في أول حوار له بعد عودته للعمل السياسي ابراهيم الشيخ لـ(الجريدة) (1-2):
هذه أسباب
استقالتي..وعودتي!!
أنا ما (زعلان) من خالد سلك واختلفنا في تقديرات التعامل مع الملفات!!
صحيح كانت هناك خلافات بيني وحميدتي والجبهة الثورية وتجاوزناها!!
إلتقيت بأصحاب الفاخر تحديتهم وهي شركة غير مؤهلة وعاجزة وعلى المالية وقف التعامل معها!!
في هذه المدرسة (اغتميت) وأحسست أن الأوجاع هي ذات الأوجاع القديمة!!
ليست هناك مواقف صمدية وهذا رأيي في رفع الدعم!!
قبل 28 يوماً تفاجأت الأوساط السياسية بخبر صادم، هو استقالة الناطق الرسمي لقوى الحرية والتغيير وعضو المكتب السياسي للمؤتمر السوداني إبراهيم الشيخ، تزامنت الاستقالة في التوقيت مع لقاء عنتبي الذي جمع رئيس المجلس السيادي البرهان برئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو، ما جعل كثير من الاستفهامات ترفع عقيرتها حول إنسحاب الشيخ من المشهد، خاصة وأن الرجل آثر الانسحاب دون ذكر الأسباب التي دفعته للاستقالة صراحة، ذات الأسئلة تجددت بعد قرار المجلس المركزي للمؤتمر السوداني برفض استقالة الشيخ بالاجماع وعودته للعمل السياسي، (الجريدة) أجرت حوار معه وحصلت على الافادات التالية.
حاوره : أشرف عبدالعزيز
*26 يوماً مضت وعاد ابراهيم الشيخ للعمل السياسي دون أن يكشف أسباب إستقالته؟
– أولاً أنا شاكر جداً لصحيفة (الجريدة) التي فتحت لنا صدر صفحاتها في أصعب الأوقات وأشدها ظلمة، فالقوانين الباطشة كانت تكبل وتقيد الحريات، ولكن (الجريدة) كانت في ذاك الوقت حاضرة في المشهد السياسي، وأتاحت لنا المساحات رغم التضييق عليها فأصبحت صوت الشعب.
ثانياً أنا سعيد بأن نلتقي بعد الثورة في أول لقاء لنا، وأستطيع أن أقول إن استقالتي هي تعبير لعدم الرضا بما يدور في كل الجبهات والذي تلبسني تماماً، فإخترت أن أنأى بنفسي بعيداً، بالشكل الذي لا يترك الكثير من التداعيات والأسئلة، والقصد هو أن تتدارك الناس الثغرات التي تعتري المشهد .
*بشكل أدق مزيد من التفصيل في هذا الصدد؟
– بحكم العلاقات المتعددة، أنا ألتقي جماهير الشعب السوداني في المناسبات وفي الطرقات وفي الندوات السياسية، وكانوا جميعاً يسألون بشكل متكرر عن الحال والمآل، وماكنت أمتلك إجابات كافية، سواء عن معالجات الجهاز التنفيذي للأزمات أو عن الوضع الأمني أو الأوضاع الاقتصادية أو ملف السلام أو لجان التحقيق في فض الاعتصام وغيرها من الموضوعات، لم تتوفر لدي إجابات كافية وحاسمة ونهائية، أحسست بعجزنا في مواجهة كثير من القضايا، والتي من شأنها إثارة الاحباط وسط الشعب السوداني .
*ثم ماذا؟
– زرت مع وفد من المؤتمر السوداني كردفان، والرحلة بدأت من بارا، ثم الأبيض فالنهود ووبنده وفاكوكي والمجلد وبابنوسة، إنتابني إحساس خلال هذه الزيارة بأن الأوضاع لم تتغير، وأن الثورة لم تصل إلى هذه المناطق، وأكثر موقف هزني زرنا أحد المدارس ووجدنا فيها ذات الحال البائس الذي كانت عليه المدارس في عهد النظام البائد، ليس هناك أي بصمات جديدة (لا اجلاس، ولا ابواب ولا اسوار والجدران متصدعة) ، (اغتميت) وأحسست أن الأوجاع هي ذات الأوجاع القديمة، وتذكرت بأننا عندما كنا في المعارضة ونطوف على تلك المناطق والأصقاع ننتقد النظام المباد ونكيل له الشتائم على قصوره في تقديم الخدمات والتنمية، والآن نحن رجال الدولة وهذا ماعاد ممكنا، والناس يريدون منا ذات المطالب التي كنا نمنيهم بها، حقيقة حصلت لي بعض الانكسارات وأحسست بأننا نجتمع وننفض دون أن نقدم حلولاً للخروج بالأزمة إلى بر الأمان، هذا هو ما دفعني للتقدم بالاستقالة.
