١- في يوم الخميس القادم ٢٣/ ابريل الحالي ٢٠٢٠، تجي الذكري الثلاثين علي محاولة الانقلاب العسكري التي وقعت في عام ١٩٩٠، وكانت بقيادة اللواء/ عبد القادرالكدرو، واللواء الطيار محمد عثمان حامد ومعهم (٢٦) اخرين من ضباط برتب عسكرية مختلفة ، وهي المحاولة التي اختلف حولها الكثيرين من المؤرخين والكتاب وقتها، ودار الجدل بينهم وان كانت محاولة انقلاب اللواء/الكدروهي المحاولة رقم (١٧) في تاريخ الانقلابات العسكرية..ام انها تحتل الرقم (١٩)؟!!، ورغم انهم لم يصلوا حتي اليوم الي الي رأي قاطع الا انهم اتفقوا علي ان محاولة الانقلاب التي كانت بقيادة اللواء/ عبد القادر الكدرو، واللواء/ الطيار محمد عثمان حامد تعتبر بكل المقاييس العسكرية أغرب واغبي عملية محاولة انقلاب عرفها السودان!!
٢- بعد ساعات قليلة من فشل انقلاب الضباط ال(٢٨) في يوم ٢٣/ ابريل ١٩٩٠، الذين استسلموا بكل سهولة، ولم يطلقوا طلقة واحدة تجاه الضباط والجنود الذين جاءوا ليعتقلونهم، علق احد الخبراء العسكريين السودانيين بعد ان ابدي دهشته الشديدة من محاولة الانقلاب الفاشلة، ومن الطريقة البدائية التي تمت بها المحاولة والتي – وبحسب خبرته العسكرية- انها ما كانت ستصمد اكثر من يومين بسبب عدم اشتراك فروع عسكرية هامة تابعة للقوات المسلحة التي فوجئت بالمحاولة الانقلابية، وبعدم التنسيق والتشاور مع كبار الجنرالات والضباط الاخرين،ابدي الخبير العسكري سخريته الشديدة من الانقلابيين الذين تحركوا للانقلاب دون ان يقوموا باعتقال قادة الاجهزة العسكرية والأمنية والسياسيين ورؤساء الاحزاب، وهي اشياء ضرورية لنجاح اي عملية انقلابية!!
٣-علق الخير العسكري وقال، ان الضباط الانقلابيين كانوا يعرفون مسبقآ الاهمية القوصي في اعتقال الرؤوس الكبيرة في البلاد ضمانآ لنجاح حركتهم، وانهم عندما شاركوا في انقلاب ٣٠ يونيو لمسوا هذه الأهمية عن قرب وبالتجربة …فكيف نسيوها عند محاولة انقلابهم هذه؟!! وتركوا البشير وقادة “المجلس العسكري العالي لثورة الانقاذ” احرار بلا اعتقال او رقابة عسكرية?!!
٤- قال الخبير العسكري ايضآ، ان اكبر خطأ ارتكبه ضباط الانقلاب، انهم لم يضعوا الخطط المناسبة لتامين المحاولة، ولا كانت عندهم البدائل في حالة الانتكاسة، لقد كانوا اشبه بفريق كرة قدم عليه ان يلعب مباراة كبيرة دون ان يكون مستعدآ لها.. بلا لياقة.. ولا قوة..بل ولا حتي كانت عندهم الاجابة عن سؤال “ثم ماذا بعد نجاح الانقلاب؟!!
٥- ولاول مرة منذ ثلاثين عام علي هذه المحاولة الانقلابية، تجي ذكراها هذه المرة في ظروف تختلف تمامآ عن السنوات الماضية الطويلة، قد احتضن سجن كوبر بين جدرانه الكثيرين من الذين قلب لهم الدهر ظهر المجن ، وكانوا وراء اعدام الضباط ال(٢٨) بعد اعتقالهم، وجاءت الاخبار في الصحف المحلية يوم ١٤/ديسمبر ٢٠١٩ وافادت، ان النائب العام في السودان شكل يوم أمس الخميس، لجنة للتحقيق في إعدام نظام الرئيس المعزول عمر البشير (28) ضابطًا بالقوات المسلحة في العام 1990 بتهمة تخطيط وتنفيذ انقلاب عسكري. وحدد القرار مهام واختصاصات اللجنة بتحديد الوقائع والملابسات ذات الصلة بالواقعة، وهل تم تقديم الضباط لمحاكمة استوفت معايير المحاكمات العادلة، بجانب تحديد أماكن دفن جثامينهم وأين وضعت متعلقاتهم الشخصية.
