لينا يعقوب وصحافة الوزن الخفيف

لا اتهم الصحفية لينا يعقوب بعدم الوطنية ولا احتقار الشارع السوداني لسبب بسيط وهو اني لا اعرفها ولا اطلق الاتهامات بلا مبرر. ايضا للجميع الحق في الكتابة عن ثورة شعبنا العظيمة التي اطاحت باكثر الانظمة ظلما وبطشا في تاريخ البشرية الحديث. طبعا هناك صحافيون كالطاهر حسن النوم مثلا ورغم مقدراتهم علي التنميق اصبحت بوصلتهم الاخلاقية والمهنية تشير الى الطغاة فقط.

ان ثورة ديسمبر والاحداث التي قادت اليها واطاحت بالطاغية وابقت علي معظم نظامه حتي الان لهي جديرة بالكتابة عنها والبحث فيها واستخلاص الدروس والعبر.

ولكن كتابة تختلف عن كتابة. فهناك كتاب وزن الريشة ليست لديهم المقدرة الذهنية ولا الالتزام الاخلاقي للبحث والتقصي. كما ليست لديهم الصرامة الاخلاقية والمهنية للبحث عن الحقيقة. فلقد قفزت الاستاذة لينا يعقوب الى الدور المحوري لصلاح قوش في فتح الطريق الى الثوار للقيادة العامة. التركيز على هذه الجزئية فقط دون النظر الى الصورة الاكبر التي تمت فيها غير مهني ومضلل وقفز لاستنتاج ليس له اقدام من الحقائق ليمشي عليها لبضع سنتميترات.

الثورة ككل الاحداث الكبري ظاهرة اكثر تعقيدا في سلم الظواهر. فهناك ظواهر بسيطة يمكن لاية شخص ان يربط النتيجة بالسبب حيث هناك علاقة مباشرة بين السبب والنتيجة. العلاقة خطية وبسيطة جدا. هناك ظواهر معقدة والعلاقة بين السبب والنتيجة موجودة ولكننا نحتاج الي خبرة الخبراء ومقدرتهم علي التحليل والتمحيص والوصول الي عدة تفسيرات ونتائج وهذه ظواهر معقدة complicated. وظاهرة ثورة ديسمبر اكثر تعقيدا من المقعد، ليس من حيث عدد العوامل فقط بل من حيث التفاعل بينها، وهي ظاهرة مركبة واعني ان هناك عدد من العوامل المتفاعلة والمتداخلة التي ادت اليها والتي يصعب حتي بالتحليل معرفة العلاقة بين السبب والنتيجة فيها. نعم هناك دور لصلاح قوش وقد يكون ما قالته لينا صحيحا ولكن ليس مفسرا كما ارادت هي لانتصار ارادة الشباب وتصميمهم الذي استمر ويستمر حتي يومنا هذا رغم ضعف وهوان قحت وحكومة حمدوك. فهذا تبسيط يذكرنا بالعمي الذين سؤلوا عن ما هو الفيل واجابوا كل حسب الجزء الذي لمسه. فمن لمس الخرطوم وصف الفيل بجذع شجرة وهكذا الخ القصة المعروفة. وهناك ايضا دور للبشير ودور لحميدتى وكتائب الظل ولكن دراسة الظاهرة وتقصي اسباب نجاحها وفشلها لا يتم بتلقف سبب واحد ومحاولة تفسيرها به.

تفسير الظواهر المركبة لا يتم بتلقف احد العوامل واعلاء شانه بدليل ان فلان او علان قد قال او اكد لنا ما نبحث عنه. التفسير يقوم به الصحافيون الجادون الذين يسلكون الطرق الوعرة التي تبحث في الظواهر وفي تفاعلها وكيف ادي هذا التفاعل الي حدوث هذه الظاهرة او تلك. لقد احرزت لينا سبقا صحفيا واحدا لا شك فيه وهو انها صحافية من الوزن الخيف جدا.
أحمد الفكي

الراكوبة

Exit mobile version