الاعلان الشهير الذي سرقت به قوى الحرية والتغيير ثورة شبابنا وغضبة الجماهير يقوم على الآتي :
– تغيير النظام وهو تكليف قامت به الجماهير والقوات المسلحة
– تكوين حكومة انتقالية من الكفاءات الوطنية المستقلة في ادارة مهام الفترة الانتقالية
– تحقيق السلام
– حل المشكل الاقتصادي ورفع الضائقة المعيشية للسواد الاعظم من ابناء شعبنا
– تهيئة المناخ السياسي بالسلام الاجتماعي لاجراء انتخابات عامة حرة ونزيهة يقود البلاد فيها، من تحققت له الارادة الشعبية وعدالة الصندوق وهذا امل يبدو كالسراب في وطن يقف على شفا نزير لحرب اهلية ضروس ليس في ثغور الحركات المسلحة بل في كل مدينة سودانية. وما المجازر التي دارت في الجنينة وبورتسودان ببعيدة، كيف لنا ان نحلم بسلام اجتماعي وسلام سياسي والبلاد قد انقسمت تماما الى فسطاطين.
وكيف نؤمل في طمأنينة اجتماعية وقد اصبح انس المجالس حصريا على هذه الجرائم البشعة التي اصبحت تدمع لها الانفس قبل الاعين وتقشعر لها الابدان وقد صدق الشاهد حين قال ( لقد أصبحت بلادنا ويا للأسى عرضحال جنائي ويومية تحري).
ورغم هذه التعقيدات التي تستوجب تحالفا وطنيا مفتوحا لكن للاسف فوجيء الشعب السوداني بأن احزاب الشظايا اليسارية والعلمانية يستولون على مقاليد الحكم بغير كفاءات وطنية ومستقلة، ويتقدمون الصفوف بلا أغلبية جماهيرية ولا أغلبية فكرية.
لقد استيقظ الشعب السوداني من رهق النضال فوجد ان الحزب الشيوعي الذي قُبر حتى في العواصم التي صنعته يستولي على الحكومة وعلى الخدمة المدنية وعلى التشريع وعلى المستشاريات، ومن المضحك المبكي أنهم قد استولوا أيضا على المعارضة وقطاع من المقاومة، والغريب في الأمر انهم على قلتهم ورقة حالهم داخلياً وخارجيا منقسمون فكريا وتنظيميا ومتفقون على ادارة المولد (السيدو غايب).
أما الشريك الثاني الذي يقتسم الغنائم فهو حزب البعث العربي الاشتراكي الذي في زمان مجده وتمويله لم يحز على دائرة واحدة ورغم انه على ضعفة ينقسم الى شظايا أما الآن فهو يمتلك القوة الثانية (وسط دهشة الجميع).
أما الناصريون الذين أصبحوا حتى في مصر قوة خارج التاريخ فإنهم يسيطرون على الثلث المتبقي بفتاة ناشطة وصبي ناشط ومحامي.
اما موقف حزب الأمة والمؤتمر السوداني وبقية منظمات المجتمع المدني الذين يكونون وريقة الحرية والتغيير فقد حارت البرية في صمتهم وتهميشهم وقلة حيلتهم، فهم للأسف لم يصنعوا شيئا لصالح جماهيره، ولم يصنعوا شيئا لصالح الشعب السوداني. بل انهم وياللحسرة يتحملون كل وزر وجرائم اليسار بمقدرات شعبنا، وكل عبث الجمهوريين الذين لم يجدوا إنجازا واحد يسوقونه غير حجب القران عن مقرر رياض الأطفال، والازدراء بقيم هذا الشعب وشريعة المصطفى صلى الله عليه وسلم.
لا أحد في هذا السودان المتسع المعتدل المؤمن المعافى يريد ان يقصي احدا او حزبا او فكرة لا أحد يرغب في اقصاء شيوعي او بعثي أو ناصري رغم ما يرتكبونه الآن في الساحة السياسية من حماقات ضد الشعب وقواته المسلحة وأجهزة أمنه وشرطته وثوابت، رغم أننا نلاحظ ليل نهار هذا السخف العقائدي والضمور التنظيمي الذي يطالب بابعاد التيار الاسلامي العريض بكل مدارسه وحصره في معركتهم البائسة مع الكيزان، وتطاولهم على حزب الحركة الوطنية المتمثل في الحزب الاتحادي الديمقراطي وطائفة الختمية وزعيمهم الميرغني ودمغهم بالفلول لتقدير سياسي حميد شاركوا به لتحصين السودان من الشتات والتمزق.
ويحاصرهم التساؤل المر ما الذي جعل موقفهم الموالي لقرنق وتأييدهم للبشير ما بعد نيفاشا، وتمريرهم لحق تقرير المصير وقانون الأمن، ما الذي جعل موقف الرفيق نُقد بالأمس نضالاً وعند الميرغني اليوم خيانة؟
إن الراهن السياسي المفضوح أمام الرأي العام الداخلي والخارجي يشي بلا مواربة ان هذه حكومه تدير اقتصاداً منهاراً وعدالة عرجاء وسلاما تعلي فيه صوت الخارجين على القانون وتلمع فوهة بندقياتهم للمنازله وتكتسب اذدراء وسخرية الاقليم والمنطقة والعالم وتتمسك بحزمة من المعارك الهوائية ضد اعداء متخيلين، ومكتسبات رومانسية لا تزهر حقلاً و لا تنجب قمحاً ولا تستوعب شباباً ولا تحدق صوب المستقبل.
إن أزمة حكومة الشظايا هي في الهروب الدائم الى الأمام من الحصار والمواجهة، إن أصدق ما تفعله هذه الحكومة حسن استخدامها للشمع الأحمر فهي الآن تُغلق المنظمات الطوعية، وجمعيات الإغاثة، والصحف، والقنوات، والمؤسسات الاقتصادية، والممتلكات الخاصة بالشمع الاحمر وتجمدها لصالح المجهول.
وثالثة الاثافي اننا اهدينا بالأمس اضافة معنوية لحركات التمرد حين قابلها رئيسنا الشرعي بلا طائرة سودانية ولا حرس سوداني ولا أمن سوداني ولا علم سوداني وبشعار يسئ الى معتقد الأغلبية ويُعلي من شأن العلمانية ويمد لسانه لشريعة الرحمن ومعتقد الأغلبية. وسط حضور مكثف للمنظمات المشبوهة والخواجات الذين يستخدمون كاودا تبريرا لصرفهم الحرام على الشركات المتعددة الأغراض في الدواء والغذاء النافق والإعلام الأسود واسلحة الجريمة والفناء الباهظ التكاليف.
من المعلوم ان أغلى كرت للمفاوض الرسمي والوطني هو كرت الوطأة النفسية التي تدين المتمرد بالاحتلال واختطاف شريحة من أبناء شعبنا. وحتى هذه الوطأة النفسية رُفعت عن الحلو ومن شايعه حين جاد عليهم رئيس الوزراء بالزيارة وأهداهم بكرم حاتمي ما لم يكونوا يحلموا به من إعتراف مجاني، بل ووصفوهم بطلائع الكفاح المسلح.
وهذا يعني ويا للفضيحة ان جيشنا الوطني الذي واجههم بالبندقية الشرعية والمحافظة على الثغور هم (طلائع الاعتداء المسلح) فمتى ياترى تنعقد جولة المفاوضات بين الكفاح المسلح والاعتداء المسلح لتحقيق السلام المستحيل؟
الانتباهة