٦- وجاء في الصحف ايضآ، انه والي إلى جانب اللجنة التي شكلها النائب العام للتحقيق في إعدام الضباط الـ (28) رمضان، هناك لجنة أخرى شكلها البرهان في أكتوبر/ الماضي 2019 بقيادة الفريق منورعثمان تتعلق برد الاعتبار للضباط ، وايضآ بعد مرور29 عاما على إعدام الضباط ، أبلغ رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، ذوي هؤلاء الضباط التوصل إلى المقبرة الجماعية التي دفنوا فيها والتي ظلت مجهولة طيلة تلك الفترة، ليجدد بذلك الحديث عن واحد من الملفات التي تقاوم النسيان. ولاول مرة منذ ثلاثين عام اصبحت محاولة الانقلاب محل اهتمام المسؤولين.
٧- المصدر- العين الاخبارية – الأربعاء 2020/3/4:- السودان يكرم 28 ضابطا أعدمهم نظام الإخوان:(صدر رئيس مجلس السيادة بـالسودان الفريق أول عبدالفتاح البرهان، قرارات بترقية 28 ضابطا أعدمهم نظام الإخوان البائد واعتبارهم “شهداء”. وقال المتحدث الرسمي للجيش السوداني العميد عامر محمد الحسن لـ”العين الإخبارية”، الأربعاء، إن قرارات البرهان تهدف إلى رد الاعتبار للضباط وعائلاتهم. وأوضح العميد الحسن أن الضباط المعروفين بـ”شهداء 28 رمضان” ستتم معاملتهم كشهداء قوات مسلحة وتسوية استحقاقاتهم المالية منذ تاريخ إعدامهم عام 1990 على أن تسري معاشاتهم على نحو وصفاءهم الذين سقطوا في المعارك العسكرية. وتشمل القرارات ترقية هؤلاء الضباط وإحالتهم للتقاعد كرد اعتبار وحفظ حقوقهم المالية؛ استجابة لطلب أسرهم خلال لقائهم رئيس مجلس السيادة مؤخراً.).
٨- السيد/ عصام الدين ميرغني، شقيق الشهيد العقيد/ الركن عصمت ميرغني طه، اصدر كتاب تحت اسم (الجيش السوداني والسياسة)، جاء في بعض صفحاته:
(أ)- أما رئيس النظام، الفريق عمر حسن أحمد البشير، فهو كقائد عام وقائد أعلى للقوات المسلحة تقع عليه مسئولية تحقيق العدالة والالتزام بالقانون العسكري واللوائح في كل قضايا القوات المسلحة. وهذا ما لم يحدث طوال مراحل إجراءات التحقيق مع ضباط «حركة أبريل» وحتى تنفيذ أحكام الإعدام.
(ب)- ومن غرائب الأمور أن القائد العام للقوات المسلحة قام بالهروب إلى العيلفون عند بدء التحركات ليختبئ في منزل عضو الجبهة الإسلامية «الطيب النص».. ترك كل مسئولياته القيادية ليديرها ضباط أصاغر، ولم يعد إلا في اليوم التالي.. بعد فشل المحاولة!! كما أنه لم يتدخل بأي شكل كقائد عام وقائد أعلى للقوات المسلحة.. لم تتدخل قيادة القوات المسلحة بدءًا برئيس هيئة الأركان ونوابه.. لم يكن هنالك أي دور لفرع القضاء العسكري المناط به التحقيق القضائي وصياغة لوائح الاتهام في أي جريمة تقع داخل القوات المسلحة..
