وزير التجارة والصناعة: ما في حاجة إسمها إتحاد مخابز.. وأي جهة تبيع الخبز المدعوم بزيادة لن تتاح لها فرصة العمل

لم يتوقف (حارس البوابة) كثيراً أو يحدق في (هويتي) ، فقط إكتفيت بكلمات (أريد مقابلة الوزير) فقال لي: (تفضل) ، وبالرغم من أن السبت (يوم إجازة) وكل طاقم الوزارة غير موجود ، وجدت مدني يراجع كثير من الملفات التي أعدتها له سكرتيرته ، ولم يبدُ أنه في (ورطة) كما علق على أزمة الخبز كثير من رواد (الفيسبوك) ..بدأ هادئاً مدركاً لطبيعة ملفاته ، حاورته (الجريدة) دون أن يسأل عن المحاور كما عودنا الوزراء أو يتوقف عند سؤال ، أجاب على كل تفاصيل أزمة (الرغيف) وقضايا الساحة السياسية الأخرى فإلى مضابط الحوار.

*من وراء أزمة الخبز؟
– إستلمنا الملف منذ شهر ، ووزارة التجارة والصناعة لم تكن هي المعنية به منذ العام 1992 ، وهذا الملف بالتأكيد جزء من هموم المواطن و(حوجته) لوفرة السلع الأساسية ، وما أن تسلمناه حتى شكلنا لجنة ضمت كل الشركاء المعنيين به .
حصة كل الولايات من الدقيق في اليوم 100 ألف جوال ، نصيب ولاية الخرطوم منها 47 ألف جوال وهي كافية تماماً ، إذا المشكلة ليست في الدقيق وإنما في الرقابة على السلع.

*ماهي الجهود التي قمتم بها لحل مشكلة الرقابة؟
– جمعنا كل الجهات سواء الوزارات المعنية ، وأصحاب المطاحن، ولجنة العمل الميداني لقوى الحرية والتغيير ولجان المقاومة ، وذلك إستصحاباً للبعد الشعبي في القضية، وهذا ما جعلنا نلتزم بحل الأزمة في فترة محدودة.

*هل هذا يعني تراجعكم عن الوعد الذي قطعتموه بحل الأزمة خلال 3 أسابيع ؟
– لا لم أتنصل عن الالتزام أو ألغيه ، وإنما ذكرت بأن هذا الالتزام لم يبن على ردة فعل نتيجة سؤال ، بل هناك خطة عمل موجودة فعلياً لدى الوزارة تسير بشكل جيد.

*بصراحة الالتزام وضعك أمام تحد مع الجمهور والأيام تمضي؟
– هذا ليس تحدياً وإنما الالتزام كان إيجابياً، باعتبار أن التحدي إلتقطه الشعب لإثبات أنه بالإمكان تغيير الواقع، وأسس لعلاقة جديدة بين الحكومة والمواطن ، في تقديري المسار سار بشكل جيد الأسبوع الماضي على مستوى السياسات والقرارات ، والنتائج والمحصلات مرضية ، ويمكن (الناس) لاحظت أن هناك كثير من المخابز بدأت تعود إلى دائرة العمل من جديد.

*لكن الأزمة تراوح مكانها وما زالت ماثلة؟
– صحيح ما زالت هناك أزمة ، والصفوف ليست ناتجة لعدم توفر الدقيق، وكما أسلفت نصيب الخرطوم 47 ألف جوال وهي كافية تماماً، وبالتالي الوضع الحالي غير منطقي ، وتظل الكفاءة والآداء والرقابة هي أدوات أساسية للوصول حلول نهائية للأزمة نعمل في تحسينها وهذا الأمر واضح للعيان ولا يحتاج لسبر أغوار لإكتشافه، فالحكومة عندما قررت دعم الخبز لم تدعمه (عشان) المهربين وإنما لتوفير خدمة للمواطن .

