قطع القيادي بقوى الحرية والتغيير ساطع الحاج في حوار مع (الجريدة) بأن حكومة الثورة لن تكرر تجربة الصالح العام حتى لا تنهار الخدمة المدنية، لكن سيتم إحلال وإبدال بشكل منطقي بحيث لا تنهار الخدمة المدنية والسياسة الخارجية، ونوه الى أن مهام الفترة الانتقالية تتمثل في إجراء إصلاحات جوهرية في الخدمة المدنية ومن ضمنها وزارة الخارجية، ولفت الى أنهم بدأوا في إنتهاج سياسة خارجية متزنة تراعي مصالح السودان في المقام الاول، وأردف ان مركز السياسة الخارجية
في السودان أصبح موحدا عبر وزير الخارجية، عكس ما كان عليه في عهد النظام السابق حيث كان وجوده في أكثر من مؤسسة، من بينها القصر الجمهوري وجهاز الامن، بجانب مركز للسياسة الخارجية يديره المؤتمر الوطني والحركة الاسلامية، ولفت إلى أن كل تلك المراكز خلقت تقاطعات أدت إلى عزل السودان من المحافل الدولية، مؤكدا أنهم قاموا بتنفيذ إجراءات اصلاحية تم بموجبها إلغاء جميع تلك المراكز، والتي كانت تتخذ قرارات السياسة الخارجية، وكشف ساطع عن وجود دفعتين تم تعيينهم في وزارة الخارجية بغرض التمكين الامر الذي قادهم لوصولهم إلى كثير من مفاصل وزارة الخارجية.
* حسب التحقيقات الأولية هناك من لهم مصلحة في تأجيج الصراع بدارفور لمن تشير أصابع الاتهام ؟
– هذا نتاج طبيعي للسياسات التي انتهجها النظام السابق الذي خلق تفرقة عنصرية حقيقية في البنية الاجتماعية، لذلك نحن الآن نريد إعادة اللحمة لهذه البنية الاجتماعية التي حاول النظام الماضي أن يفتتها إلى قبائل متفرقة، والثورة قامت لتزيل مثل هذه المفاهيم، وحتى تعيد بناء البنية الاجتماعية في السودان، نحن نسعى إلى تكوين دولة قومية وطنية، فالنظام السابق قاد الدولة في اتجاه القبيلة وإلى مادون القبيلة، ماحدث في الجنينة أمر مؤسف ومؤلم وبالرغم من أنه من أثار الماضي لكن الآن لأول مرة يتم التعامل بطريقة مختلفة عن المعالجات السطحية التي كان يتعامل معها النظام البائد.
* كيف تعلق على حديث نائب رئيس المجلس السيادي حميدتي الذي قال “لا ديات بعد اليوم” ؟
– القصد أن المعالجات السطحية التي كانت تتم بدفع المال والديات هذه إنتهت، سنبدأ بعلاج جذري من قاع المجتمع، وبأطراف المجتمع ولملمة الشروخات الضخمة داخل المجتمع، حتى نستطيع أن نعبر به كدولة وطنية دون الارتكاز للقبيلة، أو لعنصر، والديانة.
* إلى أي مدى يمكن أن تُحقق العدالة الانتقالية في السودان ؟ وهل ثمة عقبات تواجهكم في تطبيقها..؟
– واحدة من أهم مهام الفترة الانتقالية، تأكيد مبدأ عدم سياسة الافلات من العقاب، وواحد من أهم الرسائل التي يرسلها حكم الشهيد أحمد خير، إنه لا يمكن أن يكون هنالك إفلات من العقاب، وهي واحدة من أهم المهام المنصوص عليها في الفترة الانتقالية بآلياتها المختلفة، والعدالة الانتقالية ليست كما يفهم الناس أنه لا توجد أحكام جنائية، بل تقوم على المحاسبة الجنائية والملاحقة الجنائية، ويمكن ربطها بأحداث الجنينة، بمعنى عدم الإفلات من العقاب، لكي يحدث توافق اجتماعي في المنطقة، وهي من المعالجات التي منصوص عليها في الفترة الانتقالية.
* هناك ضالعون من رموز النظام السابق في قضية الشهيد أحمد الخير، لم تطالهم يد العدالة..؟
– هنالك تصريحات أدلى بها اللواء شرطة ياسين والذي كان مدير شرطة كسلا، واعتقد أنها تصريحات غير مسؤولة وتصريحات تضليلية وكافية لفتح بلاغ في مواجهته، بجانب الطبيب الذي أدلى ببيان كاذب وبتضليل الرأي العام وإخفاء المعلومات، وكذلك الطبيب الذي أظهر ثلاثة أرانيك تسمم وهذه كلها كافية لإدانتهم، والآن هيئة الاتهام تدرس إمكانية فتح بلاغات في مواجهة اللواء ياسين والطبيب في هذا الامر، بل أنه في مرافعة الاتهام نفسه طالبنا أن يمنح الاذن لفتح بلاغات في مواجهة المسؤولين غير المسؤولين.