(ج)- أما الأدهى والأمر، فهو أن رئيس النظام لم يكن يعلم عن تنفيذ أحكام الإعدام حتى صباح اليوم التالي، حين دلف إليه حوالي الساعة التاسعة صباحاً من يوم الثلاثاء 24 أبريل 1990 العقيد عبد الرحيم محمد حسين والرائد إبراهيم شمس الدين في مكتبه بالقيادة العامة، وهما يحملان نسخة من قرارات الإعدام ليوقع عليها بصفته رأساً للدولة (كما ينص القانون العسكري)، ويقول أحد الشهود أن الرائد إبراهيم شمس الدين قال للفريق عمر البشير حينما تردد في التوقيع بالحرف الواحد: «يا سيادتك وقِّعْ.. الناس ديل نِحْنا أعدمناهم خلاص».. فوضع الفريق الذي يُحكَمُ ولا يَحكُم يديه على رأسه للحظات، ثم تناول القلم وهو مطأطئ الرأس، وقام بمهر قرارات الإعدام التي تم تنفيذها بالفعل قبل ست ساعات مضت على أقل تقدير!!
(د)- هنالك مسئوليات مباشرة تقع على عاتق كل قيادات الجبهة الإسلامية في اتخاذ القرار وتنفيذ «مذبحة أبريل».. يقف في قائمة الاتهام العديد منهم..لكن على رأسهم ولا شك، يأتي الدكتور نافع على نافع، رئيس أجهزة الأمن الذي باشرت وحداته التنفيذية الاعتقالات الابتدائية، والتحقيق مع المعتقلين وتعذيبهم.. وكانت كل الكوادر التي قامت بفرض الحراسات، وتجهيز ساحة الإعدام، بما في ذلك وحدة إطلاق النار. ـ انتهي –
٩- السيد/ عصام الدين ميرغني، شقيق الشهيد العقيد/ الركن عصمت ميرغني طه، اصدر كتاب تحت اسم (الجيش السوداني والسياسة)، جاء في بعض صفحاته:
(أ)- أما رئيس النظام، الفريق عمر حسن أحمد البشير، فهو كقائد عام وقائد أعلى للقوات المسلحة تقع عليه مسئولية تحقيق العدالة والالتزام بالقانون العسكري واللوائح في كل قضايا القوات المسلحة. وهذا ما لم يحدث طوال مراحل إجراءات التحقيق مع ضباط «حركة أبريل» وحتى تنفيذ أحكام الإعدام.
(ب)- ومن غرائب الأمور أن القائد العام للقوات المسلحة قام بالهروب إلى العيلفون عند بدء التحركات ليختبئ في منزل عضو الجبهة الإسلامية «الطيب النص».. ترك كل مسئولياته القيادية ليديرها ضباط أصاغر، ولم يعد إلا في اليوم التالي.. بعد فشل المحاولة!! كما أنه لم يتدخل بأي شكل كقائد عام وقائد أعلى للقوات المسلحة.. لم تتدخل قيادة القوات المسلحة بدءًا برئيس هيئة الأركان ونوابه.. لم يكن هنالك أي دور لفرع القضاء العسكري المناط به التحقيق القضائي وصياغة لوائح الاتهام في أي جريمة تقع داخل القوات المسلحة..
(ج)- أما الأدهى والأمر، فهو أن رئيس النظام لم يكن يعلم عن تنفيذ أحكام الإعدام حتى صباح اليوم التالي، حين دلف إليه حوالي الساعة التاسعة صباحاً من يوم الثلاثاء 24 أبريل 1990 العقيد عبد الرحيم محمد حسين والرائد إبراهيم شمس الدين في مكتبه بالقيادة العامة، وهما يحملان نسخة من قرارات الإعدام ليوقع عليها بصفته رأساً للدولة (كما ينص القانون العسكري)، ويقول أحد الشهود أن الرائد إبراهيم شمس الدين قال للفريق عمر البشير حينما تردد في التوقيع بالحرف الواحد: «يا سيادتك وقِّعْ.. الناس ديل نِحْنا أعدمناهم خلاص».. فوضع الفريق الذي يُحكَمُ ولا يَحكُم يديه على رأسه للحظات، ثم تناول القلم وهو مطأطئ الرأس، وقام بمهر قرارات الإعدام التي تم تنفيذها بالفعل قبل ست ساعات مضت على أقل تقدير!!
