنين والحمد لله …. كانت بركتها أكبر من /3/ مليون أهيف الحالي والذي يتغير كل يوم أو كل ساعة. وجمعت كافة المقتنيات بالمنزل وتبرع لي من أخواتي حفظها الله من لديهم من مكنوز الدهر من الذهب والفضة للاغتراب حتى يهنئوا بعيش كريم يلبي متطلبات الحياة القاسية وكنت أعمل بوظيفة أتقاضى منها فقط 22 عشرة جنيها فقط بجامعة الخرطوم ( مستشفى سوبا الجامعي) مغترب بداخل السودان أرى والدي وإخوتي بالعيدين الفطر والضحية فقط سعيا مني في المساهمة في تخفيف شظف العيش على والدي.
وبدأت مشوار الاغتراب وما أدراك ما الاغتراب والذي ذقت فيه من ألوان الطيف ومن العذاب والمهانة ما الله به عليم غربة وفرقة وقرف وفراق أحباب وإذلال معنوي وجسماني وحسي ومجاهدات يعجز القلم أن يطاوعني بالكتابة لأنها فيها المؤلم وفيها المبكي ومنها المفرح القليل دونتها يوما بيوم خلال أكثر من /18/ سنة متوالية بمذكراتي الخاصة . وتبدلت الأحوال بعد أن قمنا كغيري من السودانيون الذين يكونوا هو أكبر المنزل أو من هم لديهم الشهامة والرحمة في معاونة والديهم والتخفيف عنهم ورد الدين الكبير على الوالد بالتربية والمساندة بزيادة الدخل الشهري لمشقة العيش والإسهام في التربية لأخوته من تعليم ومعيشة ومسكن ..الخ .
بكل تأكيد هنالك أمثالي من المغتربون أكثر من /3/ مليون سوداني خرجوا من ديارهم منهم المرفود ومنهم المحكوم عليه ظلما ومنهم من رفد عنوة من وظيفته بحجة التمكين أو من مزارع لم يتمكن من سداد ديون البنك للزراعي بعد أن حصلوا منه على جباياتهم وأصبح مديونًا والبعض بالسجون للإسلام السياسي إسلاموفوبيا وما كان في السودان خلال الثلاثة عقود من عدم إدارة التنوع هو بكل تأكيد ممنهج من الإنقاذ حيث درجوا على مص دماء مواطنيهم عبر العديد من الرسوم والجبايات وتسميات ما أنزل الهن بها من سلطان تخصنا كمغتربين ترعة كنانة الميل أربعين دمغة الشهيد الزكاة التلفزيون الوطني التحويل الإلزامي ..الخ يعرفونها المغتربون حق معرفة حيث كان لا تتم أي إجراءات بالقنصلية إلا بعد استيفاؤك لكافة الرسوم من تحويل إلزامي وخلافة . والقصص كثيرة وعديدة ومتنوعة من اللذين ذاقوا الأمرين من النظام الإنقاذي الفاسد وتفوح منه بصورة صارخة ريحه المحسوبية المخاصصة والحزبية بصورة تدمع لها العيون وتشيب لها رؤوس الولدان من تجاوز ومحسوبية مقيتة.
ونحن أذا نهني أنفسنا وأهلينا وبلادنا بالنصر الذي أحرزه شباب السودان وفي مقدمتهم أخواتنا ( الكنداكات) بثورتهم الفتيه ثورة 2019م من دحر لحكومة الإنقاذ التي جثمت على صدورنا . ومن هنا نرفع صوتنا ونضمه ضمن أصوات الشعب السوداني بمكوناته المختلفة بأن يتم تقصي الحقائق وإعادة هيكلة بجهاز المغتربون وكشف كافة التجاوزات بكافة قطاعاته وبدون أدنى شك ستجدون ما يبكيكم من هول المصائب والتجاوزات والمحاباة وما الله به عليم.
ونحن بدورنا أذا نناشد المجلس السيادة ومجلس الوزراء والحاضن السياسي وقوى الحرية والتغيير الموقرين بضرورة النظر ومراجعة كافة القرارات ذات العلاقة بنا نحن قبيلة المغتربون وأعادة النظر فيها والأخذ بالاعتبار لحال المغترب والذي أفنى زهرة شبابه خارج البلد للكسب الحلال فينا من قضى عشرات السنين تتفاوت ما بين 5 إلي 10 والبعض تعدى ثلاثة عقود بسبب المضايقات . والعمل على خلق جو نظيف يتنفسه المغترب حتى يمكنه أن يسهم بإمكانياتنا المقدرة والتي يعرفها الاقتصاديون في تنمية بلدنا والكل يعلم أنها شريحة كبيرة ومؤثره بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بالتحويلات للداخل حيث الأسر والأهل والأرحام والقرابة من يعولهم المغتربون فهم كثر .
ونأمل أن تكون هنالك سياسات جديدة تضع بالاعتبار أن المغترب هو ركن رئيسي ورقم ذو قيمة في تنمية البلاد في اختلاق برامج قوية ذات عائد مادي بالنقد الأجنبي بالحوافز وتصحيح سعر الصرف للدولار.
وتشجيع كافة البرامج المجتمعية ذات الطابع الأسري لكي يؤمن له ولأسرته ومسكن لأولاده وتعليم وصحة أثناء غيابة أو عند عودته للسودان بصورة نهائية تؤمن لهم العيش بكرامة حصيلة غربته.
