بسم الله الرحمن الرحيم
مجازفات مدير المناهج المتطرفة
(الجزء الثاني)
════════❁
الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله، وآله وصحبه، وبعد:
✍ مواصلة لنقد مجازفات مدير المركز القومي للمناهج أعرض لبعض ما ذكره في مؤتمر صحفي عقده في الأيام القريبة الماضية، بثه التلفزيون، قال عمر القراي إنه بصدد التوضيح للشعب السوداني، واصفًا من أشاعوا عنه أنه بصدد حذف القرآن من المناهج بأنهم أصحاب مصالح، وهم من الكيزان والوهابية، وهؤلاء لم يهمه أمرهم، والذي يهمه أن يوضح لعامة الشعب حقيقة الأمر، وينفي ما أثير حوله من حذف القرآن، إلى آخر ما ذكره وتداولته منصات التواصل أيضًا.
✍ أود الوقوف مع تلك التصريحات الوقفات التالية:
⬅ الوقفة الأولى: مدير المناهج يسلك ذات الأساليب التي ينتقدها على خصومه ومخالفيه، فيصف من خالفوه وانتقدوه بأنهم كيزان ووهابية، ولم يأت المدير بأي دليل على دعواه، والواقع أن الذين انتقدوه عامة المسلمين في السودان، فهذا الأسلوب الذي انتهجه مع مخالفيه أسلوب لا يليق بشخص يدعي أنه يرفع شعار العدالة والحريات، والتي منها حرية الرأي والتعبير.
❓فلماذا يضيق القراي ذرعا بمخالفيه وهو ينتقدهم مستقلا القناة الرسمية للبلاد؟.
? ثم هب أن ما قاله صحيح، فهل القراي مدير المناهج لبعض السودانيين دون بعض حتى ولو خالفوه؟ أليسوا من عامة الشعب؟.
⬅ الوقفة الثانية: الواقع أن القراي من حيث أراد أن ينفي عن نفسه ما اعتبره إشاعة أثبته بكل وضوح وبصورة لا لبس فيها، ولا أدري ماذا كان يريد أن ينفي، فقد أثبت أنه حذف القرآن من منهج الروضة كليًا، وأكد أن منهج الروضة سيخلو تمامًا من القرآن، وسيكون عوضًا عنه سماع تسجيلات من الشعر والأناشيد والموسيقي، والتراتيل النصرانية واليهودية، [وتسجيلات من القرآن].
⬅ الوقفة الثالثة: طفق القراي يستدل لمذهبه فأبان عن حقيقته وعميق جهله، فاستدل بحديث: “مروهم بالصلاة لسبع”، على أن الطفل لا يحتاج إلى القرآن، وإنما إذا بلغ السابعة يحفظ ما يصلي به.
يريد حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مُرُوا أَوْلاَدَكُمْ بِالصَّلاَةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرِ سِنِينَ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِى الْمَضَاجِعِ».
? وهو حديث رواه أبو داود والترمذي.
? وجه الدلالة عنده: أن الطفل ما دام لا يصلي فما حاجته للقرآن؟
? وهذا يوضح جليًا أن الدكتور القراي لا فقه عنده في التربية إطلاقًا، وعلى فقه القراي لا حاجة للقرآن إلا بقدر ما تصلي به، وهذا ينبئ عن فهم علماني محض.
❓ ثم لنا أن نتساءل: أي صلاة يعنيها القراي؟
فالجمهوريون ليس في فقههم صلاة، وإنما هي صلاة الأصالة، كما في كتاب محمود محمد طه “رسالة الصلاة” (ص ٧٠، ٧٤)، وهي لا تحتاج إلى قراءة قرآن، ولعله أوشك أن يقول ذلك لكنه خشي أن يُواجه من عامة المسلمين الذين قال إنه يعنيه أمرهم.
? ألا يعلم القراي أن القرآن يدرس للطفل لأمور عديدة:
▪الأول: ليكون أول ما يسبق إلى صدورهم وعقولهم فيحتل منها المكانة الكبرى فهو كلام ربهم وخالقهم.
▪الثاني: القرآن فيه بركة حقيقية لأنه كلام الله تبارك وتعالى فيكسبهم بركة في عقولم وفهومهم.
▪الثالث: تكراره عليهم يجعلهم يألفونه وينشأون على تقديسه وتعظيمه.
▪الرابع: ثبت لدى كبار التربويين أن تحفيظ القرآن منذ الصغر يكسب الأطفال حافظة قوية وفصاحة في اللسان.