(د)- هنالك مسئوليات مباشرة تقع على عاتق كل قيادات الجبهة الإسلامية في اتخاذ القرار وتنفيذ «مذبحة أبريل».. يقف في قائمة الاتهام العديد منهم..لكن على رأسهم ولا شك، يأتي الدكتور نافع على نافع، رئيس أجهزة الأمن الذي باشرت وحداته التنفيذية الاعتقالات الابتدائية، والتحقيق مع المعتقلين وتعذيبهم.. وكانت كل الكوادر التي قامت بفرض الحراسات، وتجهيز ساحة الإعدام، بما في ذلك وحدة إطلاق النار. ـ انتهي –
١٠- الغريب في امر هذا الكتاب، انه طبع ووزع بك سهولة في زمن حكم البشير، دون ان يلاقي معوقات او تدخل من جهاز الأمن لحظره، او قامت المخابرات بمصادرته من المكتبات، يعتبر هذا الكتاب واحدة من الكتب التي عرت الحكم الذي ساد في البلاد وقتها، وفضحت البشير الجبان الذي فر وهرب (وقت الحارة)!!
١١- تتهم أسر وزملاء الضباط المغدورين رموزًا من النظام البائد على رأسهم المخلوع البشير، بقتل الضباط الذين عرفوا بمنفذي “حركة 28 رمضان” التي حاولت الإطاحة بنظام الإنقاذ في عامه الأول، دون إجراء محاكمات لهم، وتفيد شهادات بعض الضباط الناجين من أعضاء الحركة بخلاف الذين قتلوا، أن زملاءهم جرى رميهم بالرصاص دون محاكمات ودفنوا في حفرة واحدة بمنطقة مجهولة، وبعضهم دفنوا وما يزالون أحياء. وتقول تلك الاتهامات أن النظام البائد وقام لاحقًا بعد قتلهم بتدبير إجراءات محاكماتهم على الورق وهم موتى، ويتهم بالتورط في تلك الواقعة كل من المخلوع البشير والدائرة المقربة منه من أعضاء ما سمي آنذاك بمجلس قيادة الثورة، من بينهم الفريق عبد الرحيم محمد حسين والفريق بكري حسن صالح إلى جانب مدير المخابرات العسكرية حينها وبعض قادة النظام البائد من المدنيين.
١٢- ب”الفيديو” :
تسريب خطير للمخلوع البشير حول إعدام ضباط 28 رمضان
(أقر الرئيس السوداني المخلوع عمر البشير خلال فيديو مسرب بإعدام ضباط من القوات المسلحة 24 /4/1990م من حركة 28 رمضان . وظهر الرئيس المخلوع عمر البشير في مقطع مسرب نشرته قناة العربية في فيلم وثائقي، قائلًا خلال اجتماعات شورى الاخوان في 2013: “اوصلناهم الى رمضان ودفناهم”. وقال البشير : “لوسبقنا البعثيين بـ 48 ساعة ماالذي سيحصل 48 ساعة ياجماعة هولاء الناس جمعوا خيرة ضباط الجيش لم يكن عددا محدودا .. عددهم محدود كبعثيين لكن التنظيم فيه خيرة ضباط الجيش جمعهم تنظيم للضباط الوطنيين”. واضاف الرئيس المخلوع : “نحن استلمنا يوم الجمعة وكان موعدهم يوم الاحد ولم يتوقفوا.. يوم السبت بدا ضباط رمضان التنفيذ سمرنا الليل لاحباط محاولة البعثيين يوم السبت بعدها ضلوا يحاولو ويحاولوا حتى اوصلناهم الى رمضان ودفناهم ثم انتهت الحكاية”. واستعرض الفيلم الوثائقي لقناة العربية العديد من مقاطع الفيديو المسربة للحركة الاسلامية منها اقرار القيادي بالنظام البائد علي عثمان محمد طه بتدبير الحركة لإنقلاب 89 . وفي وقت سابق، كشف رئيس المجلس السيادي الانتقالي، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، ان لجنة التحقيق حددت مكان مقبرة شهداء 28 رمضان التى ظلت مجهولة منذ العام 1990 مشيرًا الى إنه سيتم التشاور بشأن نبش المقبرة أو الاكتفاء بوضع نصب تذكاري عليها أسماء الشهداء. وكان قد أصدر النائب العام قرارا قضى بتشكيل لجنة تحقيق في اعدام 28 ضابطًا من القوات المسلحة 24 /4/1990م حركة 28 رمضان .). ـ انتهي –
