مصطفى محكر: وداعا صفوف “الخبز”

سيظل أهل السودان يحسبون الأيام والساعات ، حتى ينقضي الميقات الذي ضربه وزير الصناعة مدني عباس مدني لإنتهاء صفوف “الخبز”، خلال ثلاثة أسابيع ، حينما كان يشارك في اللقاء التلفزيوني الشهير مساء الثلاثاء الماضي مع رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك ،ووزير المالية والتخطيط الاقتصادي د. إبراهيم البدوي ،وهو الحوار الذي اداره عثمان ميرغني واثار جدلا كثيفا، وبلغ الحال أن وصفت “الاسافير” عثمان ميرغني بالكوز المندس لطريقة طرح أسئلتة على د. حمدوك .
نعم أهل السودان أصبحوا في أعلى جاهزيتهم لمحاسبة من يتولون إمورهم السياسية والاقتصادية .. سيرددون بأن حديث الوزير كان يوم 21 يناير 2020..وأن يوم 11فبراير 2020م هو موعد توديع صفوف الخبز بحسب تاكيدات الوزير ، الذي يفترض أنه على دراية كاملة بأرقام المتوفر من الدقيق، والاحتياطي من القمح ، والمتوقع وصوله من خارج السودان ، وتبعا لذلك يكون الوعد في محله .
اللافت أن حديث وزير الصناعة ، اصطدم في ذات اللقاء بافادات رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك حينما أشار صراحة الى أن المخزون المتوفر من الدقيق يكفي حاجة البلاد لأكثر من شهر ..وطالما هذا هو الواقع فستكون هناك أزمة اشد من الازمة الحالية في الخبز ..ولكن قد يقول قائل ” أن وزير الصناعة يعي مايقول”.. وأنه يدري أن كميات من الدقيق ستصل البلاد قبل إنقضاء الاحتياطي الحالي الذي سينتهي بعد شهر بحسب حمدوك ..وإلا أصبح تصريح وزير الصناعة محل تندر في الاسافير ..مثل ذلك التندر الصاخب الذي صاحب حكومة المؤتمر الوطني في أيامها الأخيرة.
عموما الأيام القليلة المقبلة ستكشف حقائق الأمور ، وخلالها سيودع الناس صفوف الخبز وتبقى الصفوف من ذكريات الأمس .. أو أن تستفحل الأزمة ،وتكون صدقية وزراء الحكومة الانتقالية في مهب الريح .
عموما إذا توفر الخبز نتيجة معونات خارجية ، أو أنعدم لاحجام الذي يمدنا بالدقيق.. تبقى المعاناة متواصلة في ظل انتظارنا لمعونات خارجية ، تزيد أوتقل أوتتوقف بحسب المزاج السياسي للمانحين.. لذلك على الحكومة الانتقالية أن تكف عن كثرة التصريحات وتنصرف لتوفير معدات واليات الإنتاج ، حتى يكون لنا وفرة نعرف حجمها ، وأماكن حقولها عوضا عن بواخر لن تكون مرابطة في موانئنا دائما في ظل تقلب المواقف السياسية .. لن تكون هناك مخارج امنه للسودان وأهله وحكومته دون وفرة في الإنتاج .. نعم الإنتاج الذي يغطي الحاجة ويفيض حتى يصبح صادرا يعود على الخزينة بالعملات الأجنبية .. ودون ذلك ستصبح كل التصريحات محل سخرية وتندر ، وربما الحقت الحكومة الانتقالية بسابقتها التي اكثرت من الوعود دون الوفاء بها .
مصطفى محكر

Exit mobile version