في الليلة ديك

قال لي (جاري) وهو يضحك :
• تعرف يا أستاذ ناس التلفزيون قربوا يعملوا للصايمين (في الليلة ديك) ؟
بالطبع كنت مندهشاً مثل ما أنتم الآن مندهشون فالعبارة غير واضحة المعالم ولولا أنني أعرف قائلها تماماً لخلتها نوع من (لغة الراندوك) التي يمارسها الهائمون في (قاع المدينة) ، نظرت إليه متسائلاً : كيف يعني؟
فإستعدل في جلسته وبدأ يحكي :
في واحدة من الدول الأوروبية كان في (سوداني) شغال ليهو في واحد من المراكز الإسلامية ، قام لقى ليهو شاب سوداني عاطل و(ما شغال) وحالتو صعبة فقال يستحسن فيهو قام قال ليهو تعال نشغلك عندنا (مؤذن) ونديك سكن في المركز وح نديك مسجل وشريط فيهو الآذان ومهمتك بس لما وكت الآذان يجي تمشي مايكرفون المسجد تشغل الشريط ده !
صاحبنا الظاهر كان بتاع (قعدات) اليوم التاني أول ما خلص من آذان العشاء مشي عزم أصحابو (السكن)الجديد وظبطوا حلة (القطر قام) وشغلو الغناء الما خمج وإنبسطوا وناموا ، ولما المنبه ضرب الفجر عشان ينبهو يمشي يشغل الآذان صاحبنا قام (ختف) المسجل وجري على المايكرفون طوالي وفتحو وبدلاً من إنطلاق صوت الآذان إنطلق صوت (زيدان) :
• في الليلة ديك لا هان عليا !!
وبعد أن ضحكت على موقف صاحبنا وقد تخيلت صوت العندليب الأسمر وهو يملأ أركان تلك المدينة الهادئة في ذلك الصباح الباكر سألته :
• طيب ناس التلفزيون مالهم ومال الليلة ديك؟
• تتخيل ناس التلفزيون القومي يا أستاذ (شغلو شريط الآذان) قبل عشرة دقايق من الزمن المحدد للإفطار والقصة دي عملت للناس ربكة شديدة !
وهنا أصابتني الحيرة ؟ فمثل هذا الخطأ يجب إلا يحدث مطلقاً في ظل (حوسبة) الأجهزة (الرقمية) والبرامجيات التي من شأنها بث (الآذان) في وقته المحدد بدقة متناهية ولأي عدد من السنوات (الضوئية) القادمة !
ثم بإفتراض أن هذه الأجهزة معطلة أو (غير متوفرة) أليس من الأوجب تعيين شخص (ذي زولنا) ليقوم في الوقت المحدد (برفع الآذان) خاصة وأنه أذان (المغرب) الذي بموجبه يفطر الصائمون ؟
وبينما أنا أسأل في نفسي عن كيفية حدوث هذا الخطأ (الغريب) سألني صاحبي :
• هل صيام هؤلاء الذين أفطروا مع التلفزيون صحيح ؟ فأخبرته بأن بعض العلماء الأماجد قد أفتوا بأنه في مثل هذه الحالات ليس هنالك حرج على كل من أفطر مع أذان التلفزيون إن تم بثه قبل الموعد المحدد وأن صيامه صحيح حيث لا قضاء ولا كفارة عليه ، مستدلين على ذلك بقول الله تعالى : (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو اخطأنا ).
على (غرابة) هذه الحادثة ً يحمد لإدارة التلفزيون أن قامت بالإعتذار للمواطنين في نشرتها الرئيسة لذات اليوم عن (الخطأ الفادح) الذي إعتبرته (غير مقصود) ووعدت في التحقيق حول مسبباته ولكن يبدو أن هذا الحادث هو مؤشر لوجود خلل إداري و(فني) ورقابي في هذا الجهاز القومي الذي يعد من أكثر الأجهزة التي شهدت في عهد التمكين (موجات) من التعيينات العشوائية التي لا تستند إلى عنصري الكفاءة أو الخبرة ولو لم يتم وضع الأمور في نصابها فسوف نفاجأ يوماً بدلاً عن الأذان بـصوت (زيدان) !

كسرة :
ما زالت أجهزة الإعلام تحتاج إلى شوية (غربلة) و(شغل) !

كسرات ثابتة :
• أخبار الخمسة مليون دولار التي قال البشير أنه سلمها لعبدالحي شنووو؟
• أخبار القصاص من منفذي مجزرة القيادة شنووووو؟
• أخبار ملف هيثرو شنوووووو؟ (لن تتوقف الكسرة حتى نراهم خلف القضبان)
• أخبار محاكمة قتلة الشهيد الأستاذ أحمد الخير شنوووووو؟ (لن تتوقف الكسرة إلا بعد التنفيذ)

الفاتح جبرا
الجريدة

Exit mobile version