بعد إقرار وزير الصحة الاتحادية .. انعدام أدوية بالصيدليات .. أرواح في مهب الريح

بعد إقرار وزير الصحة الاتحادية..
انعدام أدوية بالصيدليات.. أرواح في مهب الريح..

مواطنون: نعاني كثيراً من أجل الحصول على الدواء وتكررت عبارة (ماعندنا أمشي الصيدلية التانية)

طبيب صيدلي: الأدوية المنقذة للحياة يجب أن تقوم بتوفيرها الامدادات الطبية

وزير الصحة الاتحادي: هنالك انعدام وشح في الدواء وفجوة في تغطية العلاج المجاني

منذ عهد النظام السابق تطل أزمة الدواء ما بين الفينة والأخرى، ويصبح المواطن أو المريض هو الضحية الاكبر وأزمة ربما تفتح الباب على مصراعيه لمعرفة مكامن الخلل في أعقاب التغيير الذي شهدته البلاد في الحقل الطبي بصورة عامة وحتى ذلك الوقت يجد المواطن نفسه محاصراً بمجموعة من الازمات الخانقة في وقت كشف فيه عدد من أصحاب الصيدليات بالعاصمة الخرطوم أن الدواء يتم تهريبه الى دول الجوار وأرجعوا ذلك بسبب عدم توفر الدولة للدولار الجمركي الخاص باستيراد الادوية بينما ذهب آخرون الى رأي آخر حيث قالوا إن السبب وراء انعدام الدواء هو عدم تسعير الدولة للادوية وحمل عدد من الاطباء الصيدلانيين مسئولية الازمة الى الحكومة نظرا لأنها لم تقم بتوفير الدولار الجمركي الخاص باستيراد الأدوية مما يحتم على الجهات المختصة أن تضع أيديها فوق وتقوم بكتابة روشتة تنقذ المرضى من جحيم المعاناة التي ظلوا يرزحون بها لأكثر من ثلاثين عاماً مضت وتزامنت هذه التصريحات في وقت تجابه فيه البلاد وباء الكورونا بعد اعلان الوزارة عن حالة اول وفاة بكورونا مؤخراً.

إقرار بالأزمة

قبل أيام أماط اللثام وزير الصحة الاتحادي أكرم علي التوم خلال المؤتمر الصحفي الذي عقدته سونا والذي أقر فيه بوجود فجوة في الميزانية لتغطية العلاج المجاني من قبل الصندوق القومي للامدادات الطبية بلغت 7 ملايين يورو ونوه بتأخير دفع المبلغ منذ نوفمبر الماضي وأوضح اكرم ان الجهات الحكومية التزمت بدفع 11 مليون يورو فقط من المبلغ المطلوب 18 مليون يورو واعترف الوزير بانعدام الدواء الحكومي ووجود شح فيه بينما ارتفعت أسعار الادوية في الصيدليات التجارية وأكد وقف اعتمادات الدواء بالمؤسسات الخاصة ونوه لحاجة القطاع ل8.55 مليون يورو ويأتي هذا التصريح في ظل انعدام تام للدواء بالصيدليات وكشف عدد من المواطنين أن هنالك ندرة في الدواء خاصة الأمراض المزمنة كالضغط والسكري وأمراض القلب وقال علي سليمان لـ(الجريدة) انه طاف عدداً من الصيدليات بالسوق العربي من أجل توفير الدواء لوالده الذي يعاني من مرض السكري وأشار الى أن هناك ارتفاعاً مهولاً في أسعاره وأوضح أن هنالك ندرة وشح كبير في الدواء، وحمل سليمان الجهات المختصة مسئولية ذلك وطالب بتوفير الادوية خاصة المنقذه للحياة، مؤكداً أنها لا تتحمل أي تأخير وبرر ذلك لأن المريض في حوجة ماسة لها ومن جانبها تحدثت أيمان الطيب لـ(الجريدة) أنها عانت كثيراً من أجل الحصول على الدواء وطافت عدداً كبيراً من الصيدليات وأشارات انه حتى الادوية التي تبحث عنها لما تجدها سواء كانت داخل التأمين او خارجه وأضافت (الناس دي تموت وألا شنو) وأنها اضطرت الى الذهاب الى احدى الصيدليات بامدرمان بحثاً عن دواء لامراض الضغط وأوضحت انه حتى أبسط الاشياء التي يكون الانسان في حاجة ماسة لها، ورصدت الصحيفة خلال جولتها بعدد كبير الصيدليات بالسوق العربي وبحري أن المواطنين يجدون معاناة كبيرة في الحصول على الدواء وتكررت عبارة (ماعندنا أمشي الصيدلية التانية).