* هل إتحاد المخابز (محلول) أم مازال جهة إعتبارية؟
– بالنسبة لنا وبحسب معرفتنا (ما في حاجة إسمها إتحاد مخابز) ، و المفترض تشكيل لجان تسيير لأصحاب العمل ، بعد ذلك تكون الاتحادات الفرعية ، وإلى الآن لم يصلنا أي خطاب يشير لوجود إتحاد مخابز قد تشكل.

*مع من تعاملتم إذا بشأن زيادة سعر (الرغيفة)؟
– جاءت مجموعة من أصحاب المخابز إلى الوزارة ، وطلبوا الاجتماع واجتمعوا معنا ، وأوضحنا لهم بأنه لا يحق لهم إتخاذ قرار بزيادة سعر الخبز بشكل فردي ، وأن الحكومة هي الجهة الوحيدة المخول لها القرار ، ورغم ذلك الحكومة لن تتخذ قراراً بهذا الشكل دون مشاورات ، وتقبلوا ذلك ، والاجتماع كان محضوراً من قبل الحكومة ولجان العمل الميداني لقوى الحرية والتغيير ولجان المقاومة ، ووجود هذه الأطراف ساهم في نجاح الاجتماع، وعدم تحوله لأزمة، وكذلك في السيطرة على الغضب الجماهيري الذي حدث نتيجة إعلان سعر الزيادة بشكل فردي.

*أصحاب المخابز لديهم أسباب موضوعية للزيادة فهم يتحدثون عن خسائر ؟
– نحن لا نتحدث عن الأسباب وإنما عن المبدأ ، أصحاب المخابز هم جزء من اللجنة التي من المفترض أن تسلم نتائج عملها خلال هذا الأسبوع ، وهم لم يسلموا تكلفتهم إلا في نهاية يوم الخميس.

*هم تحدثوا عن أنهم سلموا مقترحهم من قَبل لوالي الخرطوم؟
– نحن نتحدث عن لجنة جديدة ، المهم في الأمر هم ليسو الجهة المنوط بها إعلان الأسعار أو زيادتها، فالدقيق مدعوم من الحكومة وهو دقيق الشعب السوداني ، وأي محاولة للي يد الحكومة فالقانون سيطال المتجاوزين، وهو قادر على التعامل مع المخالفين، وأي جهة تبيع الخبز المدعوم بزيادة لن تتاح لها فرصة العمل في الخبز المدعوم بالإضافة للاجراءات القانونية التي ستطالها.

* حديثك عن الخبز المدعوم يعني أن هناك آخر (تجاري)؟
– حتى الآن لم أستلم أي توصيات بأن هناك (خبز مدعوم وآخر تجاري) وغيره.

*يعني ذلك أن الأسعار ستظل على ماهي عليه؟
– نعم خاصة الخبز الذي تتكفل الحكومة للمخابز بدقيقه.

*في المستقبل هل هناك مكان لمقترح الخبز التجاري؟
– فعلياً في بعض المخابز تبيع الخبز التجاري ، ولكن بالنسبة لنا الخلاصة النهائية في هذه المسألة أن الدولة ستستمر في دعم سلعة الدقيق حتى نهاية الفترة الانتقالية ، أما توصيات اللجان سنعلن عنها في مؤتمر صحفي نهاية الأسبوع.

*الرقابة قاصرة على لجان المقاومة والشرطة والأجهزة الأمنية الأخرى غائبة؟
– الشرطة أعلنت عن قوة جديدة سميت بمباحث التموين والأجهزة الأمنية جميعها وجهت هي وحكومات الولايات بالعمل في رقابة المخابز وضبط الأسواق فيما يتعلق بالسلع الضرورية كافة ، حلقة ضبط الخبز أسهل وهي تبدأ من المطاحن إلى الوكلاء ومن الوكلاء إلى المخبز ومنه إلى المواطن ، والآن جمعنا معلومات كافية حول كل هذه الحلقات ما كانت متوفرة من قبل ، فمعروف هناك خمسة مطاحن والوكلاء أعدادهم (كانت جايطة) وكذلك المخابز.

