القراي يثبت ثنائية الله عند محمود محمد طه ثم يحاول إنكارها كما أنكرها أحمد المصطفى دالي

قلت: “زعم محمود محمد طه في كتابه الرسالة الثانية أن الإنسان يترقى حتى يكون الله. (المصدر هو الرسالة الثانية من الإسلام – الطبعة الرابعة ، أكتوبر 1969م ص -107- 108.) وهو يعتقد أن الله تنزل عن ذات إلهية ليست هي الله. فالله عند محمود محمد طه هو الرحمن الرحيم الحي القيوم. ولا أدري هل علم النور حمد قبل مجيئه إلى جامعة الخرطوم اليوم الخلاف بين القراي ودالي بهذا الشأن وإلا فإن القراي قد أثبت ثنائية الله في حديثه مع طلاب جامعة الخرطوم في العام 1985 ودالي نفى هذا في تسجيل مصور يوجد عندنا الآن. خاطب القراي الطلاب في النشاط القديم في يوم الخميس 17 يناير 1985 قائلاً: “ألا تعلمون أن الذي يحاسب الناس يوم القيامة إنسان؟” وقرأ الآية “وجاء ربك والملك صفاً صفاً” لإثبات مجيئ الله الإنسان الذي يسعه الزمان والمكان لأن مجيء ما أسماه محمود محمد طه الذات المطلقة ممتنع لأنها لا يحيط بها الزمان والمكان وهي ليست الله الرحمن الرحيم. قال القراي هذا وفي اليوم التالي الجمعة 18 يناير 1985 تم شنق محمود محمد طه وهو يرجو – والقراي يرجو وجميع الجمهوريين يرجون – أن يصير الله قبل الشنق بلحظات أو عند لحظة الشنق فخاب أملهم جميعاً وتبين لكل عاقل كذب محمود محمد طه.
ويمكن بسهولة خارقة أن ينكر الجمهوري الذي ليس طالب علم زعم محمود محمد طه أن الله مقام اسم وذات مطلقة تنزل عنها مقام الله. يمكن لمثل هذا النوع من الجمهوريين الذين لا يطلبون العلم أن ينكروا ثنائية الله وهم يقرأون عنواناً موجوداً في موقعهم في شبكة المعلومات هو “مقام الاسم (الله) والذات”. ويمكن أن ينكروا بنفس السهولة الخارقة أن عقيدتهم هي أن الإنسان يكون الله كما قال محمود في الرسالة الثانية بحجة مردودة هي قوله بعد ذلك “وليس لله تعالى صورة فيكونها، ولا نهاية فيبلغها، وإنما يصبح حظه من ذلك أن يكون مستمر التكوين”. ذلك لأن المنزه عن الصورة والتجسيد عند محمود محمد طه هو الذات وليس الله مقام الاسم فمقام الاسم عنده هو الله رب العالمين الإنسان الكامل الذي يأتي بجسده ومعه صفوف الملائكة ليحاسب الناس يوم القيامة لأن الذات لا يحويها الزمان والمكان كما قال عمر القراي شارحاً عقيدة محمود والجمهوريين.
وإليك أيها القاريء وإلى كل جمهوري طالب علم ما قاله محمود في الرسالة الثانية طبعة 1969م: “هاهنا يسجد القلب، والى الأبد، بوصيد أول منازل العبودية. فيومئذ لا يكون العبد مسيراً، وإنما هو مخير. ذلك بأن التسيير قد بلغ به منازل التشريف، فأسلمه الى حرية الإختيار، فهو قد أطاع الله حتى اطاعه الله، معاوضة لفعله.. فيكون حياً حياة الله، وعالماً علم الله، ومريداً ارادة الله، وقادراً قدرة الله، ويكون الله. وليس لله تعالى صورة فيكونها، ولا نهاية فيبلغها، وإنما يصبح حظه من ذلك أن يكون مستمر التكوين، وذلك بتجديد حياة شعوره وحياة فكره، في كل لحظة، تخلقاً بقوله تعالى عن نفسه “كل يوم هو في شأن””. (المصدر هو الرسالة الثانية من الإسلام – الطبعة الرابعة ، اكتوبر 1969م ص -107- 108).