الامدادات الطبية

وكشفت الجولة التي أجرتها (الجريدة) أن هنالك ندرة في الأدوية بصورة عامة والمنقذه للحياة بصورة خاصة وقال طبيب صيدلي فضل حجب اسمه للصحيفة ان الأمر برمته يتعلق بسعر الصرف والأدوية التي هنالك شح فيها كالسكري والضغط ودربات العمليات وأرجع ذلك بسبب سعر الصرف وأكد أن الشركات تقوم باستيراد الادوية من الخارج مبيناً أنها لاتستطيع أن تقوم ببيعها وبرر ذلك بسبب تذبذب سعر الصرف، وأضاف: يجب على الحكومة أن تقوم بحفظ حقوق أصحاب الشركات التي تعمل في استيراد الادوية وطالب بأن تكون هنالك تسعيرة موحدة لافتاً الى أن الشركات لا يمكن أن تقوم بالبيع عن طريق الخسارة موضحاً أنها فقط تضطر الى تخزينه ونوه الى أن البعض منها يقوم ببيع جزء قليل فقط مشيراً الى أن المواطن لايستطيع شراءه وأكد أن هناك ارتفاعا في الادوية الخاصة بالتهاب الكبد، بينما ذهب الطبيب الصيدلي أحمد عبد العظيم في منحى آخر وقال لـ(الجريدة) إن الادوية المنقذه للحياة يجب أن تقوم بتوفيرها الامدادات الطبية للمستشفيات موضحاً انها تتمثل في الدربات وانواع من الحقن وأعتبرها أشياء ضرورية وأشار عبد العظيم الى أن هنالك ندرة في الدواء منذ أكثر من (6) أشهر ماضية ودلل على ذلك بانعدام الادوية الدائمة (cns) وهي خاصة بالامراض النفسية والعصبية، وأكد انه يجب على الامدادات الطبية أن تقوم بتوفيرها منوهاً الى أن الامر لا علاقة له بسعر الصرف وأوضح أن بنك السودان المركزي هو المعني بتوفير الدولار من أجل استيراد الدواء الا انه لا يقوم بذلك مما يجعل الشركات تضطر الى شراء الدولار من السوق الاسود وتقوم ببيعه كما تشاء مبيناً أن التدهور سببه الرئيسي عدم توفير الدولار الجمركي لافتاً الى أنه تم تحديد 10./. مقابل كل دواء لأن الدولة هي من تسعر الدواء وأوضح أن هناك ارتفاعاً كبيراً في أسعار الادوية وأكد أن الدولة عاجزة عن توفير الدولار الجمركي لاستيراد الدواء، وأشار الى أن العاصمة الخرطوم وحدها يوجد بها ما لايقل عن (2400) صيدلية ونوه الى أن السوق الاسود أيضاً جزء من الأزمة ويتسبب في ارتفاع الاسعار كالدربات والحقن بجانب انعدام أدوية الطوارئ وكشف أن الانسولين غير متوفر تماماً الا لدى الامدادات الطبية، مؤكداً أن هناك عدداً كبيراً من الشركات تتلاعب بالاسعار وأوضح انه في السابق كانت الشركات تقوم باعطاء الدواء لـ3 أشهر الى اأامام وأن الشركات العالمية تقوم باجراء دراسات تجارية وتطالب العميل بتحديد الدواء وكميته وكان تسديد المبلغ يتم خلال عام.

تهريب للدواء

ومن جهتها تحدثت طبيبة صيدلانية فضلت عدم ذكر اسمها لـ(الجريدة) وقالت إن أدوية الصرعة غير متوفرة وأن هناك شحاً كبيراً بها وأوضحت أن هناك تهريباً مخيفاً فيما يتعلق بالدواء من الدول المجاورة وكشفت ان الدواء أصبح يسيطر عليه أفراد بعينهم ولفتت الى أن الدربات الخاصة بمرضى البروستات يقومون باعطاء خمسة دربات فقط من أصل عشرين، من الامدادات الطبية وأوضحت أن الناس أصبحت مضطرة لشراء الأدوية مبينة أن هناك شحاً أيضاً في أدوية الخصوبة او الـ(mfc) فضلاً عن أنها في ارتفاع مستمر لأسعارها ونوهت أيضاً الى وجود شح في أدوية العيون وتوفير القطرات، مؤكدة انها متوفرة فقط لدى مكة، وأوضحت أن الحكومة لديها الحل الذي يتمثل في توفير الدولار الجمركي.