١٣- مرفقات (روابط لها علاقة بالمقال:
(أ)-
ذكرى إنقلاب « 28» رمضان /البعثيون يعترفون : إنقلاب من بنات افكارنا…
حركة الخلاص المنفذة للإنقلاب تكونت في أواخر عهد نميري
11 من ضباط الإنقلاب لعبوا دوراً في الإطاحة بالنميري ومساندة الإنتفاضة
جادين : الحركة ضمت بعثيين وناصريين وإتحاديين
لأول مرة يشارك ضباط متقاعدون في إنقلاب ولا يوجد بينهم مدنيين
الإنقلابيون تجنبوا إراقة الدماء ولم يعتقلوا إبراهيم شمس الدين
تعترف قيادات حزب البعث العرب الإشتراكي ي بضلوع الحزب في المحاولة الإنقلابية التي حدثت في مارس 1990م والمعروفة بـ«حركة 28رمضان»، وأكدت أن حركة الخلاص المنفذة للمحاولة الانقلابية هي كيان يضم عناصر الحزب في صفوف القوات المسلحة، وقد خطط الحزب للإنقلاب في أواخر عهد الرئيس الأسبق جعفر محمد نميري، لكن عند مجيء الانتفاضة أرجأ الحزب تحركاته الإنقلابية، ونشط الحزب لتنفيذ الإنقلاب عندما جاءت الإنقاذ إلى الحكم. وترى القيادات بأنها كانت في سباق محموم مع الإسلاميين نحو كراسي السلطة.. وأرجع البعث فشل محاولته الإنقلابية إلى ضعف الإتصالات بين منفذي الإنقلاب وثقة البعض الزائدة. (آخر لحظة) إستنطقت بعض القيادات، حيث أدلوا بإفادات مهمة، لكنهم حجبوا معلومات أهمّ قالوا إنها مرتبطة بمسائل لا زالت في المسرح السياسي السوداني .
وتؤكد قيادات حزب البعث العربي أن الحزب يقف وراء المحاولة الإنقلابية، والتي نفذتها حركة الخلاص، وكشفت مصادر موثوقة في الحزب لـ(آخر لحظة) إن البعث رتّب للانقلاب منذ أواخر عهد نميري وإنهم كانوا جاهزين للمحاولة، لكن أرجأت الحركة الإنقلاب بعد حدوث الانتفاضة. وأشارت المصادر إلى القضية التي حدثت بين صحيفة «الراية» وضباط متقاعدين كانوا على علاقة بالحركة، وقالت المصادر إن هذه القضية كانت جزءاً من السباق المحموم بين القوميين «حزب البعث» والاسلاميين «الجبهة القومية الاسلامية» لكن سارع الإسلاميون إلى كراسي الحكم حيث أطاحوا بالديمقراطية الثالثة.
ونفت المصادر مشاركة عناصر مدنية في المحاولة الانقلابية، وقالت إن الحركة كانت تهدف لحكم فترة انتقالية لتأسيس حكم وديمقراطي راشد تشارك فيه كل الأحزاب، وقالت أن الحزب كان يتابع المحاولة والتخطيط لها عن كثب عبر عناصره العسكرية الذين حكم عليهم بالإعدام مثل المقدم «م» عبدالمنعم بابكر، واللواء محمد عثمان بلول، واللواء محمد أحمد قاسم، وإنه تم تفويض الفريق «م» خالد الزين لقراءة البيان الأول وأن يتولى هو رئاسة الحكم في الفترة الإنتقالية.
