قال رئيس حزب العدالة التجاني عبد الوهاب إن ثورة ديسمبر استوحت شعارها من كتاب ميثاق المبادئ الخاص بحزبهم والمطبوع منذ تأسيس الحزب في 2002، ودعا الحكومة الانتقالية ألا تركل كل الماضي، بل تتعلم منه وتستفيد من تجارب المصالحات الوطنية التي تمت في العالم والاستعجال بقيام المؤتمر الدستوري الذي يجمع أهل السودان دون إقصاء مؤكداً زهد حزبه في السلطة.
وفي سياق آخر، وصف التجاني ما يجري على طاولة المفاوضات بالمزعج، ودعا الحركات المسلحة لاستدعاء ضميرها الوطني من أجل أمن البلاد، ووصف التجاني الأحزاب بأنها هشة وعددها غير منطقي، وأكد أنه لا يوجد حزب حقق في تاريخه أغلبية ساحقة تمكنه من الحكم منفرداً، لذلك يدخل في إئتلافات تدخل فيها المزايدات والمؤامرات السياسية مما يجهض هذه الحكومات، وبيَّن رؤية حزبهم للحكم المتمثّلة في النظام الرئاسي الدستوري المضبوط بالمؤسسات التشريعية.
التفاصيل داخل الحوار..
*ماهو موقفكم من التغيير الذي طال الواقع السياسي الذي احتفلت البلاد بمرور عام عليه؟
– نحن في حزب العدالة الذي اتخذ من العدالة اسما وشعاراً، ويعمل على تنزيلها على الواقع لأن كثيرا من مشاكل السودان حدثت بسبب غيابها، نحيي الشعب السوداني بعيد الاستقلال الـ 64 وأمة الإسلام والمسيحيين بميلاد المسيح، ونحيي الشعب السوداني كذلك بثورة ديسمبر المجيدة التي أحدثت التغيير في السودان والذي ثار بموجب إشكالات معينة تتعلق بالقوت والوقود والنقود ، وقضية النقود الحمد لله قد حلت الآن، لكن ما زالت مشكلتا القوت والوقود جاثمة، نسأل الله أن تتمكن الحكومة الانتقالية أن تتجاوزها، حزب العدالة بارك الثورة وأيد الحكومة الانتقالية، ومن هنا لابد أن نحيي شهداء الثورة والقوات المسلحة وقوات الدعم السريع التي انحازت لثورة الشعب وجنبت البلاد الكثير من إراقة الدماء، التغيير أمر حتمي ومن لا يؤمن بالتغيير ستتجاوزه الحياة.
*طرحتم كحزب مبادرة حدّثنا عن تفاصيلها؟
– السودان بلد متعدّد الثقافات والإثنيات والأديان نقر ونعترف أن الدين الإسلامي هو الدين الغالب، ولكن ظللنا نطرح تصوراً عن علاقة الدين بالدولة منذ وقت باكر، قلنا الدين يشحذ الهمم وجزء من موروثات هذه الأمة، ومهما كان اختلاف هذه الأديان نحن نعمل على إقامة دولة مدنية يتساوى فيها الناس في الوظائف دون أن يتسبب حاجز الدين في حرمان أحد، الآن ننظر للشارع العام فنجده مسروراً بما تم من تغيير، ولكن تطلعاتنا وآمالنا المنتظرة في الفترة الانتقالية عريضة أهمها أن نرى المعادلة الصفرية التي تحدث عنها أخونا الشهيد مكي بلايل والتي تعني مُحاولةُ طرفٍ كسر إرادة طرفٍ آخر لتكون له السيادة وحده، وهذا ليس من الحكمة في بلد كالسودان، لأن هذا يسبب الكثير من الغبن والإشكالات. الثورة تبنّت شعارات أساسية لحزبنا ومطبوعة في كتابنا ميثاق المبادئ (حرية سلام وعدالة والوحدة خيار الشعب) الذي طبع في 2002، نقول في المبادرة أن الوضع الآن غير مريح، نريد من الحكومة أن تهتم في الفترة الانتقالية بالقضايا الأساسية التي كانت سبباً في قيام الثورة، ومن أهمها معاش الناس، الثورة أسقطت النظام، ونحن نسعى الآن لاستقرار الوطن ووحدته، لأن ما نراه الآن من صور وصراعات في الأطراف في الجنينة وفي بورتسودان تنذر بالخطر، ونرى أن هذا الأمر يستدعي أن نستعجل المؤتمر الدستوري، ومبادرتنا التي قدمناها لمجلس الوزراء ولمجلس السيادة أن نستصرخ أهل السودان من أجل وحدة وسلامة وأمن الوطن في ظل السودان المتعدد الثقافات والمفاهيم، وبالتالي لابد أن نجتمع على كلمة سواء ونترك التعصب الحزبي الضيق ونخرج إلى أفق الوطن الواسع لنخرج به إلى بر الأمان ونجنبه المخاطر الداخلية والإقليمية والدولية، هذا مُختصر لمبادرتنا.
