* ما حدث في مدينة مدني يمثل مؤشراً بالغ الخطر لما قد تؤول إليه الأوضاع في بلادنا خلال الفترة المقبلة من انفلات وعنف ودماء غزيرة، سالت بالفعل في أحياء وطرقات حاضرة ولاية الجزيرة يوم أمس الأول، وصاحبها إطلاق غزير للرصاص، وأفرزت إصابات بالغة لعدد مقدر من المواطنين والنظاميين.
* يقولون الحرب أولها كلام، ومعظم النار من مستصغر الشرر.
* الواضح أننا تخطينا مرحلة الكلام، ووصلنا درجة الاشتباك في الشوارع، وإطلاق الأعيرة النارية، وحمل الأسلحة البيضاء علناً، ليتبدى بها شبح الحرب الأهلية في أقبح صوره.
* إذا تواصل السيناريو الحالي فسندخل مرحلة الاغتيالات السياسية والتفجيرات الدامية قريباً.
* حدث ذلك في الجنينة ونيالا وبورتسودان وانتقل إلى مدني، والحبل على الجرار.
* انتبهوا وتعقلوا قبل فوات الأوان.
* ما يحدث حالياً في بلادنا يحمل في جوفه شروراً مستطيرة، ستقودنا إلى مصيرٍ أسود، شهدنا مآلاته، وتابعنا كوارثه في عدة دول من حولنا، تحولت شعوبها إلى جيوش من النازحين، بعد أن افتقدت أمنها، واستعرت فيها الحروب الأهلية، لتقضي على الأخضر واليابس.
* نسأل بدءاً، كيف تم التصديق لمسيرة تحوي تهديداً بالغاً للأمن؟
* ما هي الجهة التي طلبت التصديق لها في الأصل؟
* كيف سمحت الشرطة بقيام المسيرة، ولماذا لم تأخذ الجهات الأمنية الأمر بالجدية التي يستحقها، لتنشر أفرادها، وتمنع التجمعات المهددة للأمن، كي تحقن الدماء، وتحفظ الأرواح، وتحول دون وقوع أحداث العنف التي صدمتنا مشاهدها الدامية، عقب انتشارها في وسائل التواصل الاجتماعي؟
* لسنا من دعاة تكميم الأفواه، لكننا ننبه الإسلاميين إلى أن إصرارهم على تنظيم مثل هذا المسيرات الفارغة من كل محتوى يضرهم ولا ينفعهم، لأنه يستفز الشارع المحتقن، ويحض خصومهم على مواجهتهم بالشدة، ويزعزع الأمن المهتز أصلاً.
* حتى بالحسابات السياسية البسيطة، تقدم مسيرات ما يسمى (بالزحف الأخضر) خدمةً لا تقدر بثمن لقوى الحرية والتغيير، كما تدعم حكومة الفترة الانتقالية، وتدفع أنصارها إلى تجاهل عيوبها، وتحضهم على التمسك بها أكثر، طالما أن البديل المطروح لها يتمثل في من ثار عليهم شبابنا، وقدموا أنفسهم ودماءهم ثمناً لإزالة حكمهم الجائر.
* لا يوجد أي مبرر يدفع الإسلاميين إلى الإصرار على تجميع أنصارهم من العاصمة والولايات، وحشدهم بالبصات كل مرة، كي ينظموا بهم مثل هذه المسيرات المستفزة.
* عليهم أن يراجعوا تجربتهم الفاشلة، ويقوموا أخطاءهم الفادحة، ويمارسوا فضيلة نقد الذات، ويدققوا في المسببات التي دفعت كل أطياف الشعب إلى الخروج عليهم، وحضت أبناءهم وأحفادهم على الثورة عليهم، لينهوا حكمهم بثورةٍ عارمةٍ، زلزلت بناءهم المتداعي من أركانه.
* كذلك نوصي لجان المقاومة وشباب الثورة بأن يتعاملوا مع الأمر بحكمة وتروٍ، كي لا تهتز الحالة الأمنية أكثر، وتفقد بلادنا طمأنينتها، وتنجر إلى انفلاتٍ لن ينجو منه أحد.
* العنف منبوذ، وأخذ الحقوق باليد ليس مقبولاً، كما أن تهاون الجهات الأمنية في التعامل مع ملف الأمن لم يعد يحتمل السكوت عليه مطلقاً.
* مطلوب من وزير الداخلية والنائب العام التحقيق في أحداث العنف المتمددة، ومحاسبة المقصرين والمتواطئين الذين سمحوا بقيام المسيرة، وتهاونوا في حفظ الأمن، كي لا يتفشى العنف أكثر، ونعض البنان، حيث لا ينفع الندم.
صحيفة اليوم التالي