* التصريحات غير المتزنة ولا المدروسة التي تصدر من بعض المسؤولين الحكوميين تكون لها انعكاسات فورية على أسواق العملات الأجنبية، التي تعتمد في تسعير سلعتها على ما ينشر في وسائل الإعلام.
* سبق لنا أن كتبنا في هذه المساحة عن حوار أدرناه مع أحد المتعاملين في السوق الموازية للعملات، حينما سألناه عن العوامل التي تتحكم في تحديد سعر الدولار كل صباح، فأجابنا من فوره (جرايدكم دي)!
* علمنا منه أن المتعاملين في ذلك السوق العامر بالأعاجيب يتجمعون في قروبات (للواتس)، ويحرصون على تصوير الصفحات الأولى للصحف السياسية منذ الصباح الباكر، وينشرونها في مجموعاتهم، ثم يخضعونها إلى تحليل ونقاش مستفيض، قبل أن يحددوا السعر الجديد.
* الأخبار الإيجابية عن أحوال الاقتصاد أو الوضع السياسي عامةً تؤدي إلى تخفيض السعر، والأخبار السالبة تتسبب في العكس، لترفع ثمن الدولار من فوره.
* مثال على ذلك ما حدث عقب انتشار خبر حظر صادر الماشية السودانية بسبب إصابتها بمرض حمى الوادي المتصدع، حيث ارتفع سعر الدولار عدة جنيهات في اليوم نفسه، لأن الخبر يشير إلى احتمال حدوث تراجع مقدر في قيمة الصادرات، تبعاً لتلاشي الحصائل المتوقعة من قطاع الثروة الحيوانية.
* عندما بادرت السعودية والإمارات بدعم البنك المركزي بوديعة قيمتها خمسمائة مليون دولار هوى الدولار من حالق، حتى قارب السعر الرسمي المعلن من البنك المركزي، وتكرر الأمر نفسه عقب توقيع الوثيقة الدستورية بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير.
* بالطبع لا يمكن وضع اللوم على عاتق الصحف، عندما تبادر بنشر تصريحات غير موفقة يدلي بها مسؤولون حكوميون بلا تدبر، في ما يتعلق بالوضع الاقتصادي للدولة، وتؤدي إلى رفع أسعار الدولار، لأن ناقل الكفر ليس بكافر.
* اللوم يقع على من يصرحون بلا هدىً، ليدلوا بإفادات غير موزونة، ويطلقون تصريحات غير موفقة، تكون لها عواقب وخيمة على اقتصاد يقبع في غرفة الإنعاش منذ سنوات.
* أي خبر يشير إلى وصول منحة أو دعم خارجي أو صدور قرار يسهل التجارة ويساعد على انسياب الصادرات ينعكس إيجاباً على قيمة العملة الوطنية، والعكس صحيح، حيث تتسبب التصريحات التي تتحدث عن تراجع في قيمة الاحتياطات النقدية للبنك المركزي في رفع سعر الدولار على الفور.
* مثال على ذلك ما حدث قبل يومين، حيث عاود الدولار ارتفاعه بعد أن نزل عن سقف المائة جنيه، عقب تصريح غير محسوب ولا مدروس أطلقه وزير الطاقة والتعدين عادل علي إبراهيم، وتحدث فيه عن السماح لشركة الفاخر بتصدير الذهب، بإجراء اضطراري استهدف توفير مبلغ (10) ملايين دولار لاستيراد الغاز، مشيراً إلى عجز الحكومة عن دفع مبالغ شُحنتين للغاز وصلت بورتسودان.
* يومها قال الوزير: “وضعنا مسجم ومرمد، والباخرة وقفت تسعة أيام في البحر.. بلد ما عندها ١٠ ملايين دولار عشان تغطي شحنة غاز”!
* لو صمت لكان خيراً له، لأن حديثه صب في بريد تجار العًملة من فوره، وتسبب في زيادة أسعار الدولار، وأدى إلى المزيد من التدهور لقيمة الجنيه المنهار.
* التاجر العادي لا يكشف عن رأس ماله، ولا يقر بإفلاسه كي لا يضر بتجارته، ناهيك عن دولة بحالها.
* فكروا وتدبروا وتمهلوا قبل أن تصرحوا.. (جنيهنا المسكين ما ناقص مرمطة)!
صحيفة اليوم التالي