▪الخامس: ثبت أن الأطفال لهم قدرة كبيرة للحفظ، وقد شهدنا في هذا العصر من يحفظ القرآن مجودًا وعمره خمس سنوات، هذا مع ما عُلم أن الحفظ في الصغر يبقى ولا يتسرب، حتى قيل إنه كالنقش في الحجر، قاله قتادة رحمه الله كما روى ابن سعد في الطبقات الكبرى (٢٢٩/٧) عنه أنه كان يقول: “الحفظ في الصغر كالنقش في الحجر”.
▪السادس: إذا كانت السنة النبوية أفادت أن أمر الأطفال بالصلاة يبدأ من السابعة، فهذا لا يعني أن لا يدرب عليها قبل ذلك، وإنما السابعة هي سن الأمر الأكيد وليس الندب، مع أنه لو قيل بأن سن السابعة هي مرحلة بدء الصلاة، فهل يعني أن الطفل لا يبدأ الحفظ إلا في السابعة، بل لا بد أن يكون قد حفظ قبلها.
إلى معان كثيرة لا يدركها إلا علماء التربية الأكفاء الفقهاء، وليس الذين تشربت قلوبهم مفاهيم التربية الغربية.
⬅ الوقفة الرابعة: القراي يريد أن يشتمل منهج الرياض على سماع الألحان، دون نظر إلى محتواها، ويجعل سماع القرآن لمجرد الألحان، ويساويه مع تراتيل النصارى واليهود المحرفة، ومع ألحان الأشعار والأناشيد الملفقة وربما الساقطة.
❓ فهل من يقول مثل هذا حقيقة يؤمن بالقرآن، ويعظمه؟.
ويواصل القراي تهكمه وسخريته، فيقول كيف يدرس الطالب [إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا]، وأن هذا سيصيب الطفل بالرعب.
? فيقال له: وماذا تقول في تدريسه “فاتحة الكتاب”، وسورة الإخلاص [قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ]، ومن قال لك أن الطفل سيفزع لذلك؟
? بل هذا سيجعله ينشأ على الإيمان باليوم الآخر، وعنده من الفهم ما يعلم به أن هذا الأمر في الآخرة لا في الدنيا، وإذا كنت تزعم أنه سيفزع من هذه السورة المباركة، فماذا تقول في أناشيد الثورة التي تود للطفل سماعها؟ ماذا يفهم منها، وماذا يستفيد؟
أما لك عقل يا دكتور؟
❓ ثم كيف نسمع الطالب المسلم ترانيم اليهود والنصارى وألحانها الغنائية مع تسجيلات القرآن العظيم؟
? وكأننا بذلك نريد أن نكرس له أمرين اثنين:
▫الأول: أن القرآن المتلو هو للطرب بألحان القاريء لا غير.
▫والثاني: أنه بهذا يشترك مع الترانيم اليهودية والنصرانية، والأشعار والقصائد.
❓ كيف يقول بهذا من يؤمن بالله واليوم الآخر، ويعظم القرآن، نعوذ بالله من الضلال.
❓ وما علاقة هذا بالتربية؟ هل يريد المدير تربية أولاد المسلمين على العزف، والأشعار، بل على الكفر والضلال الذي يترنم به اليهود والنصارى؟.
⬅ الوقفة الخامسة: زعم القراي أن الصحابة كانوا يخافون على أنفسهم النفاق إذا حفظ الواحد أكثر مما يحتاج.
? وهذه رواية بالمعنى المخل الموجود في نفسه، وهو يشير إلى ما رواه الإمام أحمد في مسنده عن أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السلمي قَالَ: “حَدَّثَنَا مَنْ كَانَ يُقْرِئُنَا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُمْ كَانُوا يَقْتَرِئُونَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ آيَاتٍ، فَلَا يَأْخُذُونَ فِي الْعَشْرِ الْأُخْرَى حَتَّى يَعْلَمُوا مَا فِي هَذِهِ مِنَ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ، قَالُوا: فَعَلِمْنَا الْعِلْمَ وَالْعَمَلَ”.
? إسناده حسن.
ومعنى الأثر أن حفظ القرآن يتبعه التعلُّم والعمل، وأن الصحابة من شدة حرصهم على امتثال أحكام القرآن كانوا كل ما حفظوا شيئًا من القرآن فهموا معناه وعملوا به، وهكذا حتى يحفظوا القرآن كله، ويفهموا معناه ويعملوا به، وهل في القرآن ما لا حاجة له، هذا فهم غريب ينبيء عن مدى علم صاحبه بكتاب الله، وبعده عنه.
⬅ الوقفة السادسة: يقول القراي: “إذا ما عندك إبل ليه تحفظ آيات زكاة الإبل”.
