يتعامل الثوار مع حمدوك كرئيس للحكومة وعلى أنه الرئيس الفعلي الذي جاءت به ثورتهم التي أطاحت بنظام المؤتمر الوطني، إلا أن حمدوك بحسب الكثير من الشواهد لا يبدو الرئيس الفعلي رغم الدعم الشعبي والعالمي الذي يحظى به، فهو يبدو مكبلا وواضح عدم تفاعله مع أهداف الثورة والثوار..! إذن من هو الرئيس الفعلي؟!
هل هو عبد الفتاح البرهان؟! لا أعتقد أن حركة البرهان، وصورته التي تبدو مهزوزة تدل على أنه الرئيس الفعلي لكون الرئيس الفعلي يبدو مهيبا حتى وإن لم يكن صاحب تجربة، فالشعور بأنك الرئيس وصاحب القوة يمكنه تحويل شخصيتك الضعيفة الى قوية بطريقة تلقائية وهذا ما لم يحدث للبرهان طوال عام من تقلده لرئاسة “الهيلمانة” في السودان، فصورته ومواقفه لا تعبر عن صورة رئيس آمر وناهي…! إذن من هو الرئيس الفعلي؟!
هل هو حميدتي؟! في الحقيقة هو الشخصية الأقوى فعليا من خلال تحركاته وثباته، واتخاذ قراراته، لكنه لا خبرة سياسية له تمكنه من السيطرة على كل المشهد ليكون محركا لكل اللعبة، الى جانب أنه يتعرض لهجوم كبير من الثوار، ومراقبة دولية تهدد مستقبله السياسي وهي عوامل لا تساعد على الطمع والتخطيط للسيطرة على المشهد الكلي مستقبلا، والأكثر من ذلك أن هذه العوامل ستجعله يتوارى بعيدا عن الفعل السياسي! إذن من هو الذي يقود الحكومة بكل مكوناتها وأجهزتها وجعلها بلا طعم وبلا رائحة، بل جعلها تسير عكس هوى الثورة والثوار؟!
هل هي قوى إعلان الحرية والتغير التي كانت تقود الحراك الثوري وتنظمه؟! لا أعتقد ذلك، لأن ذلك يعتبر مجازفة غير مدروسة الاحتمالات لكونها تخلق شقة كبيرة بين الثوار وقادتهم، ولكن ماذا يعني سكوت قوى إعلان الحرية والتغيير على الذي يحدث للدولة؟! خاصة التدهور المريع للواقع الإقتصادي، والتباطوء في تنفيذ أهداف الثورة من إزالة للتمكين واسترداد الأموال ومحاكمة المجرمين؟! هل هو الهبوط الناعم كتكتيك سياسي للمحافظة على أمن السودان، أم أن قوى الحرية والتغيير هي نفسها وقعت فريسة تلك الجهة المجهولة التي تدير شأن الدولة بهذه الطريقة المستفزة والمستخفة بالشعب لتتحول حياة المواطن الى جحيم تجعل الضعيف الذي لا يهتم لأمر الحرية والعدالة يبكي حسرة على أيام البشير وفساد نظامه، لا أعتقد أن قوى الحرية والتغيير هي التي تقف وراء هذه السياسات التي جعلت المواطن ينادي برفع الدعم، ويدفع للحكومة لإنجاح نفرتها وصادرات البلاد من ذهب ومواشي ولحوم ومنتجات زراعية وصمغ عربي، والحكومة تشكو من قلة ذات اليد، والدولار كل يوم “يطير” والحكومة تجتمع، وتجتمع، وتجتمع، وتكون اللجان وتخرج على الناس تضحك رغم هذا الواقع القاتل…!
من عطل قرار إنهاء تكليف الولاة بعد أن صدرت التعليمات من قيادتهم العسكرية بتسليم شؤون الولايات لأمناء الحكومة؟ ولماذا؟! ولماذا يتم تأخير تكوين المجلس التشريعي؟! لماذا الجرجرة؟! هل تصدقون أن قوى اعلان الحرية والتغيير تهتم لتهديدات الحركات المسلحة؟! وهل يمكن للحركات المسلحة أن تلوي ذراع قادة الحراك الثوري؟! ولماذا تصر الحركات المسلحة على تعطيل تكوين الأجهزة التي تضمن للسودان أن يطلق وفق رؤية واضحة بدلا عن هذه (الخرمجة) التي تحدث؟! هل الحركات المسلحة تتفق مع الدولة العميقة والنظام المخلوع على إضعاف روح الثورة والإنحراف بها؟! في الوقت الذي كان يمكن أن يتم الإتفاق على تعيين ولاة مؤقتين يتم اعفائهم بعد اتفاق السلام، مع تكوين المجلس التشريعي والاتفاق على ترك مقاعد للحركات المسلحة شاغرة يتم شغلها فور الاتفاق على السلام!
إذا كان قوى اعلان الحرية والتغيير ليست هي الجهة التي تدير الدولة وتحرك بيادقها، إذن من يدير السودان الآن ويعمل على قتل الثوار (مغسة) واعدام المواطن حسرة وجوعا؟! أبحثوا معي!
الوسيلة حسن مصطفى
الراكوبة