* ولكن حتى بعض الذين وقفوا مع هذه الحكومة انصرفوا عنها ووصفوها بأنها حكومة (كفوات) وليس كفاءات، وبالتالي فهي ليست مؤهلة لتقوم بالدور الذي تتحدث عنه، والبعض يقول صبرتم على الإنقاذ 30 سنة ما قادرين تصبروا شوية؟ ما رأيك؟
– لا مانع لدينا أن نصبر تجمع المهنيين وكل مكونات قحت التي كان لها دور مقدر في الثورة، بشّرت الناس بأنها ستكون حكومة كفاءات، وأحسب أنها لو مالت لحكومة الكفاءات لكان الأداء أفضل، لأن المحاصصات جرّت الناس إلى نتائج غير مُرضية وغير مقبولة، ولكن الكفاءات غير الحزبية كان يمكن أن تؤدي واجباً كبيراً ينتشل البلاد مما هي فيه، ويجنبنا مسألة المحاصصات والصراع الحزبي الذي أقعد السودان لسنوات طويلة .
* أنتم شاركتم الإنقاذ في حكمها حتى لو باركتم التغيير، فلماذا لم تكونوا جزءاً من التغيير وأنتم داخل السلطة؟
– مشاركتنا لم تكن كبيرة، ولكن للأمانة والتاريخ نحن قوى سياسية في معتقداتنا أنه إذا أي طرف جنح للحوار والتفاوض يجب على الطرف الآخر أن يستجيب، الإنقاذ طرحت مفهوم الحوار ونحسب أن هذه التجربة كانت ممتازة شارك فيها أكثر من 130 حزباً وقوى مسلحة، وقيادتنا السياسية رأت أن نساهم في هذا الحوار، وفعلًا ساهمنا فيه وأدلينا بدَلوٍ مُقدّر جداً، وكثير
من القضايا التي ناقشها الحوار الآن مطلوب مناقشتها الآن في المؤتمر الدستوري القادم، يجب ألا نركل كل الماضي بل نتعلم منه، ومن مخرجات ممتازة في الحوار، هنالك قضية الهوية ومفاهيم السلطة، للأسف القيادة في المؤتمر الوطني استجابتها كانت بطيئة لمخرجات الحوار الذي لا مفر منه، وحتى القوى التي تسيطر على البلاد حاورت الإنقاذ في فترة من الفترات، ونقول ما قاله الشهيد مكي بلايل (من لم يحاور المؤتمر الوطني فليرمنا بحجر)، لأنه نظام حكم البلاد 30 سنة
تأثرت بها البلاد تتاح لنا فرصة للحوار فلا نحاور؟! هذا ليس من حكمة السياسي، نحن حاورنا ونحسب أن مجموعة الحوار خفّفت الضغط على الجمهور، والإنقاذ لم تكن بالحدة والقسوة السابقة قبل الحوار مما أتاح الفرصة للثورة، وبالتالي على إخوتنا الآن في الثورة أن يهتموا بقضايا الوطن والشعب، لأن الكنكشة في السلطة ومحاولة إقصاء الآخرين مرفوضة، قدّمنا تصوراً في بداية المجلس العسكري، وقلنا نحن زاهدون في السلطة، وقلنا إنه من الأفضل أن يلتقي الجميع على كلمة
سواء، لأن أهلنا لديهم مثل يقول (التوب بتمزق من أطرافو)، فالآن أطرافنا مُهددة، وهذا يستدعي الجلوس والإسراع بالمؤتمر الدستوري دون إقصاء لأحد، لأن محاولة الأقصاء مُجرّبة وأدت لنتائج وخيمة، ونحن شعب متسامح ولديه قيم، وبالتالي من الأفضل أن نجلس ونعمل على معالجة إشكالات البلاد عبر رؤية متفق عليها لنُجنّب بلادنا التجزئة وخطر الانقسام.