وقد أنكر عمر القراي بدوره – في رده بصحيفة الراكوبة على مقالة منشورة بتأريخ 25/1/2013م بصحيفة الانتباهة لناقد لمحمود في قوله “ويكون الله” – أن الإنسان يكون الله بقوله: “وحتى يشوه وقيع الله هذا الفهم الواضح، بأن “يكون الله” معناها هو السير ترقياً نحو كمال الله، الذي لن يبلغ، لأنه مطلق، أورد نصاً مبتوراً”. يشير القراي هنا إلى قول محمود السابق: ” وليس لله تعالى صورة فيكونها”. وهذا مردود بما ذكره محمود ألا وهو أن المتنزه عن الصورة هو الذات وليس الله مقام الاسم فهذا هو الإنسان الكامل الله ملك يوم الدين الرحمن الرحيم الذي أخبر عنه القراي نفسه طلاب الجامعة في يوم الخميس 17 يناير 1985 بالنشاط القديم.
وزعم محمود كذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم تجسد فيه مقام الاسم هذا بدليل الآية “إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم” تحت عنوان “مقام الاسم (الله)، و الذات” بقوله: “وعلى الرغم من ان جميع النصوص القرآنية تتحدث عن مقام الاسم (الله) بصورة أو بأخرى، الا ان بعض النصوص اوضح من بعض، في الحديث عن مقام الاسم، وعن التجسيد .. فمن هذه النصوص مثلاً قوله تعالى عن النبي: (انّ الذين يبايعونك انّما يبايعون الله، يد الله فوق ايديهم).. وهذا نص صريح في ان النبي قد كان هو تجسيد (الله) – مقام الاسم .. ولذلك عندما قالت الآية: (انّ الذين يبايعونك انّما يبايعون الله)، لم تكتف بهذا الحد – مع انه في حد ذاته واضح .. ولكن لتؤكد المعنى اضافت (يد الله فوق ايديهم)، ومن آيات التجسيد ايضاً قوله تعالى: (هل ينظرون الا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام، والملائكة، وقضي الامر، والى الله ترجع الامور؟!) فالله تعالى، في ذاته، ليس بغائب حتى يأتي .. ثم هو لا يأتي (في ظلل من الغمام) لأنه مهما كان التفسير لهذه الظلل من الغمام، فهي اشارة لتحديد عنه تتعالى الذات، علواً كبيراً .. فلم يبق الا ان الذي يأتي (في ظلل من الغمام) هو مقام الاسم (الله)، يأتي في تجسيد، هذا التجسيد هو الانسان .. وكل الأحاديث النبوية التي تتحدث عن رؤية الله يوم القيامة، وهي أحاديث كثيرة، انّما تتحدث عن مقام الاسم، وليس عن الذات المطلقة .. وذلك لأن القيامة زمان ومكان، والذات مطلقة لا يحويها الزمان ولا المكان.. ولأن الرؤية لا تكون الا للمحدود، والذات مطلقة تتعالى عن ان تراها البصائر أو الابصار. ومن الأحاديث في هذا الصدد ايضاً، قول المعصوم: (انّ الله خلق آدم على صورته) .. وفي رواية مسلم: (انّ الله خلق آدم على صورة الرحمن) .. وليس لذات الله في اطلاقها، صورة .. لا حسّية، ولا معنوية، فهي تتعالى عن كل تصوّر .. وانّما المعني هنا مقام الاسم، وهو الذات المحمدية ..
ومن الأحاديث ايضاً قول المعصوم: (انّ الله لا يخفى عليكم، وانّ الله ليس بأعور – أشار بيده الى عينه – وانّ المسيح الدجّال اعور العين اليمنى). والأحاديث التي تتحدث عن رؤية النبي لله في المعراج – سواء كانت هذه الرؤية بالبصر، أو بالفؤاد – هي جميعها تتحدث عن مقام الاسم، وليس عن الذات المطلقة … ومقام الاسم (الله) – الحقيقة المحمدية – هو مقام في الملكوت، ولكنه، بفضل الله، يتنزّل في كلّ حين، الى عالم الملك، حتى يتجسّد على الارض، ولحظة تجسيده، هي لحظة ظهور المسيح، صاحب المقام .. وبظهور هذا المقام تتحقق خلافة الارض بتحقيق العبودية الكاملة لله .. ففي حين انّ مقام الاسم (الله) هو مقام العبودية، فانّ مقام الذات هو مقام الربوبية الكاملة المطلقة الكمال ..انّ ما ذكرناه عن التمييز بين مقام الاسم، والذات لهو أكبر ما يعين على تصحيح العقيدة، وهو الذي يعطي القرآن محتواه ويفتح ابواب العلم بالله .. وبغير هذا التمييز يفرغ القرآن عن محتواه تماماً، فمثلاً إذا جاء في القرآن قوله تعالى: (وجاء ربّك والملك صفّاً صفّاً) فانّ المفسرين يقولون جاء امر ربّك، وهذا افراغ للقرآن عن محتواه، اذ انّ السؤال سيظل قائماً: ما هو هذا الامر؟ ونحن نقول انّ الامر هو (المسيح) فانّ ذلك يعطي عبارات القرآن مدلولاتها، فيصبح هنالك معنى محدد .. ثم انّ المسيح هو فعلاً امر الله: (قال: كذلك !! قال ربّك :هو علي هيّن .. ولنجعله آية للناس، ورحمة منّا .. وكان امراً مقضيا ..).