وقالت المصادر أن الحزب كان على ثقة بنجاح المحاولة الانقلابية، منها قدرة المنفذين على أداء عملهم وكفاءة الضباط من الرتب الصغيرة في أداء واجبهم، وبالفعل نجح بعضهم في تنفيذ مهامه، لكن عدة أشياء أدت إلى فشل المحاولة منها ضعف الإتصالات بين المنفذين للإنقلاب وتأخر وصول واذاعة البيان الاول بسبب الاتصالات ايضاً وثقة البعض الزائدة.
ورأت بعض قيادات الحزب تعجيل تنفيذ الحكم بالإعدام على المتورطين في المحاولة الإنقلابية لإدراك الإسلاميين بأن حركة الخلاص تضم عناصر فاعلة وإن وجودهم سيمكن خلايا أخرى من تنفيذ محاولة انقلابية ثانية.
كمال بولاد: الإنقلاب خطط للإطاحة بالإنقاذ
ويقول الاستاذ كمال بولاد، إن الإنقضاض على الديمقراطية عبر الانقلابات العسكرية تعد حالة لا تشير إلى أزمة التطور الوطني في السودان فقط بل إلى حجم الاختناق الذي يحدث في مسيرة الصراع السياسي والاجتماعي في البلاد. لكن مجيء الانقاذ إلى الحكم في 30يونيو 1989م، كان انقلاباً عقائدياً رغم انه جاء تقليدياً واستخدمت فيه أدوات العسكريين الذين انقضوا على السلطة وحمل في بدايته نفي الآخر وإعتبار أن التاريخ سوف يبدأ مع بداية حكمهم لكن سرعان ما ظهر الوجه العقائدي للإنقلاب واستبانت أهدافه في تمكين رموز الإسلام السياسي.
ويضيف بولاد انه وبالرغم من موقف حزب البعث الذي تبلور عبر مسيرته وتطوير أفكاره وموقفه المبدئي من الإنقلابات العسكرية ورفضها إلا أنه كان يري في برنامج حركة الخلاص الوطني انه أفضل من استمرارية نظام الاسلام السياسي العقائدي، بل إنه ضمّ خيرة الضباط والكفاءات العسكرية، كما شهد لهم بانحيازهم لشعبهم في كثير من الأزمات السياسية التي مرت بالبلاد، ولذلك فإن إفادات المقدم «م» محمد محمد خير باشاب حول تأسيس حركة الخلاص وأهدافها والتي وردت في عدد الاربعاء 17اكتوبر 2006م نعتقد انها لحد كبير كانت صحيحة وكانت تشير إلى أن هذه الحركة جاءت من أجل إيقاف مسيرة الانقاذ وفتح الطريق لتطور ديمقراطي.
ويرى بولاد إنه إذا ما قدر للإنقلاب النجاح فكان سيتيح فرصة لإستمرارية الديمقراطية مع اصلاح مسيرتها ووضع الأسس الصحيحة للتحالف ما بين الحركة النقابية والسياسية وبناء المشروع الوطني القائم على التحرر وبناء التنمية..
وقال الأستاذ محمد علي جادين القيادي بحزب البعث – السودان – إن حركة الخلاص هي تنظيم لضباط لديهم إنتماءات سياسية مختلفة، بينهم بعثيون وناصريون وإتحاديون مثل العقيد طيار «م» محمد عثمان كرار وآخرين ينتمون لأحزاب أخرى.
وهذا التنظيم به ضباط أكفاء ومعروفون بالشجاعة مثل الفريق خالد الزين الذي كان أول دفعته في مجال الطيران في إنجلترا ، كما أن من بين منفذي المحاولة الانقلابية نحو 11 ضابطاً لعبوا دوراً كبيراً في الضغط على القيادة العامة للانحياز إلى الشعب في إنتفاضة 6 أبريل 1985، والمؤسف أن المجلس العسكري الذي كان يرأسه المشير عبد الرحمن سوار الذهب قام بعد شهر من الانتفاضة بإحالة هؤلاء الضباط إلى التقاعد. وهم مجموعة معروفة بمواقفها الوطنية في الانتفاضة.
