شاهدنا المظاهرات التي ما فتئت تشتعل أوارها في الشوارع الأمريكية بكل ولاياتها مطالبة برفع الحظر الصحي الذي حول الملايين من السكان إلى عطالى بعد أن فقدوا وظائفهم ومصادر رزقهم بسبب الحظر بسبب انتشار وباء “كرونا” وفي ألمانيا أيضاً ضاق الناس ذرعاً بالحظر وبدا البعض يتسرب بالشوارع وتحت ضغط الحاجة للعمل تمت الاستجابة جزئياً…
وفي إيران وتحت ضغوط الشارع الذي جفت مصادر رزقه رفعت السلطات الحظر جزئياً، وبينما عكفت السلطات الامريكية على دراسة رفع الحظر جزئيا تحت ضغط جيوش العطالى، بدت كثير من الدول الأوربية في معالجة الأمر قبل استفحاله.
الحقيقة التي لاخلاف حولها حتى وقت قريب هي أن جائحة كرونا لم تستطع فقط حبس سكان العالم في منازلهم بل حبس أنفاسهم داخل غرف نومهم، وذلك لسرعة انتشار المرض وخطورته والرعب الذي أدخله في نفوس الناس اجمعين.
لكن بعد أقل من شهر، وتحت وطأة الحاجة للعمل والطعام وانفجار البطالة، ظهرت حقيقة أخرى وهي أن “الحاجة” أقوى وأشد من الخوف، ولعل هذه الحقيقة يجسدها مشهد المتظاهرين الأمريكيين في كل الولايات الأمريكية الذين أرغمتهم ظروف العطالة والحاجة للعمل لمقابلة المنصرفات ، ارغمتهم على تحدي مخاطر فيروس كرونا القاتل، وقديما قيل أن سلطان الحاجة أقوى من الخوف.
كثير من الحكومات في العالم ستجد نفسها خلال الايام القليلة المقبلة في مواجهة مع شعوبها الجائعة والتي ستخرج للشوارع تحت وطأة الحاجة للعمل والطعام بعد أن فقد الملايين من سكان العالم وظائفهم ومصادر أرزاقهم بسبب الحظر الذي فُرض عليهم كتحوطات لمنع انشار الوباء.
السودان بالطبع لن يكون استثناء من ذلك، ونسبة للوضع الاقتصادي المنهار والغلاء الطاحن والضائقة المعيشية المفترسة التي غرزت انيابها في جسد المواطن السوداني منذ عهد النظام المخلوع، ونسبة لانفلات السوق وتفشي البطالة يتوقع أن تشهد البلاد مظاهرات لكسر الحظر ، وذلك لسبب واحد وهو أن المواطن السوداني بوضعه الحالي لن يتحمل كل أيام الحظر، ولذلك إذا أرادت الحكومة أن يبقى الوضع هادئاً عليها أن تركز جهدها في توفير السلع الضرورية بالمجان أو بأسعار مخفضة لأغلب السكان، كما يتعين عليها أن تقدم مساعدات ومنح للأسر الضعيفة وأرباب المهن الهامشية من الذين توقفت مصادر أرزاقهم.
ثمة أمر آخر يجب على السلطات الانتقالية الا تغفله وهو محاولة كوادر النظام الساقط استغلال هذه الاوضاع لأقصى حد ممكن، وذلك بتحريك الشارع واستغلال جيوش العطالى وحاجة الناس ، ولهذا أرى أن توجه أموال حملة القومة للسودان لمساعدة الاسر الضعيفة داخل احيائهم مع استمرار الحملة في الاستقطاب وجمع التبرعات..
اللهم هذا قسمي فيما أملك..
ضع نفسك دائما في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق انه يراك في كل حين.
احمد يوسف التاي
الانتباهة