رضينا بالهم !

من الأمثال العربية المعروفة مثل يقول (رمتني بدائها وانسلت) ، أي عيرتني بعيب هو فيها وذهبت، أو ألصقت بي تهمة هي (ستها) وغادرت، وهو مثل يقال لمن يحاول لصق عيوبه بغيره، ، لأنه لا يراها ولا يشعر بها، مثال أن يتهم الفارون من المواجهة غيرهم بالجبناء، أو أن يلصق الخاسر فشله بالشركاء.
ومناسبة هذا المثل (بنجيها بعد شوية) ولكن دعونا الآن نشير إلى أن الحقيقة المرة التي بات يعلمها معظم السودانيين الآن هي أن من عرقل مسار هذه الثورة العظيمة وجعلها مقعدة لا تلوي على شيء هي اللجنة الأمنية للنظام المباد والتي أبت إلا أن تشارك (أيدنا في كراعنا) في الحكومة الإنتقالية وتصبح مكوناً منها و(للأسف الشديد) ليس من أجل حمايتها وتوفير الجو الملائم لها لتخطط وتعمل وتنتج في ظل إستلامها لوطن مليء بالإشكالات المتنوعة ولكن لتحمي رموز النظام المباد وشركاته ومؤسساته ومليشياته ممسكة بتلابيب الشق المدني (وواقفة ليهو في حلقو) في كل ما يخص الخطط الإصلاحية التي من شأنها الخروج بالبلاد إلى بر الأمان وقد كان ذلك واضحاً وجلياً لكل ذي عقل من (المعافرة) والتشدد ومحاولات (تكبير الكوم) التي صاحبت صياغة ما يعرف بالوثيقة الدستورية !
وعلى طريقة (رضينا بالهم والهم ما راضي بينا) فقد جاء في الأخبار أنه في أحد الإجتماعات الأخيرة التي ضمت المجلس السيادي ومجلس الوزراء وقوى الحرية والتغيير.. أن (الفريق البرهان) وهو رئيس المجلس السيادي (يعني راس الشغلانية) قد ابتدر الحديث في الإجتماع موضحاً: (الناس بتعاني في صفوف البنزين والمخابز و الأزمة تستفحل مما يفتح الباب للمتربصين بالسودان).. ثم يطلب الاقرار بالفشل !!
وهنا نأتي للمثل : (رمتني بدائها وإنسلت) الذي تذكره العبدلله وقد بلغ به الإستغراش مداه لقوة العين ومفارقة (الواقع) إذ يبدو أن (البرهان) وهو يصف الحكومة الإنتقالية بالفشل أنه يتناسى كونه رأس الدولة ، وأنه (أول زول) يتحمل أي إخفاق يصيبها فهل سأل (البرهان) نفسه ماذا قدم لهذه الحكومة بصفته رئيساً للمجلس السيادي؟ وماذا قدم (الجنرالات المعاهو) ؟
للبرهان كل الحق في وصف (الشق المدني) بالفشل وتحميله كل الأخطاء لأننا (كشعب وحكومة مدنية) لم نحمله وزر قتل إبنائنا الابرياء العزل أمام القيادة العامة حيث لم يستطع حمايتهم بل إختفت قواته دون إبداء أي أسباب (حتى الآن) لتتركهم صيداً سهلاً (للكائنات الفضائية) التي أعملت فيهم آلة التقتيل و(مش كده وبس) فالقائد ومسؤولي أمنه ومخابراته لا يعلمون كنه هذه القوات حتى اللحظة (ولو عارفين يقولوا لينا) !
يتحدث السيد البرهان عن الفشل والإخفاق وهو يعلم (زي جوع بطنو) أن المكون العسكري هو من أقعد ويقعد هذه الثورة عن بلوغ مراميها والوصول إلى غاياتها وأن هذا المكون منذ (الإبتداء) يتخذ من أسلوب (عصاية قايمة وعصاية مدفونة) أسلوباً ونهجاً لإرضاء من أتوا به وهذا لا يخفى على هذا الشعب اللمحنك الواعي (بس عاوز يشوف آخرتا) !
تساءلنا ولا نزال (والثورة تدخل عامها الثاني) عن حل الأجهزة الأمنية التي لا زالت تخضع (للقوم) والتي تقع هي (تحت مسؤوليتو) ؟ تحدثنا عن الشركات الكبرى التي أسست وأُنشئت وجهزت من دم هذا الشعب ولا زالت عائداتها تذهب للجيوب والحسابات الشخصية ولا تعلم الدولة عن أرصدتها السابقة أو مداخيلها الحالية شيئاً؟
ثم هل أخبرنا (البرهان) عن (السر) وراء تبعية (وزارة الإتصالات) التي تقع تحت مظلتها شركات الاتصالات ذات الدخل اليومي الخرافي لادارة المكون العسكري رغم انها من الوزارات الايرادية التي يفترض ان تتبع لمجلس الوزراء ، هذه الشركات التي تضارب في السمسم والدهب والوقود والدولار الذي أصبح بفضل مضاربتها له تجاوز المائة ألف وأصبح له أكثر من ثلاثة أسعار في اليوم الواحد.
يتحدث السيد برهان ويلقى باللائمة على (الشق المدني) ووزير المالية قد تم تجريده تماما من الولاية على أموال شركات الأجهزة الأمنية التي تبلغ عائداتها (خليك من أصولها) مليارات الدولارات ، والتي قيل أنها فاقت الأربعين شركة أمنية تعمل في كل ما يخطر على البال من أعمال تجارية ولها مكاتب في معظم عواصم العالم التجارية (وعربات ومكاتب وأثاث ومدراء)!
هذا قليل من كثير أقعد وسوف يقعد هذه الثورة من بلوغ مراميها بسبب مخطط (اللجنة الأمنية) للنظام المدحور الذي أصبح واضحاً للعيان لذلك فإن رمي الحكومة بالفشل ليس إلا مصداقاً للمثل (الجمل ما بشوف عوجة رقبتو) ولكن حتى تكتمل صورة هذا المسرح العبثي الذي نعيش فيه فللأسف إن (الجمل شايف وعااارف) بس (عامل رايح) كما يقول أولادنا .
كسرة :
نبارك للجنة الأمنية والثورة تدخل عامها الثاني نجاحها في (عدم) محاكمة (ولو) فاسد واحد من فسدة النظام المدحور .. !
كسرات ثابتة :
• أخبار الخمسة مليون دولار التي قال البشير أنه سلمها لعبدالحي شنووو؟
• أخبار القصاص من منفذي مجزرة القيادة شنووووو؟
• أخبار ملف هيثرو شنوووووو؟ (لن تتوقف الكسرة حتى نراهم خلف القضبان)
• أخبار محاكمة قتلة الشهيد الأستاذ أحمد الخير شنوووووو؟ (لن تتوقف الكسرة إلا بعد التنفيذ)

الفاتح جبرا
الجريدة

Exit mobile version