* الأموال المنهوبة في الخارج.. هل هنالك ثمة إجراءات قانونية لإستردادها ؟
– وفقاً للوثيقة الدستورية ستتم محاسبة اي شخص ارتكب جريمة فساد مالي من 89 وحتى اليوم، وهذا مايؤكد عليه النائب العام الآن حيث شكل العديد من اللجان للمحاسبة، لمحاسبة رموز الفساد وتستعيد الأموال المنهوبة، وبالرغم من تعيين النائب العام، والذي لم يكمل ثلاثة شهور إلا انه أنشأ العديد من اللجان، لكل رموز النظام وكل من اساء للسودان في استعمال السلطة، وسنعمل جاهدين لإستعادة جميع الأموال المنهوبة سواء التي كانت خاضعة ضمن الشركات الخاصة لجهاز الأمن، او التي كانت خاضعة للمؤتمر الوطني، والتي تم تهريبها لدول أوربية او دول آسيوية او خلافه، وهذا كله سيتم العمل على إعادته وإسترداده.
* حماية السلطة القضائية من أوجب واجبات الدولة لضمان سير العدالة ..هناك لغط حول مساومات وتهديدات بشأن قضية الشهيد أحمد الخير وراءها النظام السابق كيف تحوطت الحكومة لمثل هذه المواقف ؟
– تلقينا تهديدات كثيرة لكن هذه التهديدات تأتي من ضعاف الانفس، ولن تؤثر على المسيرة بأي حال من الاحوال والآن كل صباح الدولة العميقة تضعف، والدولة المدنية كل صباح تقوى، وكذلك الحاضنة السياسية للدولة المدنية، وهذا التغيير الحقيقي الذي نسعى إليه لذلك كل هذه تهديدات ستذهب هباءً منثورا.
* جهاز الأمن أصدر بياناً أكد فيه الدفاع عن منسوبيه في الجهاز عبر الأطر القانونية ؟
ـ اعتقد أن بيان جهاز الأمن لم يكن بياناً موفقاً بأي حال من الاحوال، واعتقد جهاز الأمن يجب أن يعمل بشكل متناغم مع أجهزة الدولة الأخرى، وهو ليس جزيرة معزولة، وجهاز الامن لا يمثل النظام السابق بقدر مايمثل الآن الحكومة الديمقراطية، والبيان لا يمثل قائد الجهاز بل هم فئة محدودة سارعت باصدار البيان ويجب أن تتم مساءلتها، ولا اعتقد أن جهاز الأمن له مصلحة لكي يدافع عن مجرمين أدانتهم المحكمة، ولا يجب أن يصدر بياناً يصطدم مع آمال الشعب، واعتقد أن البيان يمكن أن يخلق فتنة واسعة في بلادنا، وجهاز الامن يجب أن يعمل على حماية الدولة واحترام سيادة القانون، ولا اعتقد أن ورثة الشهيد أحمد الخير يساومون على دم الشهيد ببضع دريهمات وهم وطنيون من الدرجة الاولى.
* البعض يرى أن السفارات والسلك الدبلوماسي لم يطاله التفكيك، وكذلك جهاز الأمن؟
– أحد أهم مهام الفترة الانتقالية إجراء اصلاحات جوهرية في الخدمة المدنية ومن ضمنها وزراة الخارجية، والسياسة الخارجية والقوات النظامية ومن ضمنها جهاز الأمن، واعتقد الآن بالنسبة للإصلاحات الخارحية بدأت الاصلاح يظهر حيث بدأنا في انتهاج سياسة خارجية متزنة تراعي مصالح السودان في المقام الاول باعتبار أنها توحد مركز السياسة الخارجية في السودان، وأصبح عبر وزير الخارجية، ففي الزمن الماضي وفي زمن الانقاذ كان هنالك مركز للسياسة الخارجية في القصر الجمهوري وكان هنالك مركز للسياسة الخارجية في رئاسة الدولة “عند رئيس الدولة شخصياً” ويتخذ من القرارات ما لا يسمعه وزير الخارحية بل يسمعه لاحقاً، وكان هناك مركزاً للسياسة الخارجية داخل المؤتمر الوطني، وفي جهاز الامن وآخر تابع للحركة الاسلامية، مما أدى لتقاطعات أدت في النهاية إلى عزلة عاشها السودان طوال فترة الانقاذ، وأهم الاصلاحات في الخارجية إلغاء جميع هذه المراكز، كذلك في وزارة الخارجية اتضح لنا إنه تم تعيين دفعة كاملة تحت مايسمى بدفعة التمكين.
* هل ستعيدون ما عُرف بالصالح العام؟
– لن نكرر تجربة الصالح العام، ولكن سيتم الاحلال والابدال بشكل منطقي، بحيث لا تنهار السياسة الخارجية ولا تنهار الخدمة المدنية، لكن هنالك تغيير واضح في وزارة الخارجية وكثير من سفراء التمكين تم إستدعاءهم دون أن يحالوا إلى الصالح العