كانت القاعة مكتظة بالجماهير جلس على منصة المقدمة ثلاثة من الساسة وكانت اللافتة التي تسد الحائط من ورائهم يطل منها العنوان الراتب المكرور (الوضع السياسي الراهن).
تحدث الدكتور الأول والدكتور الثاني بلهجة اكاديمية باردة وبحديث سمعه الناس الف مرة فى المنتديات والصحف والاذاعة والتلفزيون وبيوت العزاء. جاء دور المتحدث الثالث الشهير بالاختصار والسخرية، وروى الطرفة التالية:
كان هناك يخت صغير يقل مجموعة من الناشطين السودانيين في رحلة بحرية، هبت عليهم عاصفة هوجاء وسط البحر المتلاطم وتسلل الماء الى سطح السفينة فأمرهم الربان بتقليل الحمولة. عقد اليساريون اجتماعاً طارئاً لمناقشة الطلب، وقرروا التخلص من كادر الأمة والاتحاديين. وفعلا قذفوا بهم الى قاع اليم دون رحمة، وبأعجوبة دلف الربان الى جزيرة مجهولة. هرول الجميع نحو الغابة بعد أن شبعوا من الفواكة البرية وأخذوا قسط من الراحة. وعاودتهم في هذا المكان القصي لوثة السياسة فقرر القحاطة تكوين حكومة الغابة فجاءت كالتالي:
1-تم تكوين المجلس السيادي من ربان السفينة والملاحين باعتبارهم المكون العسكري. أما المكون المدني فقد أُختير من الأحزاب اليسارية والعلمانية المعهودة والمتنفذين في المنظمات المشبوهة.
2- كان مجلس الوزراء حكراً على الشيوعيين والبعثيين والناصريين وبعض اليساريين المستترين تحت غطاء تجمع المهنيين.
وبعد اعلان تشكيل وزارة الغابة مباشرة صرخ الشاب الوحيد من شباب الثورة الذي بان على وجهه جرح غائر من أثر النضال القديم، (لقد استحوذتم على كل الأدوار والمناصب والوزارات والسيادي فماذا تركتم لي؟)
فصاحوا بصوت واحد: (خلاص ما تزعل إنت تكون الشعب السوداني).
ضجت القاعة بالضحك وحملوا المتحدث الأخير على الأعناق وهم يهتفون عاش كفاح الطبقة الساخرة
حسين خوجلي