لست هنا بصدد إعطاء نفسي الحق في وصف طلب رئيس الوزراء من الامم المتحدة للحصول علي ولاية مجلس الامن لإنشاء عملية لدعم السلام ، بأي من الأوصاف ، أو وصف من يعترضون علي ذلك الطلب بأنهم جهلة او أغبياء او عديمي المعرفة.
___طلب حمدوك ليس في وضع أن يوصف لا مدحا او ذما لان طلب المساعدة في بناء السلام هو أمر طبيعي تتقدم به الدولة المعينة وهي في طور الانتقال من النزاعات والحروب إلي بناء السلام وتعزيزه بعد انتهاء الحروب… وهذا حقنا كدولة عضو في الأمم المتحدة.
___الموقف من رفض المطالبة بابتعاث بعثة اممية لحفظ السلام في دولة عانت من الحروب والتمزق في جميع انحائها يسير في نفس الدعاية التحريضية ضد الأمم المتحدة ومؤسساتها وهو نهج اتخذته الحكومة السابقة لتبرر عزلتها العالمية ومقاطعة كل المؤسسات الدولية لها ومن الطبيعي ان يكون تأثير ذلك الخطاب مازال يحدث اثره في ظل غياب المعرفة بماهية الأمم المتحدة وطريقة عمل بعثات السلام والتعامل مع كل منتقدي الحكومة السابقة على انهم دول استكبار وان المؤسسات الدولية عدو للسودان وعلى راسها المحكمة الجنائية هذا تعبير عن ازمة نظام سابق. عودة السودان للمجتمع الدولي تبدأ بأخذ موقعه في الأمم المتحدة باعتباره عضو في المؤسسة وتعامله معها يأتي من حقه بالاستمتاع بحقوقه في دعم مجهوداته من اجل السلام والعودة الى موقعه الطبيعي.
___بعثات بناء السلام تعرف عليها السودانيين لأول مرة من خلال بعثة السلام المتقدمة ( 2004-2007) والتي أنشئت بناء على طلب الأمين العام للأمم المتحدة في 11 يونيو 2004 بغرض تقديم الدعم لطرفي التفاوض -الحكومة والحركة الشعبية- لتعزيز التقدم المحرز في عملية السلام بتوقيع الطرفين على بروتوكول الترتيبات الأمنية في 25 سبتمبر 2003 وهو نفس التوقيت الذي يتم فيه تقديم الطلب الان بدعم وتعزيز التقدم المحرز في توقيع البروتوكولات المتعلقة بالترتيبات الأمنية وحفظ هذه البروتوكولات يحتاج الى مراقبة والزام اممي. وتحميل المسؤولية وفق القانون الدولي لاي طرف يخرق هذه الاتفاقات او يعود الى خيار الحرب. وكان الهدف هو دعم الخطوة والاستعداد لتدعيم اتفاق السلام المتوقع توقيعه لاحقاً في نيفاشا وقد كان. هذه البعثة لم تكن الاولي في العالم فهناك 20 بعثة بناء سلام تابعة للأمم المتحدة في افريقيا وخمسة في اسيا و2 في اوربا و6 في الشرق الأوسط و4 في امريكا اللاتينية.
___ من دوافع إنشاء الأمم المتحدة هي المساعدة للخروج من الحروب وحفظ السلام وبناء وإستدامة ذلك السلام …وبالضرورة
الخبرات العالمية التي توفرها الأمم المتحدة من خلال هذه البعثات تشمل عمليات حماية المدنيين ونزع الالغام وفتح المسارات لتقديم الاغاثات وتدريب الكوادر الوطنية على عمليات بناء السلام والتعايش السلمي وتقديم الدعم للمؤسسات الوطنية ورفع قدرات مؤسسات المجتمع المدني المعنية بعمليات بناء السلام. وبعثة السلام القائمة على البند السادس تختص بدعم بناء السلام المستدام وان تعمل على تعزيز السلام في جميع انحاء السودان.
___تعزيز هذه القدرات والبناء المطلوب منها يتطلب دعما ماليا وسياسيا وهذا لا يتحقق إلا بوجود منظومة تعمل علي توحيد جهود البلدان والمنظمات المعنية لتقديم الدعم اللازم للدولة التي تضع أرجلها في بداية طريق السلام …وهذا بالضرورة دليل رغبة تستحق عليها المساعدة وفق البند السادس .
وفي حالتنا السودان وبعد إنطلاق عملية التفاوض التي تجري في جوبا بالضرورة نحتاج دعما تقنيا وبرامجيا يساهم مع إرادتنا في الوصول الي بناء سلام مستدام .
___طلب حمدوك هو حق دولتنا كغيرها من الدول ولا يمكن أن يندرج تحت أوصاف إنتقاص سيادة او تدخل وما إلي الكثير من الاوصاف…ببساطة هذا الطلب هو دعم بلادنا كي نستطيع ان نعطي أهلنا النازحين واللاجئين حق أن يعودوا إلي مناطقهم وهم آمنين وتتوفر لهم الحياة التي يستشعرون معها أن سلاما قد حلا.
___وما طلبه حمدوك هو واجبه لان ما خطه في رسالته دال علي انه يعرف تماما أن مهام لجنة بناء السلام هي دعم الجهود التي قامت بها الحكومة الانتقالية من إبتدار فترتها بعملية السلام.. ولما كانت عملية بناء السلام تتطلب ذلك الدعم كان لا بد من طلبه.. لان ذلك البناء يحتاج إلي الدعم الدولي المتواصل من أجل كل العمليات المتعلقة بالسلام من مراقبة وقف إطلاق النار ..تسريح وإعادة الجنود ودعم وإصلاح المنظومة العدلية وحماية حقوق الانسان ووضع الاهتمام اللازم والكبير لأوضاع النساء والأطفال المتضررين من الحروب ..والنساء بشكل خاص لما لهم من قدرات في المساهمة بجعل السلام واقعا في مجتمعاتهم.
وكل ذلك لا يمكننا تحقيقه كدولة إقتصادها يئن ، إلا بطلب حشد الموارد والمساهمة من صندوق بناء السلام وحثه الدول المختلفة علي ضرورة الاستمرار في تمويل الأنشطة التي من شأنها أن تساعدنا في بناء سلام ..ودونه لن ننعم بأي تغيير سعينا له.
إيمان سالم
الراكوبة