في أغسطس 2019م ، تداولت الوسائط ومقالات بالصحف أخباراً عن اتفاق مبدئي بين قيادة الدعم السريع وحركات الكفاح المسلح على استيعاب المقاتلين عن الحركات المسلحة ودمجهم في الدعم السريع على غير ما جرى العمل به من قبل في اتباع منظومة الدمج والتسريح (DDR )حسب قانون القوات المسلحة وتفاصيل اتفاق الترتيبات الأمنية المتوقع .. وتفاوتت ردود الفعل بين الاستنكار والتشكيك في الهدف من اطلاق أجندات (خيالية)، على الاقل ستجد الرفض من غالب الحركات المسلحة وبالذات العدل والمساواة والحركة الشعبية (جناح الحلو) .. وكانت المعلومات والتسريبات تشير الى حركة تحرير السودان ( مني) هي الاقرب لهذا الاحتمال خاصة بعد لقاء قائد قوات الدعم السريع الفريق حميدتي ورئيس حركة تحرير السودان مني اركو مناوي في انجمينا وعدم صدور بيان او اي تصريحات من لقاء بهذا الحجم من اي من الطرفين .
في تلك الاجواء استشعرت جهات عديدة أن هذه المعلومات ان تأكدت صحتها ستضع الحلف الجديد في مواجهة مع مكونات اجتماعية و سياسية تمتد من دارفور حتى شرق السودان ومن حلفا حتى حدود السودان مع الجنوب ..
وانتظمت هذه المكونات في البداية حالية دفاعية عبرت عن ذلك بالسعي للدخول على خط التسوية عن طريق مسارات لخصت الجغرافية السياسية لهذه المكونات وأعلن حتى الآن عن مسار الشرق ومسار الوسط ومسار الشمال .. هذا الوضع أدى إلى بروز خلافات في هذه المناطق ( الجغرافية ) وأوجد معارضات لهذه المسارات والمتحدثين باسمها في جوبا.. و خلقت اجندات متعارضة وإرادات متباينة لا يمكن التوفيق فيما بينها.
جاءت تصريحات مني حول فشل وانهيار مفاوضات جوبا لتلقي بظلال من الشك حول سير التفاوض وأولويات مساراته، فبينما قدمت الحركات المسلحة بند الترتيبات الأمنية على غيره من الأجندة أرجأت الحركة الشعبية ( الحلو ) هذا البند ليتم الاتفاق عليه فيما بعد، بعد الاتفاق على القضايا السياسية و الإنسانية بهدف الإبقاء على الوجود العسكري المستقل لقوات الحركة الشعبية (الحلو) لأطول فترة ممكن كضامن لأي اتفاق سياسي كما رشح.
و كان السيد مناوي قد اتهم الحكومة بالتراجع عن اتفاقها، وقال (ان كل البنود التي تم الاتفاق عليها مؤخراً تم التراجع عنها)، قائلا (المؤسف ان تاريخنا يتكرر بلا خجل، في إشارة لرفض قوات الدعم السريع الاندماج في القوات المسلحة ، وفيما بعد نفى رئيس الجبهة الثورية، وأكدت الوساطة على سير المفاوضات بصورة جيدة و ان موضوع الترتيبات الامنية لم يتم بحثه ، بينما حديث مناوي كان عن هيكلة القوات النظامية و من بينها قوات الدعم السريع ، وتكوين جيش واحد بقيادة واحدة يضم القوات المسلحة و الدعم السريع و دمج قوات الحركات.
ارتباك واضح في جوبا نتج عن تصريحات مناوي، بالإضافة الى مطالبات بتمديد الفترة الانتقالية ،و عقدة (المنشار) في تعيين الولاة و المجلس التشريعي.
لا شك أن الآجال و مواقيت الوثيقة الدستورية تجاوزها الزمن، وعليه من باب احترام نصوص الوثيقة توجب معالجة هذه الاختلالات، التي تعتبر مخالفة للدستور ..
في ظل الوضع الراهن و بدون إكمال هياكل السلطة الانتقالية في الولايات و المجلس التشريعي و بعد مرور (60)يوماً على مخالفة الوثيقة الدستورية، هل يمكن اعتبار ان الفترة الانتقالية لم تبدأ بعد..
ما يخشى منه ان تتحول رحلة البحث عن السلام إلى صراع بين مراكز السلطة.. وان يرتفع مزاد التحالفات ليلقي بظلاله على الحوار(المفاوضات) بين ( الفرقاء).
*الفرقاء هم الاطراف المختلفين وليس المقصود جمع فريق (الرتبة العسكرية)..
صحيفة الجريدة