*هناك من يعتقد غير ذلك، ويرى أن خلافاً حاداً نشب بينك وبين حميدتي هو سبب الاستقالة؟
– شهدت الجولة التي شاركت فيها ممثلاً لقوى الحرية والتغيير في مفاوضات جوبا عدة تباينات، وأبرزها الخلاف حول مسار الشرق، وكذلك النزاع مع الجبهة الثورية فيما يتعلق بتمثيل قوى الحرية والتغيير ضمن الوفد الحكومي، صحيح كانت هناك تباينات كما أسلفت في وجهات النظر، ولكنها لم تصل إلى درجة القطيعة.
*ماذا عن الخلاف مع حيمدتي تحديداً؟
– صحيح كانت هناك بعض الخلافات مع حميدتي، ولكن تجاوزنا الخلاف مع كل الأطراف والعلاقة قبل مغادرتي جوبا كانت (سمن على عسل) مع الجميع.
*ماذا عن الخلافات داخل المؤتمر السوداني، ويتسامع الناس أن أحد أسباب استقالتك هو نتيجة «زعل من خالد سلك»؟
– أنا ما (زعلان) من خالد عمر (سلك) وأحبه جداً، وهو يتمتع بقدرات جيدة، ولكن هناك تباين بيننا في وجهات النظر فيما يتعلق بالتعامل مع الملفات المختلفة، فقد تختلف تقديرات خالد ومواقفه في كثير من الأحيان عن مواقفي، وما عادت هناك أسرار (زمن الغتغتة والدسديس انتهى) ..يضحك (انتو الكلام دا بجيبو من وين)؟.
*هل تفاجأ الحزب بالاستقالة؟
– الحزب له نظام أساسي ولوائح، ومع ذلك الحزب نفسه ملك للشعب السوداني، وفي كثير من الأحيان ضغوط الشارع قد تجعلك تحيد عن الضوابط التنظيمية قليلاً، وقد تختلف أيضاً قراءتك للمشهد من الآخرين، عموماً استقالتي ليست خطأ أو خطل، بقدر ماهي القاء حجر في البركة الساكنة، وصوت عال للفت الانتباه لسد الثغرات.
*بالتأكيد تعرضت لضغوطات من أجل التراجع والعودة؟
– فعلاً تلقيت رسائل لا حصر لها من المشفقين الذين يمثلون كل فئات الشعب السوداني، حتى أن بعضهم لا أعرفه فقط سمع عن تجربتي السياسية، ومن الذين حاولوا إثنائي المهندس عمر الدقير وعبدالقيوم رئيس المجلس المركزي للمؤتمر السوداني وعربي مسؤول الاعلام، واتصل بي البرهان رئيس المجلس السيادي وحمدوك رئيس مجلس الوزراء ومكتبه، وزارني وفد من أبناء حمر برئاسة عضو المحكمة الدستورية حاج آدم سالم، ومن المجلس المركزي لقوى التغيير كمال بولاد وحيدر الصافي وكذلك يوسف محمد زين، كل هذه الاتصالات والوفاء توجت بالرفض الكامل للمجلس المركزي للمؤتمر السوداني للاستقالة، حيث تم إستدعائي للمثول أمامه السبت الماضي وهو أعلى هيئة في الحزب، وبعد أن استمع المجلس إلي رفض الجميع الاستقالة وعددهم (81) وكذلك كان قد رفضها قبلهم أعضاء المجلس السياسي، وحقيقة أكثر عبارة هزتني هي تذكيري بمقولة الشهيد عبدالعظيم (تعبنا يا صديقي لكن لا أحد يمكنه الاستلقاء أثناء المعركة)، المجلس جدد انتخابي عضواً في المكتب السياسي ووممثلاً للحزب ونداء السودان في قوى الحرية والتغيير، كثير من الناس أصروا وقالوا انه لم يحن أوان الانسحاب من المشهد، فالتحديات عظيمة والتعقيدات كثيرة.