? وهذا عجب، وهو قول دال على جهل فاضح وفهم غريب، وذلك من وجوه:
▪أولا: القرآن ليس فيه آيات تفصل زكاة الإبل، وإنما الذي جاء في القرآن إيجاب الزكاة في الجملة، كقوله سبحانه: [وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ] [البقرة: ٤٣]، في ست مواضع من كتاب الله، وقوله: [وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ]، وآيات عديدة في إيجاب الزكاة، أو مدح المزكين، وذم مانعي الزكاة.
وإنما جاءت تفاصيل ذلك في السنة النبوية، فرجل لا يعرف أن القرآن فيه آية تفصل أحكام الزكاة أم لا كيف يصلح مديرا للمناهج في دولة مسلمة؟
نعم قد يصلح لدولة علمانية أو نصرانية، لا صلة لها بهذه الأحكام الشرعية، حسبهم ما عرفوا من دنياهم.
▪الوجه الثاني: وجوب الزكاة ركن من أركان الدين الخمس، فواجب على المسلم معرفة ذلك في الجملة واعتقاده سواء كان من الأغنياء أو الفقراء.
▪الوجه الثالث: القراي أصلا لا يؤمن بزكاة، ومن أساسيات مذهبهم: سقوط الزكاة في الإسلام وأنها انتهت بوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن “الزكاة ذات المقادير ليس الركن التعبدي المذكور في الحديث النبوي”.
? من كتاب دقائق حقائق الدين لمحمود محمد طه (ص: ١١).
▪الوجه الرابع: مدير المناهج يجعل الإسلام عِضِين، من لا يصلي لا يتعلم القرآن، ومن لا إبل عنده لا يتعلم زكاة الإبل، ومن لا ذهب لديه لا يتعلم زكاة الذهب، وهكذا من ليس عنده بقر أو غنم أو زروع وثمار، أو عروض تجارة أو أوراق نقدية، والذي ليس من أهل الصيام لا يتعلم الصيام، والذي ليس لديه استطاعة للحج والعمرة لا يتعلم أحكامهما، والرجال لا يتعلمون الأحكام الشرعية المتعلقة بالنساء، والنساء لا تتعلم الأحكام الخاصة بالرجال، وهكذا، أي فهم هذا؟
حقًا إنه فهم من تشرب العلمانية حتى ارتوى منها.
▪الوجه الخامس: يحق لمخالف مدير المناهج أن يقول له من كانت ميوله تجارة أو سباكة، أو احتراف مهن يدوية أو فنية، لا يدرس الرياضيات، واللغة، والفيزياء، والأحياء، والكيمياء، وهكذا، هل هذا يقوله مدير مناهج؟.
? ومن الباب ذاته بل وأولى: ما حاجة أولادنا لسماع الموسيقى، والأناشيد، وهم لا يريدون أن يحترفوا الفن، وما حاجتهم لسماع التراتيل اليهودية والنصرانية، وهم مسلمون؟.
⬅ الوقفة السابعة: الحكومات المدنية والديموقراطية تعطي مواطنيها الحق الكامل في نقد مثل هذه الشخصيات المثيرة للجدل، ولا تواجههم بالتهم بأنهم من بقايا النظام وما شابه ذلك من الحجج الواهية المرفوضة والممجوجة.
? *وشخص مثل الدكتور عمر القراي لا يصلح أن يتولى شأنا من شؤون المسلمين، ولا معنى لتمسك الحكومة به وهو مرفوض من عامة الشعب*.
والله ولي التوفيق
*⃣ يتبع بإذن الله…
٧ رمضان ١٤٤١هـ، 2020/5/1م
—-
مجازفات مدير المناهج المتطرفة
(الجزء الثالث)
════════❁══════
▫ استقراء وإحصاء
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على النبي الكريم محمد بن عبد الله، وآله وصحبه وبعد،
✍ سبق أن قلت إن مفردات القرآن الكريم في مرحلة تعليم الأساس ليست كما ذكره مدير المناهج، حيث أفهم الناس أنها كثيرة، ومكثفة، وثقيلة على الطلاب، وقلت سأرد على هذا الزعم، وها هو الرد عليه.
? فأقول وبالله التوفيق:
أجريت جردًا كاملًا لمادة القرآن الكريم في صفوف الأساس الثمانية، وأجريت مقارنة بين الفترة الدراسية لكل صف، وعدد الصفحات التي على الطالب والطالبة أن يحفظها، فتبين لي أن القراي لبّس على الناس، واستخدم أساليب التهويل المضللة، وكثير ممن يستمع إليه ينطلي عليه ذلك ويصدقه، ولا يكلف نفسه مراجعة المفردات مقارنة مع كل أيام الفصل الدراسي ليعلم ما إذا كان مدير المناهج صادقًا أم مُلِبِسًا، علمًا بأن السنة الدراسية في الغالب ثمانية أشهر، وعدد أيامها مائتان وأربعون يومًا تقريبا.
