حسين خوجلي يكتب:
لا تقرأ هذه الوثيقةُ الخطيرة يا حمدوك
دائماً ما كان الشيوعيون يحرصون في كل الحكومات الانتقالية والانقلابية على مفاصل العدل والنائب العام لتصفية الخصوم أولًا، واثراء مكاتب المحامين التابعين للحزب بالأتاوات والتسويات والإستشارات الباطنية للشركات والبيوتات المالية ورجال الاعمال.
ويمتد اهتمامهم لوزارة الثقافة والاعلام والتربية والتعليم والصحة بحرصهم على تزييف المفاهيم والسيطرة على نقابة الاطباء وشركات الأدوية وكانوا دائما يهربون من وزارة المالية لأنهم يعلمون أنها تواجه الأزمة وتدير معركة الاقتصاد المنهار.
ولأنهم اشتهروا بانهم لا يملكون برنامجا للتغيير ولا استقطاباً للرساميل، ولذا فقد ارتضوا لأنفسهم الدور السهل التقليدي الذي يسلقون به الوزير وسياساته بألسنة حداد مثلما يفعلون اليوم.
وقد كنت اتساءل ما هو السبب الحقيقي في تعيين الكادر الرشيد سعيد يعقوب وكيلاً لوزارة الثقافة
و الإعلام (وهو المنصب الأكثر أهمية من المنصب التشريفي للوزير) لما يحويه من صلاحيات ومسئوليات. فهذا الكادر لم يشتهر بأي معرفة إعلامية ولا موهبة ثقافية فكل الذي يعلمه أهل السودان أنه توعد في قنوات أجنبية الاسلام بالإقصاء والشريعة بالإلغاء، وأنه يرتبط مصاهرة بإبنة عراب انقلاب 19 يوليو المشؤوم.
وبحكم خبرتي السياسية والاعلامية والنقابية المتواضعة كنت دائما أبحث عن سبب قصي غير الذي يعلمه العامة في بطاقة التعيين، وقد وجدته اخيراً في مقطع فيديو انتشر قبل أيام يخاطب فيه الرفيق الرشيد جداد القحاطة الذين يديرون فيه حملة الكوميديا السوداء لتشويه سمعة الخصوم والمعارضين واغتيال شخصياتهم.
وقد كانت رسالته القميئة باختصار تقول -والفيديو مبذول بين ايديكم- (ويمكننا الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي ضدهم دون أن نتعرض للمسائلة القانونية بأن نختلق أخبار وهمية، ويكلف أحدكم ابن عمه في استراليا مثلاً أن يفتح حساب تويتر او فيسبوك وهمي، ويرسل لنا معلومة ملفقة نقوم نحن بخبرتنا بوسائل التواصل الاجتماعي بتوزيعها داخل السودان دون مساءلة البوليس. وحجتنا أن نقول له بأن هذا الخبر أتانا من الخارج وقد أعجبنا وقمنا بتوزيعه)
وأضاف ساخراً لقلة زاده في دين الناس وثقافتهم: وفاعل المنكر ليس .. (برهة صمت) ولا بقولوا شنو يا محمد سليمان الجماعة ديل؟
فيرد عليه محمد سليمان ويبدو أنه مفتي الرفاق في الجلسة ضاحكاً: (ناقل الكفر ليس بكافر)
فيلتقطها الرشيد ضاحكا وساخراً: (نعم نحن ناقلي الكفر لكن ما كفار). ومن المشهور أن الرفاق يتباهون برزيلة الاستلاب بأنهم لا يحفظون الفاتحة ولا المعوذتين، ويختم الزميل خطابه التعبوي في مدرسة كادر القحاطة بابتسامة لزجة وينتهي الفيديو الفضيحة.
تخيل يا دكتور حمدوك أن مسئول الثقافة والاعلام الأول بوزارتك (مقطوعة الطاري) الرفيق المرفوض والمفروض على أربعين مليون مسلم، هذا الذي لا ينتمي لشريعتهم ولا لثقافتهم. هذا الموتور خلال هذا لفيديو يحرض بلا حياء كوادره الاعلامية، أن تكذب وتزيف وتنتحل وتغتال خصومها ومعارضيها من أبناء السودان بلا أي وازع من ضمير أو أخلاق أو شرف أو رجولة .
إننا نعلم يا سيادة الرئيس أن هذا الاعتراف الذي قدمه هذا اللا رشيد واللا سعيد يفضي به إلى محكمة عادلة وناجزة، اذا كان بهذا التغيير مروءة أو شرف، ورغم ذلك نحن لا نطالبك باقالته أو اغتياله مهنيا أو حزبيا. فهو قمين عبر هذه المواهب أن يكون قياديا مقدماً بالحزب العجوز، بل إننا على النقيض من ذلك نستحلفك بالله أن تُبقيه في منصبه وأن تضيف له مورداً استثنائياً في الوزارة والسفارة لأن في بقائه اضافة لحركة الوعي والاستنارة وسط جماهير شعبنا الصابرة.
وأن في الاصطبار عليه تعجيل بثورة العلم والايمان والحرية القادمة التي ستسترد انتفاضة الشباب المسروقة، وتدفع بسلطة الكفاءات من الأتقياء الاخفياء في الصدارة لصناعة سودان العلم والايمان والكفاية والعدل.
ولكأني بيوم التغيير الحقيقي والحرية المثمرة قادم وراجع، وأن الصبح المأمول مشرق وباهر وقريب.
حسين خوجلي