*غبت عن المشهد الاقتصادي وعدت لتجد الأوضاع كما هي أو زادت الأزمات تعقيداً؟
– فعلاً الأوضاع الاقتصادية تدهورت أكثر مما كانت عليه قبل الاستقالة، والآن الدولار وصل (115) جنيهاً، وهناك شح وندرة في السلع الأساسية، ومع ذلك ما يزال هناك أمل للتصدي للأزمة التي تعتبر هي الأخطر على مسار الثورة، لا سيما وأنه ليس هناك أفق حلول لها على المدى القريب، كل التعويل الآن على المؤتمر الاقتصادي ولكنه لن يكون عصا موسى، أما الحل الثاني المطروح أيضاً هو رفع الدعم .
*وأنت ما هو رأيك؟
– من الواضح جداً أن الجنيه متراجع أمام العملات الصعبة والدولار، واستمرار الحكومة في الدعم يعني أنها ستدفع الفارق وتتحمل العبء، وهذا يعني قيادة البلاد نحو الكارثة، خاصة مع احجام الصناديق الدولية عن الدفع وحتى الدول الصديقة جمدت التزاماتها، فالسعودية والإمارات التزمتا بدفع (3) مليار دولار دفعوا منها (750) مليون وتبقت (2250) لم تُدفع، علينا شد الأحزمة على البطون والاعتماد على مواردنا الذاتية، وأن تشتري وزارة المالية كل المحاصيل القابلة للتصدير بالسعر المجزي، فنحن في حاجة للعملة الصعبة كاحتياطي نقدي فإقتصادنا غير مرن، كذلك لابد أن تسيطر وزارة المالية على كل المال العام عبر نافذة واحدة.
*تعني بأنه ما زالت هناك نوافذ أخرى؟
– هناك تجنيب في وزارة الداخلية، وشركات أمنية ما زالت تعمل|، عدم ولاية المالية على مال الدولة في حد ذاته أزمة، هناك أيضاً الأموال المنهوبة، صحيح أن الأموال المنهوبة قد لا تسهم في حل الأزمة آنياً ولكنها واحدة من الحلول.
*يعني بالواضح بعد التراجع عن الاستقالة إبراهيم الشيخ يؤيد رفع الدعم، وهذا موقف مغاير لموقفك إبان إجازة الميزانية؟
– أن أحد رجال الأعمال ودرست الاقتصاد ووثيق الصلة بما يجري في السوق بحكم عملي ومطلع على الأوضاع في الشارع كسياسي وكمواطن، الدولة ليس لديها موارد أو إحتياطي نقدي، وغير قادرة على تحمل عبء الدعم، ولكن الرفع لا يعني التخلي عن الفقراء، وكذلك يجب أن لا يكون دعم الفقراء من باب الشعار أو المخاتلة أو زر الرماد في العيون، لا بد من أن تكون هناك مظلات حقيقية لدعم الفقراء وزيادة رواتب الموظفين، كذلك أقر بأننا عندما كنا نناقش الموازنة قبل إجازتها كان المشهد بالنسبة لنا وردياً وحالماً أكثر من كونه واقعياً، عموماً ليست هناك مواقف صمدية ومصلحة الشعب هي الأهم.
* الآن وزارة المالية تعتمد على شركة الفاخر في وقف تراجع الجنيه؟
– لا يمكن أن تصم أذنيك عن شركة الفاخر وعجزها، فهي غير مؤهلة للقيام بهذه المهمة وأنا شخصياً إلتقيت بالمسؤولين عن الشركة وكان وقتها الدولار بـ87 وقالوا لي أن الصعود مصيره الهبوط، ولكن كما توقعت حدث العكس وفي خلال إسبوع ارتفع الدولار إلى أن وصل إلـ (115) جنيها، هذه الشركة إمكانياتها ضعيفة وليس لديها تجربة، وعلى وزارة المالية وقف التعامل معها ، ويمكنها الاستفادة من رجال الأعمال المؤهلين.
