(1)
في تقديري أن أكبر تعثر أصاب حكومة الثورة هو ذلك الذي حدث في الجانب
الاقتصادي, ولعل هذا بدا في التشكيلة حيث وقع الاختيار على الوزراء في القطاع الاقتصادي منأفراد لم يكونوا مقنعين بدليل أنهم حتى الآن والحكومة تتوغل في شهرها الرابع لم يقدموا للأمة حتى التشخيص الجيد للازمة الاقتصادية ناهيك عن المعالجة . فوزراء القطاع الخدمي والتوجيهي كالتربية والتعليم والصحة والشباب والرياضة والشئون الدينية أقاموا الدنيا ولم يقعدوها, بالصح أو الكضب، بينما وزراء القطاع الاقتصادي لا حس ولا خبر اللهم إلا (طبظات) وزير المالية المتعددة والتي انكشفت في الميزانية التي قدمها يوم الخميس الماضي، حيث لم يظهر فيها أثر لأصدقاء السودان الذي قيل إنهم سوف يمولون كل الميزانية، ولا الأموال
المنهوبة التي قال انه سوف يستردها ولا … ولا …
(2)
لأول مرة في تاريخ السودان يتشكل رأي عام قوي يطالب برفع الدعم عن سلعة من السلع حيث أنه كانت هناك مطالبة واضحة برفع الدعم عن الوقود والخبز وذلك من
أجل إزالة أكبر بقع التشوه في الاقتصاد السوداني، ولكن هذا الأمر كان يستلزم ان تبدأ الحكومة بنفسها وتطبق سياسة تقشفية قاسية هذا يبدأ بشطب الكثير من السلع الكمالية من لائحة المستوردات، وتعيد هيكلة مؤسسات الحكم وتلغي الكثير من الوظائف (الفاخرة) ومخصصاتها الفاجرة وتعلق كل السفريات الخارجية لمنسوبي
الدولة إلا باستثناء خاص وتعلن للملأ وبدراسة مفصلة أن الدعم المسحوب من
الوقود والخبز سوف يذهب للإنتاج وان سعر صرف الجنيه السوداني سوف يتحسن في كذا يوم وبنسبة كذا وأن الناس سوف تكتشف ساعتها أن الدعم المزعوم ليس إلا مرض أصاب الجنيه السوداني ولكننا نسميه دعما جريا على قاعدة خطأ شائع خير من صحيح مهجور، ولكن الحكومة سامحها الله وبدون أي تمهيد أو اجتهاد (بردلب)
أعلنت يوم الجمعة بالليل سحب الدعم عن البنزين والجازولين.
(3)
إعلان رفع الدعم عن الوقود (سليقة كدا) دون أي إجراءات تقشفية قبلية او مصاحبة او حتى بعدية ودون أي توضيح للمواطن بما يجره هذا الرفع والإجراءات الأخرى من تخفيض في الصرف الحكومي ودعم للإنتاج جعل حاضنة الحكومة السياسية (ق
ح ت) تتخوف من الآثار السياسية (والخواف ربى عياله ) فاللساتك جاهزة وهذه المرة قد لا تكون اللساتك فاقدة القيمة إنما لساتك (فاخرة)، والمتربصون بالحكومة كثر والناقمون على الوضع زادوا وتماسك الداعمين لها ارتخى، كل هذا جعل الحاضنة تخشى (الرفع ) الذي أقرته الحكومة فاجتمعت بها واتفق الطرفان على تأجيل الرفع وإقامة مؤتمر اقتصادي، وأعلن ذلك يوم السبت بالليل.
(4)
إذن يا جماعة الخير أعلن الرفع ليلة الجمعة وأعلن التأجيل ليلة السبت للمزيد من الدراسة التي ستكون بالنهار، إذن يحق لنا أن نستدعي الأغنية الدكاكينية (بالليل دا ماشي لوين , بالليل دا ماشي لوين). السؤال هنا موجه للاقتصاد السوداني؟ ما طلع روح النظام السابق الذي طلع روح السودان وجعله جثة مصلوبة إلا القطاع الاقتصادي الذي كان شغله كله بالليل وأبعد ما يكون عن الشفافية. وبس خلاص.
صحيفة السوداني