الذي يطالع التصريحات والبيانات الحكومية حول أزمات وكوارث الاقتصاد والسياسة والامن والعلاقات الخارجية يكتشف أن هنالك مجموعة من الأبالسة تخصصوا في تدبيج حزمة من التصريحات والبيانات المصنوعة بمفردات بهيجة تغطية لواقع بشع ومقزز وفضائحي
ولمجالس الخرطوم حكاية محزنة ودامغة في تفسير مثل هذا السلوك يقول الشاهد: إن اثنين من المتقاعدين جلسا في مصطبة حارة درجة أولى يتناولان مشروبهما الحرام بلا خفية ولا حياء (ومن أمن العقوبة اساء الادب )، ويتجاذبان أطراف الحديث الذي لا ثمرة من وراءه، وفجأة توقفت سيارة آخر موديل لفتاة عشرينية أسدلت شعرها في غنج ودلال يسبقها عطرها الفواح، وملابسها الفاقعة القصيرة والمثيرة التي كان يسميها المجتمع الخرطومي في الستينات (جكسا في خط ستة)
سلمت باقتضاب بالتحية الإستايل (هاي بابا .. هاي عمو)، وانسربت داخل المنزل الكبير وضمخ عطرها الشارع لساعة من الزمان المخمور
كانت الساعة انذاك تتجاوز الواحدة صباحاً، التفت الجار لوالدها متسائلاً: شايف زازا وعيني باردة بسيارة آخر موديل وعطر آخر موديل، وملابس آخر موديل شنو الحكاية؟
فرد الأب في نشوة: لقد التحقت بمنظمة عالمية للاغاثة وبمقدراتها في اللغة والكمبيوتر أصبحت اليد اليمنى للخواجة السكسوني، وظلت ترافقه كل شهر الى عاصمة أوروبية، وأوكلت لها مهمات التنسيق والادارة مع منظمات الغوث العالمية، وإدارة برامج التدريب وتنمية كفاءة الأسر في مناطق الهامش، مع تأسيس مركز متطور للكفاءة البحثية والاستشارات المتعلقة ببرامج التحديث والقوانين المتوافقة مع سيداو، والمتجاوزة لكل الأعراف المتعلقة باحتقار المرأة والمتفرعة من التعصب والإرهاب والقمع الديني والعقدي وقضايا الجندرة والتمييز
وبعد أن أكمل مرافعته المعقدة والمتقعرة وجه السؤال لجاره ونديم كأسه: وكيف حال أمورتك دادي؟ فاجاب والدها ساخراً (دادي مطلوقة زي بتك دي! لكن أنا ما بعرف زيك للكلام المنمق دة)
عزيزي القارئ إن أردنا المماثلة ما بين الحكاية والواقع الراهن فإن الحكومة الانتقالية هي مثل زازا ودادي (مطلوقة) برفقة الخبير الأممي، إلا أن كل الناطقين باسمها يجيدون الكلام المنمق، والمفردات البهيجة التي تغطي هذا الواقع البشع والمثير للشفقة والغثيان
حسين خوجلي