*المطاحن تشكو أيضاً من التكلفة العالية؟
– المطاحن لديها لجنة تتعامل مباشرة مع وزارة المالية فيما يتعلق بتكلفة الطحن ووزارة المالية شاركت في دعم التكلفة، وأي (حاجة) تتم بالحوار مع الشركاء بالتأكيد حظوظ حلولها أكبر ولا يوجد ما يقلق في هذا الصدد.

*هذه اللجنة المعنية بالأزمة قاصرة على العاصمة الخرطوم ماذا عن الولايات؟
– لا أبداً هذه واحدة من الأشياء التي إنتبهنا لها ، فهناك بعض الولايات غير ملتزمة بالسعر ، وفي جزء آخر منها لا تصلها نصف حصتها من الدقيق ، والآن أحد إهتماماتنا في هذه اللجنة وصول حصص الدقيق لكل الولايات.

*شهدت الموازنة سجالاً بين قوى الحرية (الحاضنة السياسية) وحكومتها حول رفع الدعم وإنتصرت الأولى بينما تراوح الأزمة الإقتصادية مكانها؟
-الحل في قيام مؤتمر إقتصادي .

*مؤتمر إقتصادي وحده كفيل بحل الأزمة؟
– المؤتمر الاقتصادي معه آليات حوار مجتمعي حول قضايا الاقتصاد للوصول إلى خيارات من شأنها معالجة الأزمة ، فالأزمة الاقتصادية لن تحل فقط بسياسات أو قرارات حكومية وإنما تحتاج أيضاً مشاركة مجتمعية ومشاركة خبراء وأكاديميين .

*المؤشرات لا تشير إلى العافية موقف الجنية أمام الدولار مثلاً؟
– لا أقلل من انخفاض قيمة الجنيه مقابل العملات الأخرى ، لكن المؤشر المزعج ليس في ارتفاع الدولار وتدني الجنيه، لأن تدني قيمة الجنيه عامل اقتصادي جيد يقلل من تكلفة الإنتاج ويعطي ميزة تنافسية ، الأشكال في التأرجح والتذبذب ، ولذلك هناك سلسلة من السياسات والتدابير التي يتبعها القطاع الاقتصادي سواء بشأن الذهب أو خلافه في إطار حل لأزمة الاقتصادي الكلي، وهذه الأزمة لن تحل بين يوم وليلة خاصة وأن هناك مقاومة من قبل المستفيدين في المضاربة بالعملة وفي النهاية (نفس الدولة أطول).

*بشكل أدق شرح مفصل لامكانية الاستفادة من انخفاض الجنيه في تحقيق استقرار إقتصادي؟
– التدني في سعر العملة مقارنة بالعملات الأخرى ساعد دول كثيرة بأن تنهض إقتصادياً بإدارة صادراتها باعتبار أن تكلفة الإنتاج قليلة، وأقصد بذلك أن تدني سعر العملة ليس الأزمة، وإنما الإشكال هو التأرجح ، فإن كان نسبة العملة متدنية وثابتة، فهذا يُمكن من سياسات إقتصادية واضحة للمستثمر فعناصر تكلفة الإنتاج ستكون أقل ، وإستفادت من ذلك اليابان وألمانيا، والصين رغم إحتياطها النقدي الكبير ما زالت غير مهتمة بتدني عملتها أمام عملات أخرى ما دام أنها مستفيدة من ذلك.

*الحكومة مع رفع الدعم ولكنها تراجعت تحت ضغوط قوى الحرية والتغيير؟
– ليس كذلك هو مشروع الموازنة نفسه تباينت الأراء حوله داخل مجلس الوزراء وتم تعديله ، وبالتأكيد إذا كان هناك (مجلس تشريعي) لمر بمراحل الإجازة المعروفة ، (القراءة الأولى والثانية) ، وبالمناسبة حتى الاجتماع مع قوى الحرية والتغيير لم يأخذ وقتاً طويلاً حتى توصلنا إلى تفاهم بأن الموازنة تحتاج الى تعديل وأن مسألة رفع الدعم التدريجي من عدمه يتم حسمها في المؤتمر الاقتصادي ، هناك إشكال مهم ينبغي الالتفات إليه.. إعداد الموازنة عادة يتم منذ وقت مبكر ، أما بالنسبة للموازنة الأخيرة فالحكومة أدت القسم في سبتمبر ، وأصبح المتبقي لإعداد الموازنة حوالي شهرين أو يزيد قليلاً ، وهذا لا يعطي الفرصة لإدارة حوار مجتمعي واسع رغم ذلك بذلت جهود كبيرة في هذا الصدد ، المهم الناس قبلت التحدي وأعدت الموازنة رغم الظروف التي واجهتها.

