حمدوك في كاودا.. رحلة إلى المجهول!

ماذا تعرف عن كاودا؟ هذا السؤال المُلح يفرض نفسه في كل مرة يتحدث فيها الناس عن (المدينة الغامضة) التي استعصى دخولها لسنوات طويلة.
] بالأمس أعادت زيارة رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك ذات السؤال إلى سطح الأحداث، مصحوباً بتفاصيل دقيقة سنستعرض بعضاً منها في هذه المساحة، ولكن بعد أن نقدم إضاءة بسيطة وجدنا معلوماتها بعد بحث مضنٍ في الشبكة العنكبوتية.
] تعتبر مدينة كاودا عند الحركات المسلحة العاصمة المقدسة ورمزية النضال الذي قاده يوسف كوة وضباط الحركة الشعبية.
] تأتي كلمة كاودا من اللغة الدارجة (الرطانة) من كلمة (كودي) وهي منطقة تتكون من جزئين (كودي فوق) لقبيلة (أطورو)، و(كودي تحت) لقبيلة (تيرة)، والتي تعني الشلال المتدفق بين الجبلين.
] تبعد منطقة كاودا عن كادقلي عاصمة ولاية جنوب كردفان حوالي (92) كيلومتراً إلى الشرق، وهي معسكر صغير في قمة جبال شاهقة اتخذته الحركة الشعبية عاصمة ومقراً إستراتيجياً لها.
] سيطر المتمردون على المدينة في العام 1983م، ولم تكن فيها قوات للجيش السوداني منذ الاستعمار، وفي اتفاقية سلام جبال النوبة في العام 2002م كانت توجد بالمنطقة قوات السلام الدولية التي تراقب الاتفاقية ومنظمات الإغاثة، فاحترم الجيش السوداني هذه الاتفاقية ولم يدخلها أو يراقبها.
] بعد انفصال دولة جنوب السودان أصبحت كاودا منطقة حركة دائبة للمخابرات الأمريكية والصهيونية واليوغندية ومخابرات دولة الجنوب، وأرض خصبة لتجار السلاح من كل بقاع العالم. كما نشطت فيها منظمات كنسية وتبشيرية، إضافة لعمليات التهويد عبر جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد).
] أعود لزيارة حمدوك إلى المدينة، والتي علق عليها في (تويتر) قائلاً إن الغرض منها هو الاستماع إلى أهل كاودا وتقديم حلول طال انتظارها. وشدد على أن إنهاء الصراع هو أمر أساسي لتحقيق السلام المستدام.
] أعتقد أن أهمية الزيارة تتمثل في إنهاء حالة العزلة التي تعيشها المنطقة، ويمكن بعدها فتح المسارات لإيصال المساعدات الإنسانية، بعد غياب دام لسنوات طويلة.
] إبداء حسن النوايا يمهد الطريق لتحقيق الهدف الأساسي الذي توليه حكومة الفترة الانتقالية جل اهتمامها وهو تحقيق السلام في كافة أرجاء البلاد.
] لكن بعض التفاصيل التي صاحبت الزيارة ربما تنبئ أن هذا الحلم لا زال بعيد المنال.
] مثلاً لم نشاهد خلال التغطية الإعلامية والصور التي أرسلت من هناك (على قلتها) علم السودان إلى جانب علم الحركة الشعبية، كما أن غياب مسؤولين رفيعي المستوى من المكون العسكري يثير التساؤلات.
] أمر آخر نلفت له الانتباه وهو ظهور لافتة ضخمة على المنصة الرئيسة لحفل الاستقبال مكتوب عليها: (نعم لعلمانية الدولة)، صحبها رفع مواطنين للافتات تنادي بالعلمانية أو تقرير المصير.
] يأتي هذا التطور اللافت في المطالب وسط مجتمع تغلب على مكوناته (الوثنية)، وهذا يعني أن هناك جهة ما، تحاول دس السم في الدسم لإبطاء خطوات تحقيق السلام بإثارة نقاط خلافية ربما تقف حجر عثرة أمام تحقيق المطلوب على طاولة المفاوضات.

كمال عوض
الانتباهة

Exit mobile version