في أواخر عام 2018، أعلن الفنان السوداني أبو عركي البخيت (1948) انحيازه التام للمظاهرات التي اندلعت في بلاده احتجاجاً على سياسات النظام التي قادت إلى انحدار اقتصادي وعزلة سياسية مقابل سطوة أمنية متزايدة، داعياً إلى تنحية الرئيس المعزول عمر البشير بوصفه المسؤول عن ذلك.
موقفه الأخير يشكّل امتدادً لمواقف تبنّاها خلال العقود الماضية، سواء عبر مضامين كثير من أعماله التي عبّرت عن أحوال السودانيين وآمالهم وأحلامهم، وتسبب بعضها في تعرّضه إلى تضييق وتعتيم إعلامي.
بتنظيم من “رابطة المريخ”، يقيم البخيت عند السابعة من مساء غدٍ الخميس على خشبة “مسرح المياسة” في “مركز قطر الوطني للمؤتمرات” بالدوحة حفلاً بمرافقة فرقته الموسيقية، يؤدي خلاله عدداً من أغانيه التي قدّمها خلال أكثر من نصف قرن.
بدأ صاحب أغنية “أخاف” بتأدية أعمال لكبار الفنانين السودانيين بأسلوبه المختلف، قبل أن يقدّم أغانيه الخاصة وكانت في بداياتها “بوعدك يا ذاتي يا أقرب قريبة” التي ألّف كلماتها الشاعر فضل الله محمد ولحّنها الموسيقي محمد الأمين في منتصف ستينيات القرن الماضي.
درس البخيت الحقوق في “جامعة الخرطوم” كما التحق بـ “المعهد العالي للموسيقي والمسرح”، وهو يعزف على آلات عديدة منها الغيتار والكمنجة والمزمار، وغنّى لعدد من الشعراء وكتّاب الأغنية في السودان، مثل عوض جبريل وخليفة الصادق وهاشم صديق وسعد الدين إبراهيم وعفاف الصادق وعوض أحمد خليفة.
وقدّم ألحاناً لعدد من الموسيقيين السودانين، من بينهم: عبد الكريم الكابلي، وناجي القدسي، ومحمد الأمين، وعبد الماجد حمزة، وأحمد زاهر، كما لحن عدداً من أغانيه مثل: “سهرنا الليل”، و”حكاية حبيبتي”، و”واحشني”، و”بستنشقك”، و”وطن نجمة”.
يمتلك البخيت واحدة من أكثر التجارب تنوّعاً في الموسيقى السودانية، ضمن محاولات تجريبه الدائمة في التعبير عن المكان وهوية المدينة وتفاصيلها والعلاقات التي تجمع الناس وخاصة في الحب، إلى جانب مساهمته في تأسيس فرقة “عقد الجلاد” التي ظهرت في منتصف الثمانينيات واتخذت تسميتها التي تعني الجِلْد المتماسك في دلالة على تجانس أعضائها، ومثّلت تجربة متميزة في الغناء الجماعي في محاكاة لعرف متأصل في تراث السودانيين.
من أغانيه التي منعها تلفزيون الخرطوم في سنوات سابقة أغنية “تعالوا نغني” التي تقول كلماتها: “تعالوا نغنى غنى الأيام الجاية كتير/ ونفرح بيها سماء السودان/ تعالوا نلم ألوان الطيف الي في الخرطوم أبناء شعب/ والي في أمدرمان/ تعالوا نفكر إيه الي بيحصل في السودان/ الجوع.. المرض.. الخوف، الشك عدم اطمئنان هد الإنسان/ تعالوا نقعد نحسب خطونا من ما أخدنا الاستقلال، لحد الآن/ اتقدمنا ولا اتأخرنا/ سؤال مطروح لكل فئة من فئة الشعب/ بالف سؤال: دم أجدادنا بيحرض فينا على الحرية..”.
العربي الجديد