* قبل أيام من الآن أصدرت المهندسة ولاء البوشي وزيرة الشباب والرياضة قراراً قضى بحل مجلس إدارة اتحاد سباق الهجن السوداني، ونص على أيلولة أصوله العقارية والمنقولة للوزارة، وقد ربطت الوزيرة قرارها باعتبارات ترتبط عندها بالمصلحة العامة للبلاد.
* بخصوص الشق القانوني فقد استندت الوزيرة إلى الوثيقة الدستورية والمادة (44) من قانون الرياضة، التي تمنحها حق حل الهيئات الرياضية والشبابية، (حال تعذر استمرار نشاط الهيئة المعنية بالقرار).
* السؤال الذي يطرح نفسه: هل تعذر نشاط اتحاد الهجن بما يبرر حله؟
* حل الهيئة الرياضية يعني (إعدامها)، وقد أزال القرار اتحاد سباقات الهجن عن الوجود، وصادر ممتلكاته وأصوله وأمواله لصالح الدولة.
* لو اكتفت الوزيرة بحل مجلس إدارة الاتحاد، وسمَّت لجنة تسيير لتتولى إدارة شؤونه إلى حين تعيين مجلس جديد لربما هان الأمر قليلاً، ولربما تفهمنا دوافع القرار، مع أنها لا تخلو من خلفية سياسية، تريد بها الوزيرة تصفية كل الاتحادات الموصوفة عندها بأنها تندرج ضمن إرث التمكين.
* اتحاد الهجن غير أولمبي، بمعنى أن اللعبة لا تندرج تحت مظلة اللجنة الأولمبية الدولية، لذلك سيبقى أثره محدوداً، وستظل تداعياته محصورة في الداخل.
* لو كررت الوزيرة القرار نفسه مع أي اتحاد يدير لعبة أولمبية، وينتمي إلى اتحاد دولي يمتلك نشاطاً أولمبياً فستكون عواقبه وخيمة، لأنه سيؤدي إلى تجميد نشاط الرياضة السودانية خارجياً، مثلما حدث للكويت، التي حظرت دولياً، وتم منع رياضييها ومنتخباتها من المشاركة في أي مسابقة رياضية خارجية، كما أجبرت على المشاركة في أولمبياد ريودي جانيرو تحت العلم الأولمبي، بعد أن أقدم مجلس الأمة الكويتي على سن قانون يمنح وزير الرياضة حق التدخل في شؤون الاتحادات الرياضية.
* أخطر من ذلك أن الوزيرة كونت لجنة وكلفتها بدراسة (وتعديل) قانون الرياضة الاتحادي، ويبدو أنها ترغب في أن تحصل على صلاحيات إضافية، لا تتوافر لها في القانون الحالي، كي تستخدمها في حل الاتحادات التي لا ترغب فيها.
* بعد ذلك أصدرت الوزيرة قراراً آخر، حظرت به مشاركة الرياضيين السودانيين خارجياً إلا بموافقة الوزارة، ويتردد أنها خاطبت سلطات الجوازات كي تضع القرار موضع التنفيذ، وتربط المشاركات الخارجية بإذن يصدر من الوزارة.
* لو بلغ ذلك القرار مسامع اللجنة الأولمبية الدولية فستعجل بتجميد نشاط السودان خارجياً، لأنه يحوي تدخلاً حكومياً سافراً في الشأن الرياضي، بما يتعارض مع الميثاق الأولمبي الدولي، والنظم الأساسية التي تحكم كل الاتحادات الرياضية الدولية.
* نص الميثاق الأولمبي على ضرورة أن تُمارس الرياضة في إطار مجتمعي، وألزم المنظمات الرياضية المنتمية إلى الحركة الأولمبية على تطبيق مبدأ الحياد السياسي، ووفر لها حقوق والتزامات الاستقلال الذاتي، التي تضمن لها حرية سن القوانين الرياضية، وتحديد هياكلها ومنظوماتها من دون أي تأثير خارجي عليها.
* إصرار الوزيرة على خلط الرياضة بالسياسة سينعكس وبالاً على الرياضة السودانية، وقد علمنا أن اللجنة الأولمبية السودانية نبهت رئاسة الوزراء إلى خطورة ما تفعله الوزيرة بخطاب رسمي، لم يحظ بالاهتمام الذي يستحقه، ولم يتم الرد عليه حتى اللحظة.
* اتعظوا مما حدث لكرة القدم السودانية على أيام الإنقاذ، عندما أصرت أمانة الشباب التابعة لحزب المؤتمر الوطني المحلول على التدخل في الشأن الرياضي، فتسبب فعلها الأرعن في تجميد نشاط اتحاد الكرة بقرار صارم وصادم من الفيفا.
* كتبنا في هذه المساحة محذرين من تبعات التدخل السياسي في الشأن الرياضي عدة مرات، ولم يأبه لنا أحد، ونخشى أن تنفجر الأزمة المكتومة قريباً، ليقع المحظور، وليلحق النشاط الرياضي بصادر الماشية.. الله يستر!
صحيفة اليوم التالي