الرغيف .. حتى لا يخرج الناس!!

لا أدري إلى أي مدى تستشعر حكومة التغيير وجود أزمة حقيقية في الخبز قد تفضي إلى نتائج غير محمودة العواقب إن لم تتم محاصرتها، غير أن متابعتي تؤكد تفاقم معاناة المواطن الدائمة في الحصول على هذه السلعة المهمة جداً لاستقرار أي نظام سياسي.
المؤسف أنه وعلى الرغم من انتقال الخبز من حالة الندرة إلى مرحلة الأزمة إلا أن إحساس الحكومة بالمشكلة مازال دون المستوى على الرغم من الفواتير الأمنية والسياسية الباهظة التي قد تترتب على خلو المخابز من الرغيف وفي أحسن الأحوال تخفيض وزنه أو رفع سعره إلى جنيهين، ويظل المواطن ضائعاً في الحالتين للأسف.
لن يختلف اثنان في أن الخبز كان سبباً رئيساً في اندلاع ثورة ديسمبر التي أطاحت بنظام الإنقاذ، الواقع أن الوضع ازداد سوءاً اليوم والفوضى تضرب أطنابها في عمل المخابز التي تتواطأ جميعها ضد المواطن وتحيل حياته إلى جحيم.
فالأفران في ثلاث حالات الآن، إما الفرن خال من الخبز، أو خفض زنته إلى وزن (الزرارة) أومضاعفة قيمته بنسبة 100% ليصبح سعر قطعة الرغيف جنيهين بدلاً عن جنيه واحد.
من الواضح أن الفوضى تضرب بأطنابها في انسياب الدقيق الذي مازال يضل طريقه بعيداً عن الأفران إلى السوق ومحال الحلويات، بينما تتراص صفوف الخبز على مدار ساعات اليوم ويمضي المواطنون ساعات طويلة في طوابير انتظار الرغيف الذي قد لا يأتي.
مازلت أحدثكم عن الخرطوم مكان (الرئيس بنوم والطيارة بتقوم) ، دون الخوض في أوضاع الخبز بالولايات التي تشهد أزمات كبيرة أدت إلى ارتفاع أسعار الرغيف إلى أكثر من جنيهين وسط ندرة بائنة وتراجع مخيف في الأوزان ، هذا إذا وجد الخبز.
مازالت الدولة تنتهج ذات الأساليب العقيمة في التعامل مع أزمات الخبز، وبدلاً من التركيز على توفير الدقيق يمضي التفكير في إنقاص الوزن مثلما أعلنت ولاية الخرطوم وخفضت الرغيفة من 70جراماً إلى ما بين( 45- 50) ليتراجع إلى 26 جراماً في مخابز عديدة ويأخذ شكل (الزرارة)، التواطؤ مع إنقاص زنة الرغيف القانونية أغرى أصحاب المخابز من ذوي الضمائر الخربة والميتة بالتمادي في إنقاص الوزن حتى أصبحت الرغيفة لا ترى بالعين المجردة.
تتحدث الدولة عن توفير الكميات الكافية المطلوبة من الدقيق بينما نتابع شكاوى اتحاد المخابز من إنقاص الحصص والكوتات المخصصة للأفران مع ارتفاع تكلفة العمالة وزيادة أسعار مدخلات الإنتاج.
ما يحدث الآن وسط غياب كامل لرقابة الدولة وفوضى تضرب بأطنابها في كل مراحل إنتاج الخبز يعتبر مقدمات تعودنا عليها قبل زيادة سعر الرغيف والانقضاض على جيب المواطن.
الحكومة مطالبة بأن تكون أكثر حرصاً على المواطن من محاولات زيادة الخبز، وينبغي أن تقف(ألف أحمر) حيال أي زيادة متوقعة أو محاولات لإنقاص الوزن، الدولة الآن أمام اختبار الخبز فإذا عبرت فيه نجح سائر عملها وإذا فشلت فإن مضاعفات الفشل في توفير الخبز ستكون وخيمة على الجميع.
وبما أن الحكومة أعلنت مراراً دعمها للقمح، فأين يذهب هذا الدعم وتجمع أصحاب المخابز يهدد بإضراب مفتوح حال الإصرار على وزن (70) جراماً للقطعة، كيف يكون الدعم مستمراً والرغيفة تفقد حتى الآن نصف وزنها في عملية تخسيس مستمرة ربما أفضت إلى تلاشيها تماماً عن حياة الناس.
رغم كل ما يحدث لم نسمع عن رقابة ولا محاكمات لمن يتجاوزون الزنة المعتمدة، مازال المواطن يشعر أنه وحيد في مقاومة التجاوزات العديدة في عمل المخابز.
سنظل ننبه القائمين على الأمر إلى خطورة الإهمال الذي يتعاملون به مع ملف الخبز مثلما كنا نفعل مع سلفهم قبل مظاهرات عطبرة والدمازين… السابقون أخذتهم العزة بالسلطان حتى خرج عليهم الناس فما بال القادمين يمضون على ذات الطريق.. ألا هل بلغت اللهم فاشهد.

صححيفة اليوم التالي

Exit mobile version