بيان مسبق

كانت غرفتا مصنعي ومستوردو الدواء قد أعلنوا مسبقاً عن حل أزمة توفر الأدوية في البلاد، بعد أن اتخذت حزمة معالجات وتدابير من أجل انجلاء الازمة مؤخراً قاطعة ابتداء من الشهر الماضي لضمان توفر الموارد اللازمة من أجل استقرار الوضع الدوائي بالبلاد.

وقالت الغرفتان في بيان سابق إن الجهات الحكومية عقدت اجتماعات متوالية مع مستوردي ومصنعي الأدوية لضمان توفير الدعم اللازم لاستيراد وتصنيع وتوفير الأدوية في السوق السوداني والإمدادات الطبية، مؤكدة انه حتى لا يحدث أي انقطاع يؤثر على الوضع الصحي.

وأضاف البيان بأنه نتجت عن الاجتماعات حزمة قرارات ومعالجات أدت لحل المشكلة في الوقت الحالي، إضافة لوضع معالجات على المدى المتوسط والطويل، بما يؤدي لحل المشكلة بشكل كامل.

وأثنت الغرفتان على جهود كل الجهات الرسمية ممثلة في وزارات “المالية، التجارة والصناعة، الصحة”، ومكتب رئيس الوزراء ورئيس الوزراء، والتي اسهمت في حل مشكلة الدواء التي كادت أن تتسبب في أزمة انقطاع دوائي الفترة المقبلة وأشادتا بنهج التدخل العلمي المبكر للحكومة الانتقالية لمعالجة وتفادي نذر الكارثة قبل حدوثها، “وهو المنهج الذي ينبغي أن يسود ويستمر وعلى الرغم من التوصل لحلول مبكرة الا أن الازمة لا زالت لم تبارح مكانها”

تحديد نسبة

بعد تضاعف سعر صرف الدولار، وتخطيه حاجز المائة جنيه تضخمت أسعار السلع جميعها ولم يكن الدواء استثناءً منها، هو أيضاً بدوره قد ارتفعت أسعاره، بصورة جعلت بعض المواطنين يبدون تذمرهم نتيجة لتأثره المباشر بزيادة سعر الدولار، لأن أكثر من 60% من الدواء في السودان، يستورد بالعملة الصعبة، والباقي يصنع محليًا، ولكن من خلال مُدخلات إنتاج، ومواد خام تستورد هي الأخرى، في وقت حمل فيه عدد كبير من أصحاب الصيدليات انعدام الدواء الى فشل الإمدادات الطبية للقيام بدورها، وهي الجهة الحكومية المسئولة والمناط بها توفير الأدوية الضرورية أو الدائمة والأصناف الباهظة، للاسواق المحلية ولدعم دولار الدواء، باعتباره السلعة الأكثر حرجًا لعلاقته بصحة الإنسان، وإنتاجيته و كانت الحكومة في العهد البائد تخصص 10% من حصيلة دولار الصادرات – غير البترولية – بسعر البنك المركزي لشركات الأدوية، حتى تستورد به أصنافها، فيحافظ الدواء على أسعار لا تتأثر بتضخم سعر الدولار، في السوق الموازي و هذه السياسة كانت توفر ما يقارب 200 مليون دولار، في حين أن التقديرات، تشير الى أن سوق الدواء يحتاج ما لا يقل عن 400 مليون دولار سنويًا، ورغم عدم كفاية هذه الحصيلة من الدولار، للإيفاء بكل الاحتياجات، مما اضطر كثيرًا من شركات الأدوية، لشراء دولار إضافي من السوق الموازي، وتحمل الفرق والخسارة، إلا أن الحكومة السودانية، بدلًا من زيادة هذه الحصيلة المدعومة، قررت إيقاف هذه السياسة تمامًا في نهاية عام 2016، قررت حكومة النظام السابق تحرير سعر دولار الدواء، أو بمعنى آخر عدم توفير الـ200 مليون دولار، بسعر البنك، وهي التي لم تكن تكفي بالأساس، وتحريك سعره من 6.86 جنيهًا إلى 15.8 مما نجم عنه زيادة مباشرة في أسعار الدواء، كانت وقتها تفوق الـ50% مما تسبب في خروج الآلاف من المحتجين ونددوا بسياسات النظام السابق.

الخرطوم: عثمان الطاهر
صحيفة الجريدة

Exit mobile version