*قوى مؤثرة بالحرية والتغيير ما زالت ترفض رفع الدعم؟
– صحيح هناك مدارس إقتصادية مختلفة، ومنها المدرسة الرافضة للدعم، ولكن الأزمات الماثلة لا تتحمل حلولاً طويلة الأمد والآجال، مثلاً ما الذي سنفعله الأسبوع القادم أو هذا الشهر وغيرها، وكما ذكرت المانحين شروطهم واضحة.
*يعني أنت لم تعد مع رفع الدعم بل داعم لسياسات البنك الدولي وصندوق النقد، والتي يرى فيها حلفائك أنها دمرت البلاد النامية التي (صرفت روشتاتها)؟
– في كثير من البلدان التي اتبعت سياسات هذه المؤسسات لا حظ المسؤولين عنها أن النافذين يحولون أموال طائلة، ما يعني أن هناك فساد ولكن هنا بالتأكيد لا عودة للفساد.
++++
الحلقة الثانية
++++
في أول حوار له بعد عودته للعمل السياسي ابراهيم الشيخ لـ(الجريدة) (2-2):
حاوره : أشرف عبدالعزيز
وجود مركزين للسلطة أكبر خطر على الثورة!!
استقطاب أعضاء لجان المقاومة ليس خطيئة!!
هذه غيرة سياسية على المؤتمر السوداني و(من شر حاسد إذا حسد)
هناك من يريد تدهور الأوضاع لينظر إليه كمنقذ!!
هناك خلافات ولست والمهدي على طرفي نقيض!!
البرهان وياسر العطا لم يستجيبا لنا!!
*ما زلنا في المحور الاقتصادي ، هل المكون العسكري يتحرك بمعزل عن الحكومة ولديه نشاطات إقتصادية خارج سيطرة وزارة المالية؟
– نعم ، كما ذكرت وزارة الداخلية ما زالت تقوم بعمليات تجنيب للمال العام ، وهناك التصنيع الحربي والشركات الأمنية ، من المفترض أن تصب كل أموال كل هذه الشركات في قناة واحدة هي وزارة المالية ، أما أن تنشط هذه الشركة في اليابان وتلك في روسيا وهكذا ..بعيداً عن ولاية المالية وهي شركات في أصلها نظامية فهذا يزيد من الأزمة الاقتصادية.
*وهل فشلتم في إدارة هذه العملية البسيطة؟
– بصراحة في مركزين للسلطة ، كل يمارس صلاحياته حسب ما يريد.
*ولكن قوى الحرية والتغيير هي الحاضنة السياسية؟
– قوى الحرية والتغيير هي الحاضنة السياسية بحكم اضطلاعها بمهمة التغيير ، والوثيقة الدستورية أقرت بذلك ، وهي أكبر تحالف سياسي شهده السودان منذ الاستقلال وضمت في طياتها (نداء السودان – المهنيون – الاجماع الوطني – الجبهة الثورية – قوى المقاومة المدنية- التجمع الاتحادي المعارض) وغيرها من الواجهات الأخرى ، هذا التجمع الواسع يضم ألوان طيف مختلفة المشارب متفقة على المصلحة الوطنية ، ولذلك تجد به تباينات في وجهات النظر بحكم المدارس المختلفة ، ولكن أخشى أن تتحول التباينات إلى حالة شد وجذب تؤدي إلى تحول هذه (النعمة) إلى (نقمة).
*تقصد أن أداء قوى الحرية ليس كما هو مطلوب منها؟
– هناك إشكالات في العلاقة مع الحواضن الشعبية ، (لجان المقاومة – النشطاء) ، وكذلك المجموعات التي تشكلت أثناء المعركة الضروس مع النظام المباد في مراحلها المختلفة مجموعات (السدود ، لا لقهر النساء وغيرها) ، يؤخذ علينا في قوى الحرية والتغيير أننا حتى الآن نلاحق الأحداث ولا نصنعها، وفي المقابل أمامنا تحديات عظيمة وملفات تحتاج لجهد كبير للحل (ملف السلام – الاقتصاد –تفكيك النظام – الأمن – تعيين الولاة) وغيرها ، أزمة قوى الحرية والتغيير في الثنائية والاجندة الحزبية ، هذه الملاحظات يجب الالتفات إليها وتغليب المصلحة العامة على المصلحة الحزبية.
