بثت قناة العربية فلما وثائقيا أسمته الأسرار الكبرى لجماعة الإخوان المسلمون هذا الفلم أخطأ منتجه ومخرجه ومروجه والآمر به أربعة أخطاء كبيرة لا يمكن أن تفوت على ذي عقل وطويلب علم في الدراسات السياسية والفكرية والأمنية :
الأول : أن الجبهة الإسلامية القومية فارقت جماعة الأخوان المسلمون منذ ما يزيد عن الأربعين عاما فلم تعد للحركة الإسلامية السودانية صلة تنظيمية بحركة الأخوان المسلمون هذا الخطأ تقع فيه أجهزة المخابرات تعمدا وخصوم الإسلاميين عمدا في الحالة السودانية والتركية على السواء فالاخوان المسلمون التنظيم الدولي ينافسون رجب طيب أوردغان في الإنتخابات ولديهم حزبهم الخاص المنافس لجزب العدالة والتنمية وفي الحالة السودانية الأخوان المسلمون التنظيم الدولي له فرعان الأول بقيادة د.عادل علي الله والثاني بقيادة د.عوض الله حسن فتسمية ما نسب إلى الحركة الإسلامية بأنه الأسرار الكبرى لحركة الأخوان المسلمون تسمية مقصودة ومتعمدة لكنها بائرة لا يشتريها من له أدني إلمام بالحركات الإسلامية والتباينات بينها .
الثاني : لقد تمخض جبل قناة العربية فولد فأرا إذ كشفت القناة عن السر الخطير والخطير جدا عن قتل الإنقاذ لثمانية وعشرين ضابطا وأن الحركة الإسلامية ممسكة بزمام الحكم في السودان كما كشفت عن السر الأخطر وهو أن مؤتمرات الحركة الإسلامية تشهدها قيادات إسلامية من العالم العربي والإسلامي هل لمستم حساسية هذا السر الخطييير ؟!!
الثالث : استعرض فلم قناة العربية النقد الصريح والشفيف والعميق والجريئ واللاذع الذي تقدمه قيادات الحركة الإسلامية السودانية لتجربتها وتفهمها الدقيق لنبض الشارع وموقفه تجاه التجربة هذه الجزئية من الفلم أصابتني بالدهشة والإعجاب فلم أجد خطيئة وقعت فيها الإنقاذ لم ينتقدها قادة الحركة الإسلامية في مؤتمراتهم الخاصة جدا والسرية جدا والتي كشفت عنها قناة العربية لتجعل العالم كله يطلع على الصراحة المبسوطة والواقع الذي تدرك قيادة الحركة الإسلامية تقاطيع وجهه القبيح وتنتقده فإن هذه المقاطع من فلم الأسرار الكبرى لها وجه آخر غير الذي أرادت أن تظهره قناة العربية هذا الوجه هو الوجه الحسن والمدح المبطن والإعجاب المستتر بتجربة الحركة الإسلامية في إتاحة الرأي الناقد والإستماع له داخل أروقتها كم تمنيت أن يكون لهذا النقد حوامل صدق وعزيمة من إرادة سياسية تحوله إلى مشروع سياسي إصلاحي يعيد السلطان إلى الشعب ويقيم دولة قانون ومؤسسسات ويؤسس لحكم راشد يقوم على المحاسبة بعد الشفافية وطهارة اليد بعد شديد الإنتقاد .
هل كان الذين يعرضون هذه المشاهد يدركون أنهم يحررون شهادة براءة للحركة الإسلامية تؤكد ما كنا نقوله دائما أنه كان يحكم باسمها وأن الحركة الإسلامية وضعها الإنقلاب المشؤوم في سجن الواعظ لا كرسي الحاكم وفي مقام التابع لا الصانع .
*على عضوية الحركة الإسلامية أن تحفل بهكذا حلقات تقدم دعوة مجانية إلى الإنضمام إليها وتأخذ منها العبر والعظات أن معرفة الخطأ والإقرار به وتقديم النصح لمرتكبه لا تكفي حتى تأخذوا على يد الظالم فتقصروه على الحق قصرا وتحملوه على الجادة حملا* .
*د.محمد علي الجزولي*
*رئيس حزب دولة القانون والتنمية*