? وبعد إحصاء دقيق لمفردات مادة القرآن الكريم مقارنة بأيام العام الدراسي، اتضح الآتي:
▪أولًا: السور المطلوب حفظها من طلاب وطالبات الصف الأول هي قصار السور من آخر المصحف الشريف، وتقع في أربع عشرة صفحة من المصحف الكريم “١٤ صفحة”، وبتوزيع هذه الصفحات على أيام العام الدراسي وهي مائتان وأربعون يومًا، يكون الناتج سبعة عشر يومًا لكل صفحة واحدة.
❓فقولوا بربكم هل إذا طُلب من الطالب أو الطالبة أن يحفظ صفحة من كتاب الله كل سبعة عشر يومًا، هل هذا أمر عسير؟ كلا والله، بل هو يسير جدًا، خاصة والقرآن ميسر لطالبيه قال الله تعالى: [وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِر] [القمر: ١٧]، وقد سبق أن ذكرت أن من الأطفال من حفظ القرآن كاملاً في خمس سنوات.
▪ثانيًا: السور المطلوب حفظها من طلاب وطالبات الصف الثاني هي سور من “جزء عم”، وتقع في تسع صفحات من المصحف الكريم “٩ صفحات”، وبتوزيع هذه الصفحات على أيام العام الدراسي وهي مائتان وأربعون يومًا، يكون الناتج ستة وعشرين يوماً “٢٦ يومًا”، وذلك يعني أن على طلاب الصف الثاني أن يحفظوا في كل ستة وعشرين يومًا صفحة واحدة من المصحف الشريف.
❗ما أيسر هذا، ومثل هذا لا يستثقله إلا من يستثقل كلام الله لمرض في قلبه، والطفل لفطرته السليمة لا يستثقله أبدًا، ولكن الآفة في بعض أولياء الأطفال من الليبراليين فالله حسيبهم.
▪ثالثًا: السور المطلوب حفظها من طلاب وطالبات الصف الثالث تقع في عشر صفحات من المصحف الكريم “١٠ صفحات”، وبتوزيع هذه الصفحات على أيام العام الدراسي وهي مائتان وأربعون يومًا، يكون الناتج أربعة وعشرين يوما “٢٤ يومًا”، أي أن طلاب وطالبات الصف الثالث عليهم أن يحفظوا صفحة واحدة كل أربع وعشرين يومًا.
❓فهل في هذا ثقل على طالب؟
? كلا ورب الكعبة، إلا أن يكون طالبًا لا يطيق القرآن جملة وتفصيلًا لعلة عليلة، وخصلة دخيلة.
▪رابعًا: السور المطلوب حفظها من طلاب وطالبات الصف الرابع تقع في عشرين صفحة من المصحف الكريم “٢٠ صفحة”، وبتوزيع هذه الصفحات على أيام العام الدراسي وهي مائتان وأربعون يومًا، يكون الناتج اثني عشر يوما “١٢ يومًا”، بمعنى أن طالب الصف الرابع والذي قد يكون عمره ناهز العشرة أو أكملها ليس عليه سوى صفحة واحدة في كل اثني عشر يوما.
❗ياله من تكليف خفيف ومطلوب لطيف.
⏪ روى البخاري في صحيحه من حديث عَمْرِو بْنِ سَلِمَةَ رضي الله عنه قَالَ إن قومه قَدَّمُوه فصلى بهم وَهو ابْنُ سِتٍّ، أَوْ سَبْعِ سِنِينَ، وكان أقرأهم”.
⏪ والنبي صلى الله عليه وسلم قال «مُرُوا أَوْلاَدَكُمْ بِالصَّلاَةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرِ سِنِينَ».
? فهذا سن يؤمر فيه بالصلاة، فكيف تكون عشرين صفحة في ثمانية أشهر شاقة عليه؟.
▪خامسًا: السور المطلوب حفظها من طلاب وطالبات الصف الخامس تقع في خمس وعشرين صفحة من المصحف الكريم “٢٥ صفحة”، وبتوزيع هذه الصفحات على أيام العام الدراسي وهي مائتان وأربعون يومًا، يكون الناتج عشرة أيام تقريبا “٩,٦ يومًا”، بمعنى أن الطالب عليه أن يحفظ صفحة واحدة في كل عشرة أيام، والحال أنه قد تجاوز العشر سنوات.
