المتعافي.. نموذجاً !!

قبل ست سنوات تقريباً قرأت مقالاً للكاتب العربي عاطف عتمه، يتحدث فيه عن فساد الإسلاميين الذي بالتأكيد عبرت سمعته تخوم القطر وأصبح الملهم لكتابة النقد والسخرية عند السياسيين بصفة عامة والذين يراقبون الشأن السوداني بصفة خاصة ، والكاتب يكتب عن فساد قبل سقوط النظام المخلوع بسنوات ، وكأنه يدرك تماماً خطورة الفساد في السودان ، ويعلم مايدور في دهاليزه المظلمة و المضيئة و في كل مؤسساته الخادعة والبراقة على طريقة ( الإسلامي / الإسلامية ) تلك الكلمات التي تستخدم لستر كل ماهو قبيح ، وفي إحدى مقالاته تحت عنوان (فساد الإسلاميين المتعافي نموذجاً)، كتب عتمه ( اذا كانت ذروة سنام الاسلاميين طريقتهم في جعل السودان قاعاً صفصفاً فبئست تجربتهم الفاشلة ، لأن الغرب الرأسمالي واوروبا العلمانية وفكر الماسونية هي أشد رحمة في انها حققت لشعوبها الرفاهية والعدالة الاجتماعية والمساواة والتعايش والسلم الأهلي ، وحاربت كل اشكال التفرقة ، فماذا حقق اسلاميو السودان بعد تجربة ما يزيد عن ربع قرن سوى ادخال البشير لطبق (السجق ) ورقص (الهيب هوب) الى حياة السودانيين كما ادعى !! ، وما نرى من حصار ودمار وفقر وتخلف وعزلة وفساد وإثراء عائلة جزارين من قوت السودانيين ولقمتهم ، فمن يعيد ثروات السودان المنهوبة من عوائل الاسلاميين والجزارين أمثال المتعافي وغيره ممن يعج طقس السودان برائحة نتن وعفن فسادهم) .
هذا ماكتبه كاتب غير سوداني قبل ست سنوات سبقت السقوط، فكيف له ان يصف لنا الفساد اليوم بحجمه هذا، الذي نكتشفه يومياً منذ انتهاء فترة المخلوع وحتى تاريخه؟
وأمس الأول أصدرت لجنة ازالة التمكين ومحاربة الفساد واسترداد الأموال ، قراراً بالحجز على أرصدة القيادي بحزب المؤتمر الوطني المحلول ، ووزير الزراعة الأسبق في النظام المائت ، الدكتور عبد الحليم المتعافي وحسب (التيار) ان اللجنة أمرت ايضاً بالحجز على شركة السودان للأقطان بالبنوك، بموجب البلاغات المدونة في هذا الشأن واصدرت اللجنة قراراً بحل مجلس ادارة شركة السودان للأقطان وإقالة المدير العام للشركة الذي سبق ان ألقت النيابة القبض عليه في قضايا فساد في اغسطس الماضي وأفرج عنه في سبتمبر وذلك بعد اتهامه بالفساد المالي وعدم توريده حصائل صادر القطن لمدة ست سنوات ، وتقدر جملة المبالغ موضوع البلاغ بـ ١٨٦ مليون دولار.
فإن كان هذا مايخص مدير شركة الأقطان وما (لهطه) من أموال فماذا فعل المتعافي بنا، وماهي المبالغ التي قام بنهبها وماهو الرقم الذي يناسب رصيده في البنوك، بالتأكيد انها مبالغاً ضخمة نحتاجها نحن الآن لشراء بصات سفرية لحل مشكلة المواصلات او نستورد بها القمح لحل مشكلة الدقيق كيف لا والصحافة العربية وصفت الرجل انه نموذجاً وايقونة للفساد.
وخبر المتعافي وحجز أرصدته جاء متأخراً للغاية، فبعض رموز النظام المخلوع لا يحتاجون الى كل هذا الوقت حتى تكتشف لجنة ازالة التمكين ومحاربة الفساد فسادهم، وتمنحهم فرصة عمرها عشرة أشهر منذ السقوط قد يكونوا مارسوا فيها كل أنواع وفنون اللعب والمراوغة على القانون، ولكن رغم ذلك أن تأتي متأخراً خيراً من أن لا تأتي.
طيف أخير:
لا شيء أصعب من تجنب خداع المرء لنفسه

صباح محمد الحسن
الجريدة

Exit mobile version