*هل هذا هو سبب خروجها (موازنة) ضعيفة؟
– لأول مرة هذه هي موازنة حقيقية ، مبنية على تصور حقيقي للموارد ولأوجه الصرف ، وعلى أولوية التنمية المستدامة ودعم خدمات الصحة والتعليم ، والحماية الاجتماعية ، ومع ذلك لو أتت الموازنة بشكل مستعجل فهي عكست أن المواطن هو مركز الاهتمام الحكومي.

*أنت بصفتك عضو بالقطاع الاقتصادي مطمئن لهذه الموازنة؟
– أنا موقن أن سياسات الحكومة والتي من ضمنها معالجة الأزمة الاقتصاد ستضع السودان في مساره الصحيح، لا أتحدث عن معدلات نمو عالية ، وإنما معالجة للتشوهات والتركة الثقيلة للنظام البائد.

*المواطن يهتم فقط بالسلع الضرورية ودخله؟
-المعالجات التي قمنا بها في إطار ضبط الأسواق هي التي أوجدت المقاومة الحالية ولكن في النهاية سننتصر عليها..المشاكل والتحديات الحالية بدأت عندما وجدنا تأييد شعبي واسع فيما يتعلق بضبط الأسواق .

*ضبط الأسواق هل سيكون على طريقة الحملات القاسية على الأجانب؟
– هناك فرق بين حملات ولاية الخرطوم للوجود الأجنبي ، وما بين قرار وزارة التجارة المتعلق بالأجانب ، قرار وزارة التجارة المتعلق بالأجانب هو ببساطة أن الأجنبي ينبغي أن يخضع لقواعد واجراءات قانون الاستثمار ، أيضاً كان لا بد من معالجة الفوضى التي حدثت بسبب التجنس، فالسودان مُتهم نتيجة هذه الفوضى في التجنس بأنه يأوي إستثمارات تديرها جماعات إرهابية أو ذات صلة بغسيل الأموال ، وبالتالي هذين المسارين مختلفين، ولا علاقة لنا بالقبض على العمال المساكين وغير ذلك ، وحملة ولاية الخرطوم تسأل منها الشرطة، وطلبنا منهم أن لا ترتبط هذه الحملة بوزارة التجارية ومع ذلك التعاون بيننا والأجهزة الأمنية مهم وإن كانت وسائل ضبطنا تختلف.

*تعدد مسارات السلام ؟
– المسارات تم الاتفاق عليها بين الأطراف المختلفة المهم عندنا معالجة جذور الأساسية الكامنة وراء الصراع في السودان ومعالجتها وصولاً لاتفاق شامل في نهاية الأمر ، ولذلك ليس لدينا مشكلة في الأدوات مهما كانت ، فقط النتيجة النهائية بحسب رؤيتنا الاستراتيجية ، وإن تعددت المسارات هي الوصول لسلام شامل.

*لكن المسارات تؤخر السلام والآن البلاد بها فراغ في هياكل الحكم المحلي؟
– صحيح هذا يلقي أعباء على الحكومة ، ولكنها أيضاً ملتزمة باتفاقات سياسية.

*يعني تنتظر؟
– في حلول يمكن أن ترضي الأطراف .. مثلاً موافقة حركات الكفاح المسلح على تشكيل حكومات الولايات بشكل مؤقت إلى حين الوصول إلى سلام.

*هل الخلافات بين مكونات قوى الحرية والتغيير تؤثر على أداء الحكومة؟
– هي غير مقلقة وتعود للممارسة الديمقراطية .

كوش نيوز

Exit mobile version