بين شقة سكنية بمنطقة حسن محمد في حي الهرم غرب محافظة الجيزة وأخرى بحي المهندسين الراقي وسط المحافظة، تلخصت رحلة ضباط الشرطة لحل لوغاريتم اختفاء قاصر عن منزلها في ظروف غامضة حتى تكشفت الحقيقة الصادمة قبل مرور 7 أيام.
الجمعة الأخيرة من يناير الماضي، غادرت “س” منزلها بمنطقة ميت عقبة التابعة لحي العجوزة، أخبرت أسرتها بأنها ستتوجه لزيارة صديقتها التي تقيم بنفس المنطقة على وعد بالعودة مبكرا، بخلاف ما حدث لاحقا.
بحلول المساء، بدأ الشك يتسرب إلى الأبوين لاسيما أن ابنتهما لا تزال قاصرا فهي ابنة الـ17 ربيعا تدرس في المرحلة الثانوية، فبادرا بمهاتفتها لكن دون جدوى، الهاتف مغلق، ليتوجه شقيقها بحثا عنها لدى صديقتها التي صدمته بردها “ماشوفتهاش النهاردة خالص”.
لم يتردد “ياسر” والد الفتاة في طرق باب قسم شرطة العجوزة، تقابل مع العميد أيمن الجيار مأمور القسم، قص على مسامعه تفاصيل ما يضيق به صدره محدثا إياه بنبرة تكسوها حسرة اعتصر لها قلبه “عايز أعرف هي عايشة ولا ماتت”.
هناك على بعد أمتار من نهر النيل بميدان الجلاء بحي الدقي، يترأس العميد عمرو طلعت رئيس المباحث الجائية لقطاع شمال الجيزة، اجتماعا مغلقا لمناقشة تطورات بلاغا بنطاق نقطة شرطة أرض اللواء، يقطع انهماكه اتصالا تبدلت معه الأجواء رأسا على عقب جاء ملخصه “سائق حرر بلاغ عن اختفاء بنته بميت عقبة”.
لحظات صمت سادت الجلسة الأمنية أنهاها تدخل رئيس القطاع موجها بتشكيل فريق بحث مكبر تنسيقا مع قطاع الأمن العام برئاسة اللواء علاء الدين سليم؛ للوقوف على تفاصيل البلاغ الغامض.
أولى التحركات الأمنية جاءت بإعادة استجواب أفراد أسرة الفتاة المبلغ بتغيبها تلاها استدعاء صديقتها المزمع زيارتها لها قبل اختفائها لكن ردها لم يتغير نافية حضورها لمنزلها تزامنا مع تتبع رجال المساعدات الفنية هاتفها أملا في إمساك طرف الخيط.
72 ساعة من البحث والتحري بدت معها الصورة أكثر وضوحا، الفتاة المختفية عُرفت بتعدد علاقاتها العاطفية حتى أن رجال الشرطة توصلوا إلى مشاهدات لها رفقة شُبان ليستبعد الضباط احتمالية تعرضها لمكروه (خطف).
انتقل فريق البحث الذي ضم العقيد عمرو البرعي مفتش مباحث فرقة الوسط والمقدم محمد أبو زيد وكيل الفرقة، إلى اقتفاء أثر “س” خلال الأونة الأخيرة والتي أشارت إلى ارتباطها عاطفيا بشاب يكبرها بأشهر قلائل. قصة حب دار فصلها الأول داخل أروقة أحد الأندية، توطدت أواصرها خارج أسواره.
يوجه اللواء محمود السبيلي مدير مباحث الجيزة بتكثيف التحريات عن العشيق بواسطة الشرطة السرية، وتبين انفصال والديه منذ فترة، وسرعان ما تزوجت الأم رجلا ثانيا، والأب لحقها ليتنقل الابن بين شقتين مُنح ملكيتها بدعوى أن كل منها ستمثلان درعا يواجه به صعاب الحياة وتحدياتها.
رويدا رويدا اقترب ضباط البحث الجنائي من كشف اللغز، التحريات تشير إلى تواجد الفتاة المقصودة رفقة ذلك الشاب، فتركزت الخطة على تضييق الخناق عليهما بشقة “حسن محمد” و”شارع جامعة الدول العربية” فكان لها مفعول السحر.
اليوم الخامس لاختفاء “س” حمل الخبر المنتظر، عادت القاصر إلى منزلها دون تعرضها لأذى، في الوقت الذي ألقت قوات الأمن القبض على العشيق بعد مطاردته في الأماكن التي يتردد عليها انتهاء بشقة المهندسين.
“ماكنتش مخطوفة.. احنا بنحب بعض وقعدت معاه في شقته” كلمات وقعت كصاعقة على الأب المطعون في شرفه، طعنة بخنجر مسموم اخترقت جسده للتو لدى إدلاء ابنته باعترافات تفصيلية كشفت خلالها علاقة غير شرعية جمعتها مع الشاب الثري.
بهدوء وثقة يحسد عليها، وقف الشاب مؤكدا عدم اصطحابه حبيبته عنوة “هي اللي جت بمزاجها” قبل أن يطلق رصاصة أسكتت الجميع لدى حديثه عن تفاصيل ما وقع بينهما منذ اللحظة التي وطأت قدماها مسكنه بشارع “حسن محمد”.
“وصلت يوم الجمعة الشقة لكن محصلش حاجة بينا.. اليوم التاني عاشرتها معاشرة الأزواج للمرة الأولى” الأمر الذي أكده مصدر أمني مطلع على التحقيقات نافيا فقد الفتاة عذريتها منذ 3 سنوات.
نيابة العجوزة أمرت بحبس صديق “فتاة ميت عقبة” 4 أيام على ذمة التحقيقات، لاتهامه باغتصاب قاصر، وأخلت سبيلها وأوصت بتسليمها لأسرتها.
يصف مصدر أمني حالة الأب آنذاك “الراجل كان في عالم تاني.. الصدمة خلته زي المشلول مش بينطق” لافتا إلى اتفاق الطرفين على توقيع عقد زواج لدى محام وتوثيقه حتى بلوغ الفتاة سن الـ18، لتخلي النيابة العامة سبيل الشاب.
أسدلت جهات التحقيق الستار على تلك الواقعة لكن غصة تملكت قلوب أسرة “س” خاصة السائق البسيط تاذي طالما حلم بيوم عرسها.
مصراوي