ارتفعت شدة الازمة في الخبز بالعاصمة المثلثة وعدد من الولايات دون مبررات واضحة، فتقاذفت المواطن الحيرة عما هي الحقيقة وراء ذلك، وازاح خلاف ما بين وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي والمطاحن جزءاً من الستار حول الاسباب، الا ان المخزون الاستراتيجي اكد توفر قمح الدقيق بشكل كامل دون نقصان، واستمرار الازمة حدا بوزير الصناعة والتجارة الى اطلاق تعهد قوي بالتزام وزارته بحل مشكلة صفوف الخبز خلال ثلاثة أسابيع بشكل كامل من خلال تكوين آليات المراقبة للتوزيع وحصر المخابز بالتعاون مع الوكلاء، مؤكداً عدم رؤية صفوف خبز بعد هذه الفترة، نافياً وجود ازمة في الدقيق وارجعها لضعف الرقابة في توزيع السلع.
أرض جاذبة:
حديث مدني جعل مصدراً امنياً رفيعاً ــ فضل حجب اسمه ـ يؤكد لـ (الإنتباهة) ان حل ازمة الخبز ينحصر في توفيره فقط، الا انه استدرك بالقول ان حديث وزير الصناعة والتجارة يحمل عدة اوجه تتضمن ان يتم رفع قيمة الخبز ومن ثم يتوفر، مشيراً الى ان الحل يجب ان يأتي بعد تشخيص المشكلة ووضع الحلول لها.
وقال ان اصحاب المخابز يعانون جداً بسبب شبه انعدام العمالة في الافران، وبالتالي صاحب المخبز لا يستطيع ان يوازن ما بين تكلفة الانتاج وارتفاع اجرة العمالة، اضافة الى ظهور مشكلة بارتفاع الغاز والحطب (للافران البلدية)، ولهذا يتجه الى بيع الدقيق ويستفيد اكثر من ان يصنعه خبزاً، ووصف ذلك بالارض الجاذبة لبيع الدقيق في السوق الاسود.
أحلام بلا ساقين:
واختزل استاذ الاقتصاد بجامعة ام درمان الاسلامية د. محمد خير حسن حديث مدني في عبارة واحدة (انها احلام لا تسير على ساقين)، وقال انه باستمرار دعم السلع فإنه سيفتح الباب واسعاً للتهريب باعتبار اسعارها المنخفضة وارتفاعها في دول الجوار، وهذا ما يقود ذوي النفوس الضعيفة الى تهريبها الذين لا يأبهون بحدوث فجوات داخلية ويهتمون بمكاسبهم الشخصية.
واوضح محمد خير في حديثه للصحيفة انه في ظل هذه الاوضاع التي يكتوي منها الناس لا يؤيد رفع الدعم، ولكن يجب تمتين الاجراءات الرقابية على مثل هؤلاء، ففي التجارب السابقة كانت توزع حصص الدقيق على المخابز برفقة الامن الاقتصادي، وهو جزء من الرقابة الاساسية، نسبة لأن اصحاب كثير من المخابز يحولون الحصص الممنوحة لهم لاغراض اخرى اكثر ربحية وليس انتاج الخبز.
وشدد في ذات الاثناء على ضرورة التأكد من المخزون الاستراتيجي ووضع الجهات الرقابية، وأخيراً سواء اليوم او غداً لا بد من الرفع التدريجي للدعم لتصبح اسعار السلع غير محفزة للتهريب، مع وضع معالجات للشرائح الضعيفة التي يمكن ان تتأثر بعملية رفع الدعم.
خطوة استعجال
ويرى صاحب مخبز بنمرة (2) احمد عبد المجيد، ان الخطوة فيها استعجال كبير لطرح الامر، مجدداً ان الازمة الآن تنحصر في انعدام العمالة، وبسببها توقفت كثير من المخابز عن العمل فاغلقت ابوابها، واضاف قائلاً: اجرة العجان وصلت الى 50 جنيهاً والطاولجي 30 جنيهاً للعجنة الواحدة.
وقال ان ارتفاع اسعار مدخلات الانتاج من خميرة وزيت احد اسباب الازمة، كاشفاً عن عودة ظهور اشخاص غير معروفين لاصحاب المخابز في الصفوف دون ان ندري من هم او من اين اتوا، وهذا يشير الى ان الخبز يتم تهريبه لخارج الخرطوم بعد صنعه.
صحيفة الأنتباهة