:: ومن المحن، حسب صحيفة ( سودان فيرست)، أرجع بعض الصيادلة و الموردين أسباب إرتفاع أسعار الكمامات إلى تخزينها من قبل التُجار، بغرض بيعها بأسعار غالية، ثم وجدوا أن أسعارها تضاعفت عالمياً، أعادوا تصديرها إلى الصين، وأن شركات صينية اشترت كل الكميات الواردة من السودان .. كلام غريب، تحدث به بعض الصيادلة و الموردين، وموثق – بالصوت والصورة- في موقع الصحيفة ..!!
:: لو صدق هؤلاء، أي لو أن هناك من يتعمد تخزين الكمامات لحين ارتفاع أسعارها، أو يُعيد تصديرها بألدولار، فعلى الأخلاق السلام و على الرقابة كذلك، ونأمل أن نسمع رأي اتحاد الصيادلة و مجلس الأدوية وشعبة المستوردين فيما يحدث من جشع وطمع..شركات الأدوية، بالدول التي حولنا، ساهمت في استقرار أسعار الكمامات و المعقمات، و ساهمت في استقرار أسعار الأدوية، ولم تفعل شئ غير التحلي بالمسؤولية، والوقوف إلى جانب شعوبها وحكوماتها ..!!
:: ولكن هنا، موطن التماسيح وبؤر الذئاب، وكأنهم في بروج مُحصنة – مع أسرهم وأهلهم – ضد المرض والموت، رفعوا أسعار الكمامات والمعقمات – بين ليلة وضحاها – إلى أضعاف ما كانت عليها .. و غير بعيداً عن قضية الساعة، حسب صحيفة (الصيحة)، حذّر أطباء من فجوة دوائية كبيرة ونُدرة في العقاقير، بجانب ارتفاع في أسعار الأدوية بنسبة (20%)، ووصفوا المَوقف الدوائي في البلاد بأنه ( سيئ ).. ولا علاقة لهذا الأزمة بجائحة كورونا، بل ( ذات صلة مباشرة بتسعيرة الدواء المفروضة من مجلس الصيدلة )..!!
:: فالشاهد أن بنك السودان عاجز عن منح شركات النقد المطلوب للاستيراد، لتجأ الشركات إلى الأسواق السوداء أو تحجم عن الاستيراد.. وعليه، بما أن وزارة المالية والبنك المركزي – كالعهد بهما منذ عهد المخلوع – لن يوفرا لشركات الأدوية الدولار بسعر المركزي، فإن البلاد إما على موعد مع فجوة دوائية لتوقف الشركات عن الاستيراد، أو على موعد مع ارتفاع جنوني في أسعار الأدوية في حال استيراد الشركات بأسعار (الأسواق السوداء)، وليس هناك أي خيار آخر..!!
:: ثم إلى متى يلاحق المريض سعر الصرف غير المستقر؟، وهل من العدل والعقل أن تقفز أسعار الأدوية (20%)، خلال ثلاثة أشهر ؟.. ومن الغرائب أن الحكومة تتحدث فقط عن دعم ما تسميها بالسلع الاستراتيجية، ثم تختزل هذه الاستراتيجية في الوقود والرغيف، وكأن الأدوية من الكماليات.. فأي دعم حكومي يجب أن يكون (للأدوية أولاً)، أي قبل أي سلع.. للرغيف بدائل، ثم إن أزمة الوقود لم تقتل الناس، ولكن لا بديل للأدوية غير الموت.. ولذلك فإن رفع الدعم عن الأدوية كان وما يزال (كارثة)..!!
:: ولا خيار غير إعادة الدعم لحين تحسن سعر الصرف، أو تحريك السعر التأشيري لمجلس الأدوية، ثم تتحمل الحكومة آثار الزيادة ومتاعبها السياسية.. رفع الدعم عن الدواء والمستهلكات الطبية مع توالى ارتفاع سعر الدولار مَسألة (غير أخلافية).. فالأدوية و المستهلكات ليست أثاثت منزلية أو ألعاب زينة، بحيث ترفع عنها الحكومة الدعم نهائياً، ليجد المريض نفسه ما بين مطرقة الغلاء و سندان الفجوة.. فالقضية يجب أن تكون أسعار الأدوية .. وكما تعلمون لا فرق بين مخاطر الكورونا ومخاطر غلاء الأدوية، إذ كل المخاطر تؤدي إلى الموت ..!!
الطاهر ساتي
الصيحة