لماذا لم تشل الحياة في الخرطوم ومدن السودان الأخرى إبان احتلال منطقة هجليج في العام 2012؟

سلام عليك يا ابن السودان البار
يمر علينا اليوم الخامس عشر لتعطل الخط الناقل لنفط حقل هجليج والذي تسبب في شل الحياة تقريباً في مدن السودان المختلفة فأصبحت الشوارع شبه خالية من المركبات والتي باتت تقضي جل وقتها في طوابير محطات الوقود للحصول على 4 جالونات من المحروقات والتي إن وجدت فتُنال بشق الأنفس وذلك حسب رؤية وزير الطاقة والتعدين في حل الأزمة، هذه المفارقة ذكرتنا أيام احتلال منطقة هجليج التي احتلت لنحو شهر من الزمان ولكن لم يتأثر إمداد المحروقات في كل مدن السودان.
السؤال البديهي هنا لماذا لم تشل الحياة في الخرطوم ومدن السودان الأخرى إبان احتلال منطقة هجليج في العام 2012 رغم الدمار والحرائق التي شملت كامل الحقل النفطي هنالك، والذي يعد الشريان الرئيسي للنفط في السودان؟ بينما شلت الحياة لمجرد عطل بسيط في خط ناقل؟!
الإجابة بسيطة يا سادة فأمر النفط في السودان كان مُوكل لرجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فكان التوفيق والإنجاز حليفهم. فربان تلك السفينة كان هو الدكتور عوض أحمد الجاز الذي استخرج الذهب الأسود للسودان خلال أحد عشر شهراً فقط من توليه حقيبة وزارة الطاقة والتعدين في ظروف بالغة التعقيد وفي حصار ومقاطعة عالمية منقطعة النظير، بل وفي عام واحد أصبح السودان دولة مصدرة للنفط فقد أنشئت المصافي ومحطات المعالجة وخطوط أنابيب البترول والموانئ النفطية خلال تلك الفترة.
نعود لتعطل الخط الناقل واليوم الخامس عشر لتعطله، عند احتلال منطقة هجليج من قبل قوات الحركة الشعبية قد قامت تلك القوات بإشعال الحرائق في كامل الحقل وألحقت الدمار في كامل المنطقة المحيطة به وكان المقصود هو ألا يعود السودان لإنتاج النفط مرة أخرى ويسقط النظام الحاكم وقتها تلقائياً بسبب الآثار الناجمة عن ذلك الدمار حسب الخطة التي وضعتها لهم الأنظمة التي كانت تدير لهم المشهد، فحقل هجليج يعد الرافد الرئيسي للنفط في السودان وبه محطة المعالجة المركزية ومنه ينساب النفط لمصفاة الخرطوم التي تحوله إلى المشتقات (جازولين، بنزين، غاز،…الخ). وفور تحرير المنطقة كان المسؤول الأول للنفط في السودان الدكتور عوض الجاز حضوراً مع القوات النظامية والمجاهدين وقد شاهدوا آثار الدمار الكبير الذي لحق بالمنشآت النفطية هنالك ووقتها لم تتم عملية تحرير هجليج بالكامل تبقت بعض الجيوب والفارين من قوات الحركة الشعبية وكانت النيران مشتعلة في الحقول وخزانات النفط، وقتها طلب من الوزير مبارحة المنطقة والعودة بعد انجلاء الموقف وإطفاء الحرائق، فكان رد الوزير ألا عودة إلا باستئناف ضخ النفط وإعادة الحقل إلى سابق عهده والذي قدر له الخبراء أن يعود بأقل تقدير بعد ستة أشهر، ولكن الوزير كان رأيه مختلف فضرب موعداً خالف هذه التقديرات حيث حدد موعداً بعشرة أيام فقط موعداً لاستئناف ضخ النفط من منطقة هجليج وكان هذا الموعد أشبه بضرب من ضروب المستحيلات.
