ولأننا شعب مغامر وما بنعرف نعيش إلا في أجواء البوبار والشفتنة والشوفونية، طبيعي جداً تجينا أم الكوارث طاوية حبالا.
ومنتهي كون أنه بدافع إرضاء الذات ونزعاتها ونرجسيتها، نجيب لروحنا وغيرنا أم الكفاوي، ما مهم وزير الصحة يقول شنو، ولا رئيس الوزراء يطلب شنو، ولا والي الخرطوم يعمل شنو، لأنهم ببساطة في وادي والشعب في وادي تاني خالص.
لاحظت الأيام الفاتت الشوارع مزدحمة بالعربات، والمواصلات العامة طبعاً تملأ وتفضي في الركاب، وزارة الصحة شغالة 24 ساعة تنصح وتوجَه في الشعب، يطلع لينا العسكري والي الخرطوم يعلن حالة الطوارئ وتطلع حزمة من القرارات لدحر الوباء، (قرارات سليقة ساي)، والشعب ولاااا كأنه معني بالكلام دا، (مطلع لسانه وساخر من كلام الحكومة)، الشفاتة ماليين الشوارع والأسافير بالنكات والضحك والقرقراب، (كورونا، جنيتي إنتي؟) ، أما ناس كورونا مين البتمنعنا العديل والزين وانصاص الفنانين شغالين غنا وهجيج، مستلمين ثمن بيعهم لأرواح الناس (كاش). نجوم المجتمع (دا لو عندنا نجوم بالمعنى المتعارف عليه طبعاً) ديل بقى مسردبين وعايشين حياتهم كما ينبغي، بدل ما يشتغلوا في إطار مسؤوليتهم المجتمعية مع الحكومة كتف بكتف توعية ونصح وإرشاد، خاصة للناس البسيطة اللي بتشوف في النجوم ديل مصدر إلهام ليها بدلاً عن حمدوك وحميدتي، لأ وكمان في منهم شغالين حفلات أعراس في صالات المناسبات ومهججين بناس العرس ومجهجهين باكات باقي الشعب، وعدادهم رامي وقروشهم مستلمنها على داير المليم.
في ناس تانية بقى حايمين ومحددين البلد طولاً وعرضاً، الفاتحة هنا والدافنة هناك، والسماية فطور، والطهور غداء، والمصيبة التانية في ناس شغالة تخاريج رياض أطفال وزحمة شفع وغبار وكتاحة وكواريك كبار وصغار، والبيع شغال وبرد جوفك بالليمون والكركديه، ودلع كرشك بساندوتشات الطعمية من شارع الله أكبر. ديل كلهم معتبرين نفسهم خارج كوكب الأرض، وكورونا دي ما اظن طقشت أضانهم، او طقشت وعملوا ميتين، ويقولوا ليك عادي قبلها جات انفلونزا الطيور وانفلونزا الخنازير وحمى الوادي المتصدع، والحمدلله مافي سوداني مات. ولو في موت، بيكون بسيط ولا يذكر.
التجار أصحاب صالات المناسبات، معتبرين نفسهم خارج نطاق جمهورية السودان، سادين دي بطينة ودي بعجينة وأمورهم باسطة. ما هاميهم كرونا تقتل منو وتفط منو طالما الحكومة شايفة وساكتة، مش كدا، وحارسة الصالة كمان.
جيشنا جيش الهنا، الشايل مالنا وحارق دمنا، دا بقى عمل شخيت وقال أقيفوا بعيد، مافي حالة إشتباه واحدة تدخل مستشفياتنا، ما شفنا تصريح واحد للجيش أعلن فيه وقوفه جنباً إلى جنب مع الحكومة والمواطن لدحر العدو القادم من الخارج، ويبدو انه محاربة أعداء الدول الأخرى هو المهمة الأساسية لجيشنا (اللهم أعد جنودنا من اليمن وليبيا سالمين)، أها الجيش دا للأسف فقد مكانته الزمان في قلوب الشعب، وبقى لا فرق بينه وضمير الغائب والضمير المستتر.
في النهاية مهم جداً نقول للشعب لو الحكومة ما وعتك، أبقى واعي براك، الإستهتار يا حكومة ما حبابه، والتهاون جريمة بيحاسب عليها القانون لو في قانون أساساً، ساهل جدا إنك تطلع قرارات، لكن المحك الحقيقي إنك تلحقها بعقوبات رادعة وفورية في الظروف دي، إحنا ما أفضل من أمريكا ولا كوريا ولا فرنسا، إحنا ما عندنا حاجة أساساً نحارب بيها الوباء غير نقعد نتحبس في بيوتنا بس. مافي مرقة ولا دخلة إلا للشديد القوي، الفهلوة والشفتنة والتراخي مافي ليهم سطر في قاموس الكورونا.
اجمل تعليق سمعته من طبيب بيوصي رجل الشرطة (اي زول يتحاوم بدون شغلة، أرفعوا في التاتشر وجيبوهوا لينا في الحجر، في الكرنتينا، لا تدقوهوا ولا تسجنوهوا، ولا تملوهوا بمبان، أسبوعين معانا في الحجر، لو طلع ما حامل للفيروس اقلاها حيطلع فاهم شنو وباء).
ارحمونا يرحمكم من في السماء، وياحكومتنا أبقي قدر المسؤولية وأمنعي الفوضى بالقانون، أضعي قانون حاكمي بيهو المخالفين، سجن، غرامة، إعدام، مافي زول تاني حيطلع، غير كدا كلنا حنموت موت الضان يا حمدوك.
هنادي الصديق
الجريدة