*الخلاف بينك والسيد الصادق المهدي إشتد مؤخراً؟
– الامام الصادق المهدي لعب دوراً مهماً في التغيير وقبله في نداء السودان (إتفاق باريس) وليس لدي خلاف شخصي مع المهدي وإنما هناك تباين في وجهات النظر إزاء القضايا المختلفة بين المؤتمر السوداني وحزب الامة وهذه ظاهرة طبيعية في العمل السياسي ، والإختلافات ليست في الرؤى الكلية بمعنى لسنا على طرفي نقيض.
*البعض يتهم المؤتمر السوداني بالارتهان لدول خارجية؟
– الغيرة السياسية موجودة بين الأحزاب ، كما هي موجودة في صدور الناس ، هذا حسد و(من شر حاسد إذا حسد)، لا يمكن تجاوز مثل هذا النوع من الممارسة في العمل السياسي دون الاهتمام بالتربية الأخلاقية داخل المنظومات السياسية ، المؤتمر السوداني معروف بمواقفه إزاء قضايا الشعب السوداني وهمومه وآلامه وهذا ما أكسبه الثقة وعزز فرصه السياسية.
*ما دام حزبكم كما تقول لماذا الاتهام بأنكم تسعون لاستقطاب لجان المقاومة؟
– هل الاستقطاب خطيئة؟ نحن حزب ومن حقنا أن نستقطب وسط لجان المقاومة كما نقوم بذلك مع كل فئات الشعب السوداني الأخرى ، السؤال هو نستقطبهم لماذا؟ هل لما يضر بهم ؟ هذه الاتهامات غير مؤسسة على منطق أو هادي وإنما هي كما أسلفت (غيرة سياسية).
*ألا ترى في المسارات المتعددة أنها أعاقت الوصول لإتفاق سلام؟
– في بداية المفاوضات لم أنظر لهذه المسارات بأنها معيقة وتؤثر سالباً على العملية التفاوضية ، ولكن بعد النزاعات التي وقعت في البحر الأحمر بسبب مسار الشرق ، ومن ثم ظهور مسار الوسط بقيادة التوم هجو ، فضلاً عن بقية المسارات الأخرى مسار دارفور والمنطقتين ربما تغيرت وجهة نظري، في ذات السياق هناك قوى خارج هذه المسارات ذات تأثير سواء عبدالواحد محمد نور وعبدالعزيز الحلو يشاطر عقار ذات المسار ، وهناك أيضاً مجموعات دارفورية مسلحة خارج مسار دارفور وأخرى في الشرق ، هذه الفيسفاء جعلت هناك تعقيدات حقيقية في العملية التفاوضية بالرغم من إبرام إتفاقات مع المسارات ، مثلاً السؤال يطرح نفسه إذا تم التوقيع مع عقار بشأن المنطقتين ماذا عن مجموعة عبدالعزيز الحلو ، إذا العملية التفاوضية تحتاج إلى آلية تقوم بمعالجات لتوحيد الرؤى لتكون المحصلة النهائية لما يجري هو إتفاق سلام شامل.
*كيف تقيم أداء الحكومة؟
– الحكومة تُقيم من (أطعمهم من جوع وأمنهم من خوف) ، بمعنى توفير العيش الكريم وتحقيق الرفاه للمواطنين وجعلهم أمنين مطمئنين، الآوان مبكر لتقييم الحكومة ولكن كان بالامكان تقديم أحسن مما كان، وهذا يستدعي المراجعة وإحكام التنسيق والتركيز على العمل الجماعي.
*الأزمة (مكانا وين)؟
– في مركزين للسلطة ما جعل هناك خطابين ، صحيح المكون العسكري فرضته توازنات القوى ، لكن الخطأ هو أن لا يتم تعيين وزراء الداخلية والدفاع من قبل (حمدوك) ، ما دام هو المسؤول عنهم والذي يحاسبهم ، فهؤلاء أصحبوا وكأنهم لا علاقة لهم بمجلس الوزراء ، ومن المفترض أن يكون هناك قائد واحد.
*يعني الكل يعمل على شاكلته والمكون العسكري متفرج؟
– البعض ربما ينتظر الوضع يتدهور لينظر إليه كمنقذ ، ولكن مهما تكاثرت الزعازع الثورة قادرة على العبور ودماء الشهداء الذكية روت الطريق ولا عودة للوراء أبداً.