انتهى اليوم الأول بالاحتفال بتحرير المنطقة مع رئيس الجمهورية وقادة الجيش والقوات النظامية الأخرى والمجاهدين، كما تم عقد الاجتماعات الميدانية ووضع الخطة لاستئناف ضخ النفط. وفي اليوم التالي بدأ العمل بعمليات مكافحة الحرائق التي سطر فيها أبطال الدفاع المدني والمجاهدين والعاملين بوزارة النفط ملحمة تاريخية بإطفاء تلك الحرائق الكبيرة والمتزايدة نسبة لنشوبها في خام النفط والتي تحتاج لخبرات كبيرة ومعدات حديثة، أن قاموا بإخمادها في يومين دون مساعدة خارجية من أحد، ثم تلي ذلك عمليات صيانة الأنابيب والخزانات وعمليات إصلاح محطة المعالجة المركزية وعمليات الصيانة في محطة الكهرباء وغيرها من العمليات، حيث كانت تتم كل هذه العمليات بمشاركة وإشراف الوزير شخصياً وكان العمل يتواصل ليل نهار دون توقف. وقد استغرقت كل هذه العمليات 7 أيام فقط. وفي صبيحة اليوم العاشر الذي حدده الوزير، عقد مؤتمراً صحفياً على الهواء مباشرةً بمنطقة هجليج حضره ونقلته معظم المحطات المحلية والعالمية فأعلن استئناف ضخ النفط من منطقة هجليج وتمت إدارة بلف الأنبوب إيذانناً بانسياب خام النفط مرة أخرى للمحطات ومنها إلى مصفاة الخرطوم. وليكون تنفيذ الوعد الذي قطعه باستئناف ضخ النفط بعشرة أيام. لكل هذا العمل الجبار والخارق للعادة ما كان لقيادة الدولة إلا أن تكرم هذا العمل الكبير حيث قامت بتكريم قائد هذه الملحمة الدكتور عوض أحمد الجاز بأن منحته أرفع وسام في الدولة (وسام ابن السودان البار) والذي هو أهل له بلا منازع، كما منحت وزارة الطاقة والتعدين نجمة الإنجاز.
اليوم يمضي مُستخرج نفط السودان وابن السودان البار في معتقلات الحكومة الانتقالية أكثر من 300 يوم دون أي مبررات سوى أنه كان مخلصاً لوطنه وقد أفنى جل شبابه خدمةً لها. فكما يعلم الجميع أن للنجاح أعداء فقد حاول بعض من ضعاف النفوس تشويه صورة الرجل الناصعة بنشر وترويج الشائعات والأكاذيب عن الرجل من أمثال امتلاكه ثروة تقدر ب 64 مليار دولار أمريكي أهلته حسب افتراءاتهم أن يصبح رابع أغنى شخصية في العالم!! وأخرى تقول بامتلاكه فلل وعمارات بإمارة دبي بدولة الامارات العربية المتحدة، وأخرى تقول بأن منزله يحوي طابقاً سُفلي تحت الأرض مليء بالسبائك الذهبية والنقود من العملات الأجنبية المختلفة ما جعل ضعاف النفوس يقتحمون منزله وسرق محتوياته وانتهاك حرمته وخصوصيته بتصويره، ولكن لم يعرضوا لنا ما وجدوه مما ذكر لهم. والغريب في الأمر لم يحدثونا معارضين الأمس حكام اليوم الذين نشروا تلك الشائعات عن كل هذه الثروات الضخمة خاصة وأنهم أعلنوا سابقاً عن حوجه السودان فقط لملياري دولار لحل أزمته الاقتصادية فلماذا لم تصادر ثروة الرجل التي قدروها بأكثر من 64 مليار دولار خاصة وأن الرجل لم يهرب وموجود في زنازينهم لأكثر من عشرة أشهر! أم أنها كانت فقط لتحقيق بعض الأغراض الخاصة والوصول بها لكرسي السلطة؟ الإجابة متروكة لكم.

وفي الليلة الظلماء يُفتقد البدر.. طبت في محبسك يا ابن السودان البار، فلا يعرف قدر الرجال إلا الرجال!

إفتتاحية صحيفة الوفاق يوم الأربعاء ١٢ فبراير ٢٠٢٠ العدد: ٧٣٥٠

Exit mobile version