ويشير الأستاذ جادين إلى إن المحاولة الانقلابية شارك فيها عدد كبير من الضباط المحالين للمعاش ،وهذه تحدث لأول مرة في تاريخ الانقلابات في السودان، وهم ضباط معروفون بولائهم للقوات المسلحة. ونوه جادين إلى ما أورده المشير عمر البشير رئيس الجمهورية في مؤتمر صحفي عقده بعد الكشف عن المحا ولة الانقلابية حيث ذكر أنها تستند إلى ميثاق التجمع الوطني الديمقراطي، ونريد تكوين حكومة من أحزاب التجمع ولديها علاقات بالحركة الشعبية.
وقد أكد الضباط الذين نجوا من الإعدام في إفاداتهم بأن لديهم علاقة بالتجمع ويهدفون لتكوين حكومة واسعة تشارك فيها الأحزاب والحركة الشعبية،، وكانوا يخططون لتكوين مجلس «برلمان» من كل الأحزاب ومجلس وزراء.
ويرى جادين أن محاولة 28 رمضان تختلف عن سابقاتها التي جرت في السودان لأنها تهدف لاستعادة الديمقراطية ولم تخطط لتكوين مجلس عسكري مما يؤكد أنها تريد حكماً ديمقراطياً. وفي رده حول أن الحركة يقف وراءها حزب البعث العربي ، قال جادين إن الحركة أسهها الذين نفذوا الانقلاب وهم الذين ضحوا من أجلها ولم يستبعد أن تكون لديهم إنتماءات حزبية خاصة البعث، مشيراً إلى أن الاعتقالات شملت العسكريين ولم تشمل عناصر البعث المدنية.
وذكر أنه بالرغم من فشل المحاولة الانقلابية إلا أنها استطاعت أن تكشف طبيعة نظام الانقاذ التي وصفها بالدكتاتورية وبشكل واضح حيث حكمت على 28 ضباطاً وعلى وجه السرعة بالإعدام ، كما أن الانقاذ بعد هذه المحاولة تعاملت بعنف وشراسة مع المعارضة وقامت بإحالة العديدإلى الصالح العام من الخدمة المدنية، كما ان اسر الشهداء قاموا بتكوين تنظيم وظلوا يحتفلون بذكرى المحاولة سنوياً بذكرى شـهداء 28 رمضان . وأورد الرائد «م» سامي آدم أحمد، وهو باحث عسكري، في كتابه «30يونيو والحركات المضادة.. أسرار وخفايا»، يتوقع أن يرى النور قريباً، أن حركة الخلاص و تحت قيادة اللواء محمد علي حامد حقق التنظيم انتشاراً كبيراً داخل وحدات العاصمة وبنى خلايا في معظم القيادات والاسلحة، ووصل مرحلة وضع الخطة العامة، وطرح برنامج قومي، ويلاحظ أن معظم ضباط هذه الحركة لا ينتمون إلى أحزاب سياسية، بل التيار العسكري الوطني العريض الذي تغلب عليه التوجهات القومية والديمقراطية، ويتوحدون حول رفضهم لسيطرة الجبهة الاسلامية القومية على الجيش وتحويله لجيش عقائدي، ويشار إلى أن تنظيم الضباط الأحرار شارك في هذه المحاولة.
تميزت هذه الحركات بتنسيقها لدرجة الشراكة مع قوات الشرطة، خاصة وحدات المباحث المركزية والاحتياطي المركزي، ويبدو أن وجود أحد ضباط الشرطة في القيادة «رائد شرطة جمال الشافعي» كان له دور في ذلك التنظيم وانتشاره واضح من حجم المعتقلين عند بدء التحقيق بواسطة أمن النظام فقد شمل 34 ضابطاً، طرد وسجن منهم 24 وتمت محاكمة 42 ضابط صف من المنتمين للحركة، عدا الذين فصلوا من الخدمة بسبب الشبهات، وتميّز قادة هذا الانقلاب، مثلهم مثل قادة حركة أبريل 1990وقادة أنا السودان اغسطس 1991م، بالاحتراف الصارم والكفاءة النادرة والشجاعة منقطعة النظير. بدأت الاعتقالات في 15مارس 1990م وانتهت المحاكمات في مايو 1990م وتم تخفيف حكم الاعدام الذي صدر ضد اللواء محمد علي حامد والرائد شرطة جمال الطيب.
