ماذا بين “محمد وداعة” و”عروة” و”زهير السراج” ؟

في مقاله الموسوم “الشعب السوداني يسدد فواتير المؤتمر الوطني” كتب الأستاذ “محمد وداعة”.. القيادي البعثي المعروف والفصيل المتقدم في “قوى الحرية والتغيير” عن قضية إيقاف صحيفتي “السوداني والرأي العام” وما رافقتهما من منابر إعلامية شملتها قرارات “لجنة محمد الفكي سليمان”، ما كتبه “ابن الكار” المحترم الذي يعرف أوجاع هذه المهنة “العذاب” بحكم إدارته الطويلة لمطبعة “دار الأشقاء” سابقاً “بكة” حالياً.. يندرج في باب “انتقاد الذات” بشهادة شاهد من أهل الدار، حيث كتب وداعة ما نعرضه هنا بتصرف غير مخل: “بافتراض أن صحيفتي السوداني والرأي العام هما من ممتلكات المؤتمر الوطني، وبافتراض أن لجنة إزالة التمكين اتخذت الإجراءات الاحترازية والضرورية للحفاظ على حقوق العاملين حسب ما ورد في المؤتمر الصحفي (أن العاملين بهذه المؤسسات لن يتضرروا) ، ..كيف ؟ وعلى افتراض أن اللجنة قد اطمأنت إلى الإجراءات القانونية و لديها توفرت كل الأدلة على ما ذهبت إليه من أن هذه الصحف واجهات للمؤتمر الوطني، فلا شك أن التحفظ على هذه الصحف بهذا الشكل تشوبه الكثير من العيوب والنواقص، و بافتراض صحة ما ذهبت إليه لجنة إزالة التمكين فإن هذه انتقائية غير مبررة، وربما هناك صحف مولها النظام لم يشملها القرار، وهناك شكوك حول تأثير هذا القرار على مستقبل صحف أخرى، بحيث يمكن إدراجها تحت هذا البند.. هذه المؤسسات التي تم الحجز عليها قيمتها محدودة نظراً إلى الشركات الرمادية الكبرى والقطط السمان الضخمة.
وكل ذو بصيرة يعلم أن سياسة التخلص من الأصول بواسطة المؤتمر الوطني وواجهاته وشخوصه قد بدأت فور سقوط النظام، وتم تجاوز قرار المجلس العسكري آنذاك والذي قضى بعدم نقل أسهم الشركات وأوقف تسجيلات الأراضي، فلم يوقف بيع الأسهم ولم يوقف بيع الأراضي …. رغم وجود هذا القرار يتم استخراج شهادات البحث للأراضي والعقارات وتباع يومياً عشرات الأراضي والعقارات والمصانع والمزارع، هذا فضلاً عن الأراضي والعقارات التي تم رهنها للبنوك أو حجزها في الأراضي، و في ظل شح السيولة والنقد الأجنبي استمرت حركة تحويل النقد الأجنبي للخارج عبر البنوك والصرافات وعبر تجار العملة وعبر المطار، كان يتوجب على لجنة إزالة التمكين أن تبدأ من مكان آخر… مؤسسات يمكن استرجاع الأموال منها، ويمكن إعادتها لخزينة الدولة، السائلة منها والتي يمكن تسييلها وتلك التي يتسبب استمرارها في إلحاق الضرر بالأوضاع الاقتصادية.. هناك المئات من الاستثمارات الأجنبية والمشتركة والشراكات الحكومية مع أطراف خارجية أو داخلية، كان المؤتمر الوطني إما يشارك عبر رموزه في إدارتها والسماح لها بتجاوز القانون والإضرار بالأوضاع الاقتصادية تحقيقاً لمصالح خاصة للقائمين عليها و تبرعات ضخمة للمؤتمر الوطني، والتدخل في تحديد حجم الطلب على الدولار مثل شركات الاتصالات والبنوك الأجنبية والتي كانت ضمن منظومة الفساد التي ضربت القطاع المصرفي والاستثمارات الخارجية .. ولعل بعض هذه الاستثمارات تعود إلى أصدقاء حسب التصنيف الجديد للأصدقاء، وعليه تقتضي الحكمة معالجتها بأسلوب مختلف، نخصص هذه المساحة اليوم للصحف لأنها ذات طبيعة خاصة، وكافح معظمها للبقاء فى ظروف سيئة، وكان نصيبها من التضييق والعسف والمصادرات