*ماذا تقصد بالإقصاء إذا كنتم زاهدين في السلطة كما أسلفت؟
– لا نقصد المشاركة في السلطة بل نعني الجلوس والإشراك في الرأي العام للخروج بالبلاد إلى بر الأمان .
* يعتبرونكم من المشاركين وهم لا يريدون من شارك؟
– هم شاركوا الإنقاذ وأتحدّى أيّاً من القوى السياسية بالحكومة الانتقالية لم تشارك المؤتمر الوطني في الجهاز التنفيذي أو التشريعي. ومُشاركتنا كانت بأعضاء في المجالس الولائية خاضوا انتخابات ووزير واحد جيء به بفهم الحوار، ولكن في المرحلة الأخيرة لم نُقدّم، ولكن تم اختيار أحد وزرائنا باعتباره من الكفاءات .
* هي الحصة التي كانت تُعطى لـ(أحزاب الفكة)، هل توافق على إطلاق هذا الوصف على حزبكم؟
نرفض هذا الوصف جملة وتفصيلاً، نحن حزب عريق عمره 20 عاماً وقدمّنا عدداً من المبادرات، وكانت لحزبنا رؤية واضحة، وتعرض حزبنا وكوادره خلال عهد الإنقاذ للاعتقال، وأناً شخصياً اعتُقلتُ أكثر من 10 مرات، لكن عندما جاء الحوار ولأننا نقدس مفاهيم الإمام المهدي الداعي لعدم الغبن والاحتقان لأن (من فشّ غبينتو خرّب مدينتو)، استجبنا للحوار ونريد أن نستفيد من تجارب المصالحات الوطنية التي تمت، والكل كان يعرف ما كان يدور بين السود والبيض، وبالرغم من ذلك تساموا فوق الخلافات وبنوا دولة متقدمة ومتحضرة، لذلك أود أن يسمو أهل السودان على خلافاتهم، وهنالك تجربة بورندي (التوتسي والهوتو)، فرغم الصراع الذي مات فيه الكثيرون، لكن بورندي الآن دولة تسير نحو التطور بصورة كبيرة، وحتى السودان أصبح يرسل بعض الوفود ليتعلموا من تجربتها، فعلينا في إطار تعلمنا من التجارب أن نسعى للملمة أطراف الوطن والسمو فوق الخلافات.
*(الوحدة خيار الشعب)، ولكن الأولى أن توحدوا حزبكم المنشق قبل أن تدعوا لوحدة عامة لأن فاقد الشيء لا يعطيه؟
– لا نريد أن نقلل من جهد الآخرين، ونحن نحترم الأستاذ بناني فله جهده المقدر ومواقفه الوطنية، ولكن لخلاف في مفاهيم آلية التطبيق أو إدارة الحزب انشق بحزبه، ونحن نتهم آخرين بالضلوع في شق الحزب حتى لا يشكل قوة ضدهم، وما زالت العلاقات الأخوية متواصلة وقد نلتقي في يوم من الأيام.
* من هؤلاء (الآخرون ) الذين تقصدهم؟ هل هم المؤتمر الوطني؟
– نعم..
*المؤتمر الوطني أصبح (الحيطة القصيرة) التي يُعلّق عليها الجميع خلافاتهم وفشلهم؟
– الكثير من المشاكل يقال إن المؤتمر الوطني طرف فيها رغم أنني لستُ مقتنعاً بذلك، ولكن المؤتمر الوطن لم ينكر وفي إحدى اعترافاته قال إنه سعى لتقسيم الأحزاب وعندما جاء للتفاوض وجد الناس متفرقين والتفاوض معهم صعب بعكس ما كان بين المتحدين .