وتحت عنوان “مدلول الكلمة (الله) في المرحلة العلمية من الإسلام” قال محمود محمد طه: “الذات الالهية الصرفة مطلقة، تمتنع المعرفة بها، فلا يتعلّق بها اسم، أو وصف، ولا يجوز في حقّها حتى التنزيه، لأن التنزيه تصوّر للنقص، ونفي له، وهذه الذات فوق التصوّر: (كلّ ما خطر ببالك فالله بخلاف ذلك)، والمقصود، هنا، الله من حيث ذاته المطلقة .. وذاته في مقام وحدة مطلقة، لا ثنائية فيها، ومن ثم، لا ضد لها، وانّما تعرف الاشياء بأضدادها .. فلما تأذّنت الذات الالهية بأن تعرف، كما جاء في الحديث القدسي: (كنت كنزاً مخفياً، فأردت ان أعرف، فخلقت الخلق، فتعرّفت إليهم، فبي عرفوني !!) تقيدت هذه الذات، فتنزّلت الى منزلة الاسم (الله)، فاتصف هذا الاسم بصفة الرحمة (الرحمن الرحيم)، وجرى منه الفعل وفق هذه الرحمة .. فلولا انّ هذه الذات تقيدت بالاسماء، والصفات، والافعال لما عرفت، حيث صار لهذه الاسماء، والصفات، والافعال ضد من اسماء، وصفات، وافعال المخلوقات ..”.
فإذا علم الناس أن الله عند محمود محمد طه مقام اسم هو الله تنزل عن الذات المطلقة التي لا تسمى ولا توصف ويتجسد في الإنسان الكامل فيصير الله الملك القدوس الحي القيوم الذي يأتي معه الملائكة صفاً صفاً ليحاسب الناس يوم القيامة وأنه زعم أن الله هو الذي كشف له نسخ القرآن المدني بالقرآن المكي فإن هذه الدعوى يبطلها أن الله في القرآن المكي والمدني هو الرحمن الرحيم الذي لا إله إلا هو وهو الذات الإلهية نفسها لعدم إحاطتنا به عند ذكره أو النطق باسمه أو شهوده كما قال عن نفسه “ولا يحيطون به علماً” والحديث فيها عن الحي القيوم كما هو معلوم. وإن مجرد إقرار الجمهوريين بأن كلمة الله تفيد أمرين هما مقام الاسم الله والذات التي لا تسمى ولا توصف يكفي ليقعوا في الشرك فكيف إذا أقروا أنه ينزل فيحل في جسد إنسان يحيا ولا يموت ويحاسب الناس يوم القيامة! لا تعجبوا إن أنكر الجمهوريون الذين ليسوا طلاب علم هذا البيان الجلي لبطلان عقيدة محمود محمد طه أو إن أنكروا إثبات هذه العقيدة من كتبه التي كتبها بيده ثم قال هي من عند الله. ولولا أن محمود محمد طه كان كاذبا لصار هو الله بدلاً من الموت على حبل المشنقة فقد كان هو المرشح لذلك بلا انتخابات فقد زعم أن الأصيل رجل واحد في الحياة الدنيا وكان هو الذي زعم بلوغ مقام الأصالة وترك التقليد في الصلاة والصوم والحج والزكاة وشهادة ألا إله إلا الله فكان ينبغي ألا يموت ليثبت أنه لم يكن من الكاذبين. وذهب حمدوك الذي لا يعلم هذا ولم يسأل عنه فاحتفل معهم بذكرى شنقه الخامسة والثلاثين ونقل التلفاز ذلك وجلس على سرير محمود محمد طه من أجل البركة. لو أن الله خسف به وبسريره الأرض لعلم أن ما فعله هو عند الله عظيم وهو يحسبه هيناً فالويل له من غضب الله ولعنته”.
د. صديق الحاج أبو ضفيرة
جامعة الخرطوم.

على هاشتاق ازالة القراي

Exit mobile version