المتعددة، والجرجرة في المحاكم إبان العهد السابق كبيراً و لكنها مع ذلك ادت دوراً كبيراً و ساهمت فى كشف الفساد و تعرية النظام وفضحه، وأجرت المقابلات ونشرت بيانات المعارضة، في عهد النظام البائد استأنفت صحيفة الميدان صدورها، وصدرت صحيفتا البعث السوداني وأخبار الوطن. هذه الصحف عملت بصبر ومثابرة وعبرت عن المعارضة بشكل لافت وتحملت خسائر مليونية، وعلى الأقل أوقفت من الصدور منذ فبراير وحتى إبريل وترتبت عليها خسائر تكافح حتى اليوم لتجاوزها، هذه الإجراءات ضد الصحف لا تعدو كونها سفاسف التمكين وفتاته، هذه الصحف عبارة عن دور مؤجرة وشوية أثاث وأجهزة كمبيوتر. هذه الصحف أياً كان من يملكها، فهى حقيقة ملك للصحفيين العاملين فيها، بنوها بعرقهم وصبرهم، ربما كان الأوفق تمليكها للعاملين فيها والسماح باستمرار صدورها ولو تحت حراسة قضائية، إلى حين الفصل في أمرها،
حرية الصحافة خط أحمر حتى ولو كانت صحافة صنفت ضد الثورة، أو كما يحلو للبعض وصفها بالمعادية، أي حكومة تحتاج لمؤيدين مثلما تحتاج لمعارضين، وناصحين، بعض مضي (10) أشهر على الثورة فإن السؤال الأهم أين المؤسسات الإعلامية للحرية والتغيير، وأين رسالتها الإعلامية وكيف تصرف خطها السياسي إعلامياً، اللهم ألهمنا الصبر…. وأن نكون من الكاظمين الغيظ”.
# لم يترك “محمد وداعة” شاردة أو واردة مما ينبغي أن يكون عليه حال الحكومة وأولوياتها في إعادة أموال الشعب السوداني.. كما سأل سؤالاً “غياظاً” عن الدور الإعلامية للحرية والتغيير بعد الثورة.. ولكن يبدو أن الحكومة لا يعنيها من أمر اقتصادنا العليل وبؤسنا العام شيئاً ولا يشغل بالها “الرايق” أن صعدت قيمة الدولار الأمريكي في مقابل الجنيه السوداني.. ولا حتى أن اشتكت مؤسسة “المخزون الاستراتيجي” من قلة الفئران في مخازنها.. يبدو أن المعارك الصغيرة التي “تورت” بها حكومة حمدوك “نفسها” هي كل ما تملكه لتقدمه للشعب السوداني في “فتيل” مغطى بورق سولفان أنيق مكتوب عليه.. “عليكم بالمزيد من الصبر.. فقد صبرتم 30 عاماً”.. أما الدور الإعلامية للحرية والتغيير فقد سأل وداعة سؤالاً لا يجيب عنه إلا الغياب والفشل.
# بعيداً عما قيل من شهادات في حق صحيفة السوداني “المعطلة” وبعيداً عما قاله ضياء الدين بلال وجمال الوالي وآخرون عن شهادات إثبات الملكية، عليكم، أيها الكرام، بما أثبته المناضل الدكتور “زهير السراج” في عمود الخميس على نفسه.. حيث أكد على ما مر عليه الأستاذ “محجوب عروة” مرور الكرام في كل مرافعاته عن الظلم الذي تعرض له.. ولكن.. قال دكتور زهير: “وكما توقعنا، انتهزت الحكومة فرصة تأخر شركة السوداني عن سداد قرض مصرفي (استخدم في شراء مطبعة)، وفرضت على الأستاذ محجوب الذي وقع على شيكات السداد باعتباره المدير العام للشركة، إما بيع الشركة أو الدخول إلى السجن، كما فرضت عليه أن يبيع باقي المساهمين أسهمهم وإلا كانت النتيجة دخوله السجن أيضاً، وهنا جرت مساومتنا على حقوقنا وأرغمنا على بيعها بثمن بخس مقابل حرية الأستاذ محجوب”.. انتهى ما قاله دكتور زهير السراج والذي وثق للتاريخ حكاية فشل الأستاذ محجوب عروة في المحافظة على صحيفته ” السوداني” بسبب “التعثر المالي” مثلما تعثر في الدستور والصباحية.. ولكن.. “ما عرفت أضحك وللا أبكي”.

ايمن كبوش
اليوم التالي

Exit mobile version