في زيارته الأخيرة إلى الإمارات العربية المتحدة، وقّع الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، عدة مذكرات تفاهم واتفاقيات، مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.
وأعلنت الإمارات تخصيص مبلغ ملياري دولار لإقامة مشاريع استثمارية وتنموية وقروض ميّسرة لموريتانيا، وتهدف الاتفاقيات والمذكرات الموقعة إلى تعزيز التعاون وتنويع آفاقه في المجالات التعليمية والعسكرية والفنية والأمنية والتنموية والاستثمارية، إضافة إلى المجالات الإنسانية والرعاية الاجتماعية.
وشملت مراسم تبادل الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي جرت في قصر الوطن في أبوظبي، مذكرة تفاهم بين دولة الإمارات وموريتانيا بشأن الإعفاء المتبادل من التأشيرات، تبادلها الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، ووزير الخارجية الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد.
دعم برنامج الرئيس
يحيى أحمد الوقف، النائب بالبرلمان الموريتاني، ورئيس حزب عادل، قال إن “العلاقة بين موريتانيا والإمارات علاقة قديمة تعززت كثيرا منذ تولي الرئيس الحالي للسلطة”.
وأضاف، في تصريحات لـ”سبوتنيك”، أن “زيارة الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني للإمارات ساهمت في توطيد تلك العلاقات بشكل أكبر”.
وأكد أن “الدعم الإماراتي السخي للاقتصاد الموريتاني يعد مساهمة كبيرة من طرف دولة الإمارات لدعم برنامج رئيس الجمهورية الرامي إلى الحد من الفوارق الإجتماعية ومؤازرة الفئات الهشة وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية”.
وأشار إلى أن “هناك عدد من الاتفاقات التي أبرمت بين البلدين، من ضمنها الإعفاء المتبادل من تأشيرة الدخول”.
علاقات تاريخية
من جانبها، قالت الدكتورة نهلة الشمري، الباحثة الإماراتية في الشؤون السياسية، إن العلاقات الإماراتية الموريتانية تاريخية ومتينة ووثيقة، يسودها الطموح للعمل على تعزيز الأخوة بين البلدين”.
وأضافت، في تصريحات لـ”سبوتنيك”، أن “اختيار الغزواني للإمارات كأول بلد عربي يزوره يفسر مدى التطابق في المواقف والنظرة المشتركة للقضايا العربية والإقليمية وعرفان موريتانيا بالجميل للإمارات كسند أخوي”.
وتابعت: “تميزت وتطورت هذه العلاقات في تبادل نشط لزيارات كبار المسؤولين، وتنسيق المواقف السياسية، وتوقيع اتفاقيتين مهمتين، تعلقت إحداهما بمنع الازدواج الضريبي، والثانية بتشجيع الاستثمار، إضافة إلى ما تحقق من تعاون مُثمر في مجالات حيوية؛ كقطاعات الصحة، الطاقة، الدفاع، الثقافة، التربية، والدعم الاقتصادي والمالي”.
تطابق وجهات النظر الإقليمية
وأكدت أن “أبرز ما تحقق في هذا المضمار محطة الشيخ زايد للطاقة في موريتانيا التي تعد أكبر مشروع من نوعه في شبه المنطقة وهي هبة مجانية للشعب الموريتاني”.
وأشارت إلى أن “زيارة الرئيس الموريتاني سيكون لها الأثر الطيب في مستقبل تطوير هذه العلاقات، وحملت دلالات عدة بشأن حجم التعاون بين البلدين”.
وبينت أن “وصول الغزواني إلى الإمارات بعد مشاركته في الدورة الثامنة للجنة الاتحاد الأفريقي رفيعة المستوى حول الوضع في ليبيا يدفع إلى الاعتقاد بوجود تنسيق بين البلدين فيما يتعلق بقضايا المنطقة خاصة الوضع الليبي بعد أن أصبح عرضة لتدخل بعض القوى الإقليمية”.
وأوضحت: “أعلن الجانبان في كثير من المناسبات تطابق وجهات النظر والمواقف بينهما في عديد القضايا العربية والإقليمية والدولية، خاصة مكافحة الإرهاب والتطرف، ورفض التدخلات الأجنبية في المنطقة التي تعمل على تقويض الأمن والاستقرار”.