*لكنك (صاحب) البرهان؟
– بالمناسبة أنا لم ألتق البرهان قط أو تربطني به علاقة طوال تاريخي السياسي الممتد إلا عندما طلب لقائي في ذلك اليوم بعد 6 أبريل ، وبعدها رتبت أكثر من لقاء مع المجموعات السياسية المختلفة التي قادت التغيير ، وكان القصد من ذلك هو الاستفادة من المناخ المواتي لاستصدار قرارات ثورية تحقق المصلحة العليا للبلاد لكن البرهان وياسر العطا لم يستجيبا بالقدر المطلوب.
*إستمرت هذه العلاقة حتى الآن؟
– انقطعت بعد فض الاعتصام وتجددت بعد المحاولات التي قام بها ياسر العطا للاتصال بقوى الحرية والتغيير.
*البرهان إتصل بك ووافقت على طلبه بالعودة للعمل السياسي؟
– هذا غير صحيح كما ذكرت رئيس المجلس السيادي إتصل بي وطلب ذلك مثله مثل الآخرين الذين ظلوا وما زالوا يواصلون الاتصال بي ، ولكن بصراحة مثولي أمام المجلس المركزي للمؤتمر السوداني ومادار في تلك الجلسة من حب ووفاء ورفض بالاجماع للاستقالة هو السبب الرئيس في عودتي للعمل السياسي.
*تزامنت استقالتك مع لقاء عنتبي؟
– نعم اتصل بي البرهان وقال لي (دا شنو العملتو) فردد عليه (زي العملتو انتا).
*ما رأيك في التطبيع مع إسرائيل وقبلها خطوة البرهان؟
– البرهان يرى في هذه الخطوة أنها من مصلحة السودان ، وهذا هو دافعه ، صحيح نحن كسودانيين لدينا أشواق وظللنا نناصر القضية الفلسطينية منذ أمد بعيد وما زلنا ، وهذا ما جعل نظرتنا لهذا اللقاء تنطلق من هذا المعطى ، ولكن الخوف الذي إنتاب الكثيرين بدأ يزول تدريجياً ، الفلسطينيون أنفسهم بموجب اتفاق أوسلو طبعوا مع إسرائيل وكثير من الدول العربية لديها اتفاقات معها ، والتطبيع في كثير من الاحيان شرطاً لتحقيق مصالح مشتركة مع الدول ، ونحن مع حق الفسلطينيين ودولتهم ومع ما يحقق لنا مصلحة السودان.
*إذاً أنت مع طلب حمدوك للامم المتحدة (البند السادس)؟
– رئيس مجلس الوزراء ورث بلاداً انهكها التخريب المتواصل والممنهج الذي قام به الاسلاميون ، فلم يتركوا مؤسسة إلا وعاثوا فيها خرباً وتدميراً ، لم يجد بنية تحتية والاقاليم مزقتها الحروب وبعضها تناوشته الصراعات القبلية والعزلة الخارجية ضاربة بأطنابها وغيره من الأزمات التي لا تحصى ولا تعد ، ووجد السودان في البند السابع ومثقل بالديون وتنتظره إستحقاقات السلام وصناديق الاعمار والتنمية وووو ..كل هذه جعلته يطمح في الاستفادة من الأمم المتحدة عبر بند التنمية وليست هناك أزمة في ذلك حتى التعداد السكاني والانتخابات ومحاولات العودة للانقلابات مرة أخرى وغيرها من الأشياء تشير إلى أن طلب حمدوك منطقي وموضوعي.
*الإسلاميون هل من مستقبل؟
– لم يشهد السودان خراباً أو دماراً أو حكماً قبيحاً ذميماً بعيداً عن الممارسة الراشدة كما حدث في عهدهم ، من تولوا كبر التخريب تقتيلاً واختلاساً وتعذيباً يجب أن يحاكموا ولا مجال لعودتهم للمشهد السياسي أما التيار الاسلامي فلانستطيع أن نرمي به كله في نار جهنهم ، وعلى قوى الحرية والتغيير تغليب المصلحة الوطنية فيما يتعلق بالتسوية التأريخية.
ابراهيم الشيخ
الجريدة