حركة ابريل 1991م:
تزامن نشاط هذه الحركة في نفس الفترة التي عملت فيها حركة مارس 1990م، وتجدر الاشارة إلى أن «حركة الخلاص الوطني» ضمت تنظيم «تجمع الشعب السوداني» وهو تنظيم بدأ العمل في الفترة المايوية بعد منتصف السبعينبات ولعب دوراً في انتفاضة أبريل 1985م، وتنتمي قيادته ومعظم ضباطه إلى حزب البعث العربي الاشتراكي، ولذلك يعتبر السلسلة الفقرية لحركة الخلاص الوطني.
جرت عدة محاولات لدمج حركة مارس 1990م وحركة الخلاص الوطني في حركة واحدة، أو التنسيق في عملية الانقلاب المضاد، ولاسباب كثيرة لم تنجح هذه المحاولات، فاتجهت كل حركة للعمل منفردة. وتميزت حركة الخلاص الوطني بالتنظيم الدقيق ودرجة السرية وقوة المصادمة، ويبدو أن إعتقال بعض قياداتها «اللواء عثمان بلول، والعقيد محمد احمد قاسم» دفع التنظيم للإسراع بالتنفيذ، وفي هذا الاسراع كانت نقطة الضعف المميتة وترتبت عليه أخطاء فادحة، وأثناء التحقيق مع قادة حركة مارس 1990م، إذا بعدد 28 ضابطاً يفدونهم بعد فشل حركة 23 ابريل 1991م، فيما عرف بحركة رمضان، وإذا تمعّن أي محلل أو باحث عسكري في شخصيات الـ28 ضابطاً ونوعيتهم وصفاتهم لتعجب كيف تم إعتقالهم وإعدامهم.!!
ويبقى أن نشير إلى برنامج حركة ابريل فقد تضمن 14بنداً كان يمكن ان تؤسس لدولة مدنية ديمقراطية، وبنهاية حركتي مارس 1990، وابريل 1991م فقد الجيش والقوى الوطنية 164 ضابطاً مميزاً بين شهيد وسجين وطريد، بالإضافة لعدد ضخم من ضباط الصف والجنود.
لهذا فشلت المحاولة الإنقلابية
ويتفق الجميع أن المحاولة الإنقلابية فشلت للأسباب الآتية:
1/ ضعف الاتصال بين العناصر المنفذة للانقلاب.
2/ إخفاق الضابط المسؤول أي ضابط الإشارة – في تسليم أجهزة الاتصال للنقاط والوحدات والعناصر المنفذة .
3/ علم النظام بتحرك الانقلابيين قبل فترة مما ساعد في اختراق الانقلاب .
4/ عدم اعتقال الانقلابيين للمقدم الشهيد إبراهيم شمس الدين حيث فوجئوا بوجوده في القيادة العامة والفريق بكري حسن صالح والفريق عبد الرحيم محمد حسين.
5/ تعامل اللواء الكدرو بثقة زائدة دون أن يأخذ الضمانات الكافية.
6/ مراعاة الانقلابيين للمسائل الانسانية وظهر ذلك جلياً عندما ظهر الشهيد إبراهيم شمس الدين للشهيد إبراهيم السيد، حيث قال شمس الدين للسيد «خلاص المسألة انتهت» وكان في مقدوره إعتقاله او قتله ، كما أن الكدرو أعطى فرصة كافية لشمس الدين لتغيير أطقم الدبابات.
7/ إصرار الإنقلابيين على عدم تحويل المحاولة إلى دموية.
اخر لجظة