حسين خوجلي: فانتازيا البعث في ميدان جاكسون!!

أهم الفروقات بين البعثيين والشيوعييين هي:
1/ أن رسول البعثيين هو الصليبي ميشيل عفلق ورسول الشيوعيين هو اليهودي كارل ماركس.
2/ البعثيون قدموا الدم واللسان على الدين ليتيحوا للأقلية المسيحية في المشرق العربي السيطرة على الاغلبية المسلمة بحجة العلمانية وفصل الدين عن الدولة. والشيوعيون قدموا المادة على الدين وأبعدوا الميتافيزيقا والغيب واعتبروا الدين أفيون الشعوب، واستخدموا أسلحة الحقد الطبقي الصهيوني في إعدام مئات الآلاف من المسلمين في آسيا الوسطى ، وسيطروا على الكثير من العواصم المسلمة والعربية بالقهر والمؤامرة، وشاركوا في المسخ والاستلاب الثقافي بالعلمانية وفصل الدين عن الدولة أيضا.
٣/ البعثيون والشيوعيون (ظاهرة صوتية) يستغلون برامج الهتاف والشعارات والإنجازات العدمية، لفظهم الاتحاد السوفيتي والصين حيث الفكرة والمنشأ والتجربة، بل لفظتهم كل العواصم الأوربية والآسيوية والعربية والأفريقية، فلم يجدوا نفوذاً إلا في السودان (الهامل) الذي أرهقوه وانهكوا شعبه بكل الذي ترونه الآن بين يديكم من عوز وعزلة وعذاب .
٤/ للبعثيين والشيوعيين علاقة غريبة ومريبة بينهم ففي كل العواصم التي تحالفوا فيها مذابح وثارات، وفي السودان يستبطنون حقدا أعمى وكراهية مستعرة، ويجملونه بوداد كذوب وإبتسامات صفراء تقطر أسنانها دما وصديدا.
وسوف أستعرض لاحقا اشارات قادمات لكثير من الفروقات والمفارقات، ولكنني اليوم استريح معكم مع أشهر ظاهرة صوتية تجمع بينهم والتي يمثلها الناشط البعثي محمد ضياء الدين، فقد ملأ الدنيا منذ سنوات زعيقا بمثالب الإنقاذ، ووعد عبر منابر الانقاذ التي اتيحت له أنهم إذا حكموا سوف يملأون الدنيا عدالة وقمحاً ولبناً وعسلاً، بعد أن مُلئت بالجور والعشر والحسكنيت.
كنت شخصياً أترقب منصب محمد ضياء الدين لأرى ماذا سيفعل بنا عمر بن عبد العزيز الجديد؟؟
وفي حقيقة الأمر كنت أتوقع للرجل منصباً أكبر من الذي اغتنمه، ولكنه خذلني وخذل الكثيرين حين ارتضى بمنصب مدير ( بصات الوالي) وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم، واعداً بحل ضائقة المواصلات إلى الأبد.
وقد استمع الجميع إلى خطبته السفيانية يوم قادسية الاستلام، فقد أرعد وارغى وأزبد وصرخ في خطبة شهيرة إبتدرها مزمجراً ( على أي مؤتمر وطني وأي كادر أمني أن يجمع “بقجته” ويغادر) وقال أهل السودان ما ضرنا إن احتملنا بعض العذاب إنتظارا لكثير من العذوبة، فكانت النتيجة المحزنة الماثلة أن المئات من البصات المعطلة ظلت كما هي فاغرة الفم بالسخرية والانتظار المر، ورفض مجلس الوزراء طلب الثائر الحالم باستيراد ألف بص جديد، وقالوا له ضاحكين لو كنا نملك ثمنها لكان القمح أولى.
ويذكر الاعلاميون والصحفيون مرافعته المضرية الأخيرة وهو يسب ويلعن الدولة العميقة والدولة الغريقة وجنازة البحر الانتقالية التي خذلته بعدم التمويل. وبعدها تكاثفت الصفوف في أنتظار فجر المواصلات الكاذب حتى صارت كل محطة مظاهرة كاملة الدسم لا ينقصها إلا الصراخ المكتوم وكتمان الغضب (في الحشا المحروق) خوف الشماتة.
٥/ وإذا كان لأزمة المواصلات كرامة واحدة فهي أنها أراحت الإذاعات والقنوات والاجتماعات ومواقع التواصل الاجتماعي من ادعاءات الرجل ومزاعمه بدولة ( الكفاية والعدل) واخرسته إلى الأبد.
٦/ ورغم ضجر الحضور فللمسرحية اليقينية الخيال فاصل أخير حيث احتشد الناس في رابعة النهار بموقف ( جاكسون) وقد اعتلى الرفيق وجدي صالح عضو القيادة القطرية لحزب البعث، ليقدم رفيق دربه محمد ضياء الدين الذي اعتلى حافلة متهالكة خالية من الوقود، اسلمت إطاراتها للتراب ومقاعدها للكتاحة اغتنموا فرصة غياب صاحبها الذي احتجز (بالنقعة) لإصابته بداء الكرونا وهو يبحث عن قطع غيار باهظة لا سبيل للعثور عليها. صرخ الرفيق ضياء الدين في المئات من الجموع المعروقة اليدين المغسولة بعرق الانتظار، ولفح الشمس الباطشة ودموع اليأس ( يا أيها النشامى والماجدات أحييكم تحية الرفيق زكي الارسوزي المفكر القومي الكبير حيث قال: إن الثائرين لا يحدقون في الواقع لأنهم انفلتوا من الأمس صوب المستقبل الرائع، وعليكم وفق القول البديع هذا أن تتجاوزوا قضية الخبز والوقود وأزمة المواصلات، وأن تجعلوا شعاركم الاستراتيجي (الجوع الكافر ولا الكوز القاهر) وكانت الصدمة بالغة حين هتف المئات في جاكسون بصدق وعزيمة وتحدي (الكيزان ولا السرطان).
وبعدما هدأ الهدير إقتربت من الكادر العربي الاشتراكي المصدوم معلمة في منتصف العمر متعبة لكنها شامخة، وهمست في أذنه بأبيات الفيتوري الرامزات:
أيها السائق رفقاً بالخيول المتعبة
قف…
فقد أدمى حديد السرج لحم الرقبة
قف…
فإن الدرب في ناظرة الخيل اشتبه
هكذا كان يغني الموت حول العربة
وهي تهوي تحت أمطار الدجى مضطربة!

حسين خوجلي

Exit mobile version