ونأمل أن يستفاد من جيراننا الأثيوبيين فهم لهم تجربة رائده وناجحة جدا في كيفية الاستفادة القصوى من تحويلات المغتربون لديهم وساهم إسهام مباشر في تمنية مستدامة لبلادهم يراها الجميع بالعين المجردة وفي البداية الأمر العمل على تثبيت سعر الصرف كمقابل الدولار باعتباره هو حجر الزاوية الرئيسي في كافة القرارات.
على أن تدرس بعناية ورعاية عبر جهات ذات اختصاص أو بيوت خبره محبيه وإقليمية ودولية تؤمن كافة مستلزمات لحياة كريمة وبعزة للمواطن المغترب.
وقد عانى منا الكثيرون في استحالة إدخالهم لمدخراتهم من سيارات أو معينات لوظائفهم كلا حسب اختصاصه حيث تمثل الشريحة الكادحة والمتوسطة نسبة أكثر من ( 80) بالمائة أما البقية فهم من الدكاترة المهندسون والطبقات المستنيرة. وبالمقابل كان هنالك فوضى لمن ينتسبون إلى الحزب أو الموالين لهم من أو أصهارهم وصداقات وفي مقدمتها صاحبة الحظوة المنظمات والتي تستغل الحوافز بصورة فجة وكانت كل هذه المعاملات تدار بواسطة الجاليات السودانية بالخارج حيث استولى عليها نفر منهم وكان أهم شروطهم والانتماء للحزب أومن تابعهم من الارزقية . ولا يفوتنا بضرورة الأخذ بالاعتبار بتخصيص مقعد بالبرلمان أو المجلس التشريعي يمثل فئة المغتربون بجميع أنصافهم الوظيفية حتى تكون القرارات الصادرة بحقهم من مندوب لهم يعرف قضاياهم وما يؤلمهم وما يعانونه وكيفية العمل على حلها وتذليلها بالصورة المباشرة بدون توصية من جهة حكومية دورها فقط تسيير أمورهم بدون أدنى شعور بمشاكلنا بل العكس تمام يعيشون باسمهم وامتيازاتهم ومخصصاتهم لأنفسهم بحكم الحزب أو العلاقات الاجتماعية والجهوية والقبلية ..الخ.
أنني اصرخ وبأعلى ما لدي من صوت وبكل تأكيد أي مغترب يعيش مأساة في وجهت المسئولين عن هذه النوعية من الطلبات التي يقولون عنها استثمار للمغتربين ممن اتخذوا من المكاتب الوثيرة والوظائف المرموقة طريقهم للغناء الفاحش أين حقنا ثم أين حق أبنائنا بالتأكيد هنالك بالمئات بل ربما بالآلاف أكثر من ذلك مثلي يحلمون بمشاريع تحفظ لهم حقهم وكرامتهم عند العودة ونحن إذ نحمل جهاز المغتربين المسئولية الأكبر في عدم وجود برامج أو مؤسسية مرجعية للبت لمثل هذه القضايا الساخنة والتي هي تقرر مصيرنا بالاغتراب وحتى نضع نهاية للمسلسل الذي طال انتظارنا له للمشهد النهائي ولا نزال كلما أشرقت شمس صباح نسمع بل نعيشها من خلال أهلينا وأبنائنا الضيق والاستحالة في إمكانية العودة للعيش حتى تكون أخر أنفاسنا بأرض الوطن السودان أو لكي نحقق ولو جزء يسير من أحلامنا يكملها من بعدنا أبنائنا بأذن الله . ولا نزال نقول وبكل أسف توجد عراقيل كبيرة وفظيعة تقف أمامنا حجر عثر كبير للعودة والاستقرار .على الرغم من التحولات الاقتصادية والاجتماعية السياسية في بلاد الغربة فقد أصبحوا يطالبوننا بالرحيل بطريقة غير مباشرة عبر البرامج العددية والمتنوعة من نطاقات وتحديد مدة الإقامة..الخ والتي تسعى لتوطين أبناء الوطن وهذا لعمري حقهم الطبيعي.
ولا يحفى عليكم ما أستجد من جائحة (كورونا) ونتائجها السلبية الكارثية الحالية والمستقبلية وما لحق من كساد اقتصادي على الدول عالميا وفي مقدمتها الدول البترولية ما أطل علينا برأسه في تعديل فماجي لقواعد أللعبه من تنزيل للرواتب تصل حد 40% وخيارات أخرى أحلاهما مر . مما ينعني أن الجميع أصبح في ظل دائرة الفقر أو يدور حوله لفقداننا للركيزة الوطنية والمساندة عند الحاجة من جهاز المغتربون ونحن في أمس الحاجة لتدخلات حكومية كبيرة ذات أثر على قرارات عودتنا بحكم المواطنة.
من نأمل أن تجد مطلبنا النور عبركم حتى ينعم المغتربون بشي من الحرية التي بحثنا عنها عبر شتى الدروب ولا تزال حلم يراودنا في منامنا وصحياننا . نأمل أن يتحقق عبركم وتحقيق شعار ثورتنا المجيدة حرية وسلام وعدالة مدنياااو …
والله من راء القصد وهو المستعان ،،،،،،،،،
مغترب غيور/ الدمام عدلي خميس
الراكوبة