لاحظوا أنه قبل كل ضربة قاصمة لعاصمة تسبقها حملة غاشمة لتغبيش الوعي عبر دلالة اعلامية كبرى تُشترى فيها الأقلام والصحف والقنوات ومراكز الدراسات والمثقفاتية المزيفيين حسب الطلب، واطلاق كرنفال من الندوات والملتقيات والسمنارات مدفوعة الأجر.
وقد أدرك الزعيم الراحل اسماعيل الأزهري قديما خطورة مثل هذه الأحابيل الاستعمارية التي تقام خصيصا لذر الرماد على العيون، وصرف نظر الجماهير عن قضيتها الحقيقية من خلال التساؤلات التي لامعنى لها والتفاصيل العبثية. ولذلك عندما طلبوا من الأزهري المشاركة في ندوة عقدتها الادارة الاستعمارية تحت رعاية الحاكم العام لمناقشة دور الجمعية التشريعية في ادارة البلاد والعباد قالها الرجل الوطني في بلاغة مختصرة وجملة مفيدة (سنرفض الجمعية التشريعية ولو جاءت مبرأة من كل عيب ) فالتقطتها الجماهير وصارت هتافها وعنوان المجالس وأيقونة المناضلين.
وقد استطاع الشعار بعفويته أن يحاصر الجمعية التشريعية الإبن السفاح للادارة الانجليزية، حتى اضطر تحت وطأتها ثلاثة من عضويتها لتقديم استقالتهم المهندس القانوني محمد أحمد المحجوب والوطني الكبير صالح عبدالقادر وأبو الصحف أحمد يوسف هاشم الذين اسمتهم الصحافة الوطنية حينها (بالفرسان الثلاثة). ولأن التاريخ في كثير من الأحيان يعيد نفسه فإن أبناء الأزهري وأحفاده سيرفعون الشعار الناصع الخفاق (سنرفض البعثة الأممية ولو جاءت مبرأة من كل عيب ) مع أنها كل عيوبٌ وثقوب تبتدئ بالتزوير الرئاسي، وتنتهي بالغاء السيادة الوطنية.
ومع بالغ الحزن على مصير بلادنا الطويلة القامة الحافية القدمين فللأسف لا أعتقد أن من بين القحاطة ثلاثة فرسان يستحقون شرف الاستقالة والمغادرة.
حسين خوجلي