*في لقاء شهير بالأبيض (كسرت تلج) للبشير لدرجة أن أحمد هارون (اتكيّف منك)، هل ما زلت عند رأيك فيه؟
– لا أدري ماذا تقصدين بكسير التلج، ولكن لم أعتد أن أكسر ولكن قلت في نفير كردفان إن البشير التزم بما وعد به بل زاد؟
*بماذا وعَد ونفّذ؟
– وضعنا وثيقة حصرنا فيها المشاريع المطلوبة لنهضة الولاية في كتاب، وسلمنا هذا الكتاب بقيادة راعي أسرة كردفان المشير سوار الدهب رحمة الله عليه للرئيس في زيارته في 23 أكتوبر 2013 وقلنا له إننا سنساهم في تطوير ولايتنا وطرحنا شعار (الجود ما بالموجود ولكن قطع من الجلود)، والرئيس السابق قال: أي جنيه تدفعوهو يا أهل شمال كردفان أنا أدفع مقابله 4 لنهضة ولايتكم، وفعلاً في اللقاء الذي تحدثتِ عنه فعلاً قلت إن الرئيس أوفى بما وعد.
*ماهي قراءتك ما يجري الآن على طاولة المفاوضات ونذر الانفصال التي تهدد أجزاء أخرى من السودان؟
– ما يجري الآن أمر مزعج، وأنا أناشد إخوتي في الحركات المسلحة، وقد كان لديهم خلاف مع النظام السابق وقد أسقط الشعب هذا النظام في ثورة ديسمبر، والآن الشعب يتطلع لحياة كريمة ولن تتوفر حياة كريمة وهنالك من يحمل السلاح، لذلك نناشدهم ليعودوا ويستخدموا الضمير الوطني الذي يؤمن لنا البلاد، أما فيما يتعلق بالقضايا المفصلية الكبيرة الخاصة بشكل الدولة ودينها وعلاقاتها، فالأفضل أن يترك إلى المؤتمر الدستوري الذي يجمع أهل السودان، ولكن نطمئنهم أننا في حزب العدالة لا ندعو لإقامة دولة دينية بل دولة مدنية الكل يجد فيها نفسه.
*كلكم تتبرأون من الدولة الدينية في إطار كسير التلج لـ”قحت” ؟
– أبداً، علاقة الدين بالدولة موجود في ميثاق مبادئنا ويمكنك أن تعودي للكتاب، لأن المساحة لا تحتمل التفاصيل، الدولة المدنية تسمح للكل بممارسة شعاراته، هنالك علمانية في بعض الدول لا تسمح بممارسة المعتقدات الدينية، ولكن ما ندعو له نحن هو دولة مدنية يتساوى فيها الناس في الحقوق والواجبات والكل يمارس فيها دينه ومعتقداته دون تمييز في تولي الوظائف .
* ما هي رؤية حزبكم لحكم السودان؟
– تحدثنا عن علاقة الدين بالدولة، لدينا رؤية حول شكل الدولة والنظام الذي يمكن أن يدير السودان، ومن تجاربنا أن الأحزاب دائماً هشة، ولا يوجد في تاريخ السودان حزب حقق أغلبية ساحقة تمكنه من أن يحكم منفرداً، لذلك وبالتالي دائما يحكم في صور حكومات إئتلافية تدخل فيها المزايدات والمؤامرات السياسية مما يجهض هذه الحكومات ويعود المسلسل الخبيث ديموقراطية عسكرية، ديموقراطية عسكرية، نحن نرى أن النظام الرئاسي الدستوري المضبوط بالمؤسسات التشريعية المستقلة هو أفضل نظام يقدم السودان، لأنه في النظام البرلماني لا يوجد حزب، وكانت الأحزاب آنذاك محدودة، والآن عدد من الأحزاب مما يؤدي لتشتيت الأصوات، وبالتالي عندما يرشح الرئيس وينتخب من السودان تكون لديه قوة ويخرج من مؤامرات النظام البرلماني الضيق، وهذه فرصة لأقول إن عدد أحزاب السودان غير منطقي، ونحن نعمل الآن بجد لتجميع هذه الأحزاب في كيانات كبيرة حتى تستطيع أن تحقق الأهداف الوطنية المطلوبة .
كوش نيوز