❓فهل هذا برنامج مكثف كما يزعم القراي؟.
? يبدو أن لا علم له أصلًا بسور القرآن وطولها وقصرها، بل هو لا يعرف كيف يَقرأُ القرآن.
▪سادسًا: السور المطلوب حفظها من طلاب وطالبات الصف السادس تقع في خمس وثلاثين صفحة من المصحف الكريم “٣٥ صفحة”، وبتوزيع هذه الصفحات على أيام العام الدراسي وهي مائتان وأربعون يومًا، يكون الناتج سبعة أيام تقريبًا “٦,٨ أيام”.
❓فيكون طالب الصف السادس الذي عمره فوق العشر سنوات لا يكلف إلا بحفظ صفحة واحدة من القرآن في كل أسبوع، فما أيسره وأفضله من تكليف، ولكن أكثر الناس لا يفقهون.
▪سابعًا: السور المطلوب حفظها من طلاب وطالبات الصف السابع تقع في أربع وعشرين صفحة من المصحف الكريم “٢٤ صفحة”، وبتوزيع هذه الصفحات على أيام العام الدراسي وهي مائتان وأربعون يوماً، يكون الناتج عشرة أيام “١٠ أيام”، بمعنى أن طلاب وطالبات الصف السابع الذين تقارب أعمارهم ثلاثة عشر عامًا ليس عليهم سوى صفحة واحدة في كل عشرة أيام.
❓فهل هذا برنامج مكثف، لا يقول هذا عاقل فضلًا عمن عنده مسكة من علم.
▪ثامنًا: السور المطلوب حفظها من طلاب وطالبات الصف الثامن تقع في سبع عشرة صفحة من المصحف الكريم “١٧ صفحة”، وبتوزيع هذه الصفحات على أيام العام الدراسي وهي مائتان وأربعون يومًا، يكون الناتج أربعة عشر يوما “١٤ يومًا”، وهذا يعني أن طلاب الصف الثامن لا يُكلفون سوى صفحة واحدة كل أسبوعين.
? ولا شك أن هذا تكليف خفيف جدًا، لا يكاد يذكر.
? فمن يقول إن برنامج حفظ القرآن مكثف لا يفقه شيئًا بل قوله إلى الكذب أقرب، وإلا كان جهلًا.
? بهذا العرض الإحصائي الاستقرائي يتضح جليًا أن مطلوبات حفظ القرآن في كل صفوف الأساس برنامج سهل وخفيف ولطيف وميسر، وبه يتضح أن ما يُروِج له مدير المركز القومي الدكتور عمر القراي، محض افتراء، إما أنه يجهل هذه الحقيقة أو أنه مزور ملبس يريد محاربة القرآن العظيم، بحذفه أو تقليل ما يحفظه الطلاب ضمن تغيير شامل متعمد ينوي تحقيقه لطمس هوية الأمة ونشر أفكاره الجمهورية الضالة المنحرفة الباطلة المنافية للقرآن جملة وتفصيلًا، وهذا ليس بغريب على القراي الذي لا يعرف كيف يقرأ القرآن الكريم، وإذا أراد ذكر آية لا ينسبها إلى الله تعالى – ربما لا يعتقد أن القرآن كلام الله -، ويحرف ما يذكره ما آيات للاستدلال، ودليل ذلك أنه في أحد مقاطع اليوتيوب ذكر آية المائدة أعني قول الحق سبحانه وتعالى عن أحد ابني آدم: [فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِين] [المائدة: ٣٠ ]، قرأها “فسولت”، ولم يقل قال الله وإنما قال: “قالوا”، وأراد أن يستدل بآية الأنعام، وهي قول الله عز وجل: [وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم] [الأنعام: ٣٨]، فقال – أبعده الله – : أو يقول، ولم يقل: يقول الله، وقرأها: “ولا طير يطير”.
❓فمثل هذا هل يرجى منه خير؟
?كلا والله، وفاقد الشيء لا يعطيه، وقد أحسن من قال عن القرآن: “هُوَ الفَصْلُ لَيْسَ بِالهَزْلِ، مَنْ تَرَكَهُ مِنْ جَبَّارٍ قَصَمَهُ اللَّهُ، وَمَنْ ابْتَغَى الهُدَى فِي غَيْرِهِ أَضَلَّهُ اللَّهُ”، وبعضهم ينسبه إلى أمير المؤمنين علي رضي الله عنه.
والله ولي التوفيق.
*⃣ يتبع بإذن الله…
٧ رمضان ١٤٤١هـ، 2020/5/2م
الشيخ الدكتور: حسن أحمد حسن الهواري