الحرية والتغيير تُحذِّر من رفع الدعم عن الوقود.
تعجّبتُ وأنا أقرأ هذا التحذير في شريط إعلاني في إحدى القنوات مما دفعني للسؤال عن أي وقود يُحذِّر هؤلاء وأين هو الوقود والأزمة وصلت حداً لم تصله من قبل ، وليعلم من يُحذرون أنّ جالون الجازولين تجاوز الثلاثمائة جنيه في السوق الأسود (إن) وجد مما يعني اقتراب برميل الجازولين الواحد من (15) مليون جنيه ولا أتحدث عن الفاشر أو زالنجي بل في قلب العاصمة وصل الجالون إلى هذا المبلغ الخُرافي ، أما المدعوم الذي تحذرون من رفع الدعم عنه أصبح من العسير الوصول إليه ويحتاج منّا الوقوف أيامٍ بلياليها وليتك تصل.
المحطة التي تُجاور منزلي وأنا أستخدم سيارة تعمل بالجازولين وضع أصحابها قطعة قماش كبيرة أعلنوا فيها أن المحطة لا يتوفر فيها وقود مدعوم (بنزين وجازولين) وتعمل بنظام البيع التجاري والذي لا إله إلّا هو السيارات ملأت بصفوفها الملتوية كُل الميادين والساحات القريبة منها وجازولين مافي ، فعلام التحذير وأنتم لا تملكون مخزوناً يكفي للمدعوم ولا للتجاري والله أعلم من أين للمالية بالدولار الذي يُمكنها من إستيراد الوقود.
من يستخدم المواصلات وغالب أهلنا البُسطاء لا وسيلة لهم غيرها نجدهم اليوم يُنفقون أموالاً مُضاعفة في سبيل الوصول من وإلى مساكنهم وليتها تتوفّر ، مع زُهد أصحاب المركبات بحجة أن لا وقود إلّا بالسوق السوداء وبالتالي تتضاعف عندهم قيمة التذاكر لمقابلة تكلفة الوقود العالية وغيرها من اسبيرات وخلافه ، والواجب أن ندعم الدولة لا أن نُحذرها من رفع الدعم وترك الأمر للشركات للمنافسة عليه وسن قوانين فاعلة وضوابط صارمة لدعم وقود المركبات العامة ومركبات نقل السلع ووقود الزراعة والصناعة.
أظنكم تُشاركونا الحياة وتعلمون حجم المُعاناة الحقيقية وتُشاهدون معنا بأعينكم الصفوف الفظيعة واعلموا جيداً أن الأمور لن تسير هكذا وغداً سيبدأ الشُح وتتضاعف الأسعار لعدم وجود الوقود للنقل وتخيّلوا معي كم من الوقود تحتاج سيارة النقل الكبيرة من بورتسودان للجنينة وهل سيضطر هؤلاء للشراء من السوق الأسود أم ينتظر المدعوم والتجاري مع عدم وجودهما وكم ستكون تكلفة الترحيل التي يتحمّل تبعاتها في نهاية الأمر المواطن.
الثورة غالية جداً يجب الحفاظ عليها بعيداً عن العنتريات والحماس الثوري والذي يجب أن يكون داعماً للثورة والدولة لتعبُر بنا إلى بر الأمان وأن لا تتخذوه مطية لاضعافها وتضييعها ، أزمة الوقود في أسوأ أحوالها الأن والحل الجذري يحتاج إلى سد كل منافذ التسريب وقطع الطريق أمام من يُتاجرون بهذه السلعة التي نحتاجها باعتبارها الداعم الرئيس للتنمية المنشودة ، ولن نفلح في وقف التجارة والتلاعب بها إن لم نضع لها من الضوابط ما نُعرقل به الطريق أمامهم بتوفيرها (تجاري ومدعوم) وضبط الصرف للمدعوم إلّا ببطاقات للفئات المذكورة أعلاه.
زاهر بخيت الفكي
الجريدة