مذكرات تفاهم
وتم توقيع مذكرة تفاهم بين المجلس الأعلى للأمن الوطني والإدارة العامة للأمن والتوثيق الخارجي الموريتاني، تبادلها علي بن حماد الشامسي، نائب الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن الوطني، وإسماعيل ولد الشيخ أحمد.
وتبادل الطرفان مذكرة تفاهم للتعاون في المجال الفني والعسكري، تبادلها محمد بن أحمد البواردي وزير دولة لشؤون الدفاع، ووزير شؤون الخارجية والتعاون الدولي والموريتانيين في الخارج.
وتم توقيع مذكرة تفاهم بين حكومتي دولة الإمارات وموريتانيا للتعاون في مجال التعليم، تبادلها حسين بن إبراهيم الحمادي وزير التربية والتعليم وإسماعيل ولد الشيخ أحمد، إلى جانب مذكرة تفاهم بين حكومتي البلدين للتعاون في مجال الرعاية والتنمية الاجتماعية تبادلها حصة بنت عيسى بوحميد وزيرة تنمية المجتمع، وإسماعيل ولد الشيخ أحمد وزير شؤون الخارجية والتعاون الدولي والموريتانيين في الخارج.
وشملت المذكرات والاتفاقيات أيضا مذكرة تفاهم بين هيئة الهلال الأحمر الإماراتي ومفوضية حقوق الإنسان والعمل الإنساني والعلاقات مع المجتمع المدني، تبادلها محمد عتيق الفلاحي أمين عام هيئة الهلال الأحمر وإسماعيل ولد الشيخ.
وشهد اللقاء توقيع اتفاقية تعاون بين صندوق خليفة لتطوير المشاريع ووزارة الاقتصاد والصناعة في موريتانيا لتمويل برنامج دعم قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتبادلها حسين جاسم النويس رئيس مجلس إدارة صندوق خليفة لتطوير المشاريع وعبد العزيز ولد الداهي وزير الاقتصاد والصناعة.
وأعربت الوزيرة الموريتانية عن سعادتها والوفد المرافق لها بوجودها في دولة الإمارات، مشيدة بما رأت من حسن استقبال وضيافة، وأكدت أن هذا الاجتماع تاريخي لكلا البلدين ويسهم في تعزيز أواصر التعاون والعلاقات التي تربطهما.
وبلغ التبادل التجاري بين البلدين لعام 2016، شاملاً المناطق الحرة نحو 91.2 مليون دولار بنمو يناهز 48% عن العام 2015.
وتشير البيانات الدولية لإجمالي التجارة بين البلدين الشقيقين إلى حلول دولة الإمارات في المرتبة الثانية عالميا من حيث الدول المصدرة إلى موريتانيا، وبما يؤشر على تطور وتميز العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
وأيضا الدعم والتعاون العسكري حيث تطور خلال السنوات الأخيرة التعاون العسكري بين البلدين بشكل واضح، وتجسد ذلك التعاون في إنشاء كلية عسكرية في موريتانيا بتمويل من الإمارات، وقد أطلقت عليها الحكومة الموريتانية اسم “كلية محمد بن زايد للدفاع” وقد جرى تدشين الكلية خلال ذكرى عيد الاستقلال الموريتاني الماضية في 28 نوفمبر 2016، وزار خلال الأشهر الماضية وفد من وزارة الدفاع الإماراتية نواكشوط لحضور حفل انطلاق عمل الكلية.
وتعتبر الكلية هي الأولى من نوعها في موريتانيا، وسيكون هدفها الرئيسي هو المساهمة في مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل والصحراء، وستستفيد منها موريتانيا ودول المنطقة في تكوين وتخريج الضباط العسكريين.
وتحظى دولة الإمارات العربية المتحدة بمكانة متميزة وسمعة جيدة لدى الموريتانيين، وخير مثال على ذلك أن هنالك عشرات القرى والأحياء السكنية في العاصمة نواكشوط وفي داخل البلاد يطلق عليها أسماء مدن الدولة مثل: أبو ظبي ودبي والشارقة وعجمان.
سبوتنيك