لا شك أنه عملُ جبانُ ولا يشبه شعبنا العظيم الشجاع، فالاغتيالات والتصفيات الجسدية لم تكن يوماً خياراً عند كافة القوى السياسية في السودان، لحسم معارك السلطة والمعارضة ، وظل معارضون وأسرهم يعيشون في كنف أنظمة حكم باطشة فلم تجرؤ على مر العهود على اغتيال أحدهم ، وظلت حركات المعارضة المسلحة تشن حرباً لا هوادة فيها في جنوب السودان لعقود ، وفي النيل الأزرق وجبال النوبة، ثم في دارفور لأكثر من (17) عاماً ، لكنها لم تطرح إطلاقاً فكرة اغتيال الرئيس أو نائبه أو أي من رموز الحكم في الخرطوم .
ولهذا ، فإن ما جرى أمس في “بحري” عند نفق كبري “كوبر” ، في مشهد محاولة اغتيال رئيس الوزراء الدكتور “عبدالله حمدوك” هو جريمة دخيلة وغريبة على ثقافة شعبنا الطيب المسالم .
نحمد الله كثيراً على نجاة رئيس الوزراء، وهذا من لطف الله على عباده أهل السودان، الصالحين.. المُصلين.. المحسنين والمستغفرين ، وندعوه – ربنا – أن يشمل بلادنا برحمته ،ويحفظها من المتربصين والعابثين والمخربين ، ويفك ضائقتها ويفرج كربتها ، إنه قادر كريم .
غير أن حادثة الأمس التي تمثل تطوراً خطيراً وجديداً على الساحة السياسية السودانية، تفرض على التحالف الحاكم (قوى الحرية والتغيير) الانتباه بجدية و مسؤولية إلى مخاطر استمرار حالة السيولة الأمنية التي ضربت البلاد خلال الأشهر الماضية ، بتراجع دور جهاز الأمن والمخابرات، واستضعاف قوات الشرطة وتهميش دورها المهم في الملفات الأمنية، ما فتح الكثير من الثغرات على جدار الأمن القومي ، ورفع الغطاء عن بلادنا لتمرح فيها أجهزة المخابرات الأجنبية ، تتصنت وتخترق .. تشتري وتبيع .. وتغتال !
أصابع المخابرات الدولية ظاهرة في المحاولة التفجيرية أمس، والهدف ليس اغتيال “حمدوك” ، بل يتجاوزه إلى ضرب الأمن والاستقرار في السودان ، وجره إلى مواجهة دموية لا تبقي فيه ولا تذر ، ليلحق بركب سوريا ، ليبيا ، العراق واليمن .
انتبهوا أيها السادة .
الهندي عزالدين
المجهر