تبيدي: بأي ذنبٍ وُئدت ؟!

• لو علّلت حكومة د.حمدوك قرارها بإغلاق عدد من الصحف والقنوات والإذاعات بأن تلك الوسائط تهدد الأمن القومي والسلم الإجتماعي وتضر بعلاقات ومصالح البلاد الخارجية لكان ذلك – في تقديري – أهون وأكثر قبولاً من إستهدافها بمزاعم أنها مشتبهة بالإنتماء للنظام السابق والإرتباط به ونيل التمويل منه ، أبجديات العدالة تستلزم التحقق إبتداءً من تلك الشبهات عبر الآليات القانونية والإدارية المعلومة وعند الوصول لمرحلة اليقين من صحتها يتم الإنتقال الى الإجراءات القانونية وفق ما يُعرف بقانون إزالة التمكين أو غيره .
• لكن ، حتى إذا إفترضنا توفر أدلة وبراهين على أن “الرأي العام ، السوداني ، طيبة ، الشروق ، إذاعة الفرقان وإذاعة القرآن الكريم” مملوكة للنظام السابق وليست مجرد توابع له تتلقى منه التمويل والدعومات والإعفاءات ، فهل القرار الصحيح هو إيقاف تلك المؤسسات وحراستها بالتاتشرات المسلحة وكأنها خلايا إجرامية تهدد أمن البلاد أم إتخاذ إجراءات إدارية داخلية مثل تحويل الأسهم الى الدولة وتسمية مجالس إدارات جديدة وترك المهنيين يمارسون مهنتهم خاصة وأنهم لا يهتمون أصلا بمن هم الملاك والناشرون ؟
• هل كان هناك ما يبرر ويستدعي إظهار القوة عند التنفيذ ومرابطة عدد من العربات المسلحة خارج المقار وكأن الصحفيين يحملون مدافع وليس أقلاما أو كأنهم سيتجمعون وينفذون هجوما مضادا لإسترداد مؤسساتهم الموؤودة ؟ النظام السابق إتخذ العديد من الإجراءات الأمنية ضد الصحف والمؤسسات وربطها بتهديد الأمن العام والسلام الإجتماعي لكنه لم يلجأ لإستخدام دبابات وتاتشرات للتنفيذ إذ أن في ذلك تعسفا وجرعة ألم إضافية على الصحفيين الذين لا ينتمون لتنظيمات سياسية حتى وإن تعاطفوا معها .
• نأمل مراجعة القرار “الغبي” وليس اللهث وراء التبرير له بحجج لا تقنع راعي ضأن في الخلاء ، نعم القانون فوق الجميع ، دعوا إجراءاتكم تمضي بشفافية وعدالة ، لكن أعيدوا تلك المؤسسات لعملها دون أي تدخل في مضمون رسالتها المهنية أو مساومة بعض مُلاك الصحف لإتخاذ قرارات ترضى فلاناً حتى يُسمح لصحيفتهم بالعودة ، وليت الأستاذ فيصل محمد صالح يقود هذا التصحيح تنصيعا لصحائفه التي علق بها غبش كثيف يميل بعضه للسواد ، بعد أن كانت مليئة بالوقفات والتصريحات القويةفي مواجهة كل ما يمس بحرية الصحافة .

الإثنين ١٣ يناير ٢٠٢٠م
عسل مختوم (الصيحة)
محمد حامد تبيدي

Exit mobile version