بلدياتنا ارتكب مخالفة صغيرة في مملكة هولندا ..حكم عليه بالسجن لمدة شهر ..كان يراسل صديقه من داخل السجن (في زمن الرسائل الورقية) ..كان يغالب الاحزان ليس لسجنه ولكن لقصر مدة السجن ..السجن في هولندا كان يؤمن له سكناً نظيفاً وسريراً مرتباً ..تتغير الاغطية كل يوم ..اكل صحي وشهي ..رياضة يومية ..مكتبة للثقافة ..كما انهم احضروا له مصلاة ومصحف..وكان يختم رسالته ضاحكاً بأنه سيظل يرتكب مخالفات في هولندا طالما انها تؤمن له قضاء عقوبة سجن الفنادق هذه.
تابعنا جميعاً كيف استقبلت دولة الامارات العربية رعايا دول أخرى ..كيف كان حجم الاستعداد من الطائرة وحتى دخلوهم منطقة الحجر الصحي ..كيف كان الناس المحجورين سعداء وهم يجدون كافة اسباب الرعاية والعناية و الاهتمام ..قارن بين هذا وبين كم الاهمال التساهل الذي تم به استقبال البصات القادمة من مصر ..ومن ثم كنا ننتظر ان يتقبله المسافر المرهق جراء الرحلة الطويلة وحجم التجاهل والتنمر الذي لاقاه في الطريق ..هل يمكن ان يذهب بكامل قواه العقلية الى منطقة الحجر الصحي..؟
الشئ الذي استغرب له ان مقاليد الامور الآن بيد من كانوا في تلك البلاد التي تكرم الانسان وتحترمه لماذا تغيب عنهم ابسط الاشياء ؟ ان كنت تريد تقييد حركة شخص ما ..لابد من تهيئة مكان يغريه بالاقامة خاصة ان هذا الشخص مشتبه به ليس الا ..ولم تظهر عليه اي اعراض ..ماذا يضير وزارة الصحة السودانية لو بثت توجيهاتها في المداخل بكل هدوء وحزم ؟..ماذا لو تم التنسيق مع الجهات الرسمية لالزام القادم السوداني بدخول الحجر الصحي على ان يتم ذلك بكل احترام لآدمية الانسان وليس بتلك الممارسات التي نعلمها ..ماذا كان يضير؟؟
القادمون من مصر ..ضاقوا الامرين من رفض السكان وتعنت الجهات الرسمية وفي النهاية عندما وصلوا امدرمان وكان قد تسرب منهم من تسرب ..تلقوا المفاجأة ان السلطات الصحية لم تجهز لهم مكاناً للحجر ..ولم تكن هناك اي استعدادات من غذاء ودواء ..دا اسمو شنو دا ؟ وساكن وين ؟ ما بال (الكلفتة) لا تراوح مكانها ؟ اعتقد لو أوكل هذا الامر لاحد حراس الترس ايام الاعتصام لقام به أفضل مما حدث ..اين ذهب كل ذلك التنسيق والترتيب ايام اعتصام القيادة ؟ اين ذهبت روح المثابرة والتنظيم والتي مكنت الناس من ترتيب افطار رمضان للآلاف من ابناء البلاد ..دعك من 300 شخص ؟
انما أهلك الذين من قبلكم ..كثرة الرحلات الى الخارج للاطلاع على تجارب الآخرين ..وعند الاحتياج للنقل من تلك التجارب ..تجدها قد صارت نسياً منسياً ..وترجع حليمة لعادتها القديمة ..تنتظر لآخر لحظات ومن ثم تتفاجأ بالشئ يحدث ..فتسود حالة من الارتباك برهة من الوقت ومن ثم تحدث ( الكلفتة والربكة) ..وتأتي بعد ذلك شماعة الامكانيات تجر وراها عبارة ضيق الوقت وايه مش عارف ايه .. تعلموا من الآخرين ..يا اخوانا ..اجعلوا منطقة الحجر الصحي جاذبة وجديرة بالاقامة فيها للبشر ..مثل تلك الصور التي تم تداولها من مستشفى يونيفرسال والتي نزلت برداً وسلاماً على رواد مواقع التواصل الاجتماعي وكان لها أثر طيب جدا عكس ذلك الذي فعلته صور الحجر الصحي في تلك المناطق النائية .. اذ ان المفترض ان يكون حجراً صحياً وليس منفى يا جماعة .
# اغسل يديك بالماء والصابون لمدة عشرين ثانية على الأقل.
# تجنب المصافحة وأماكن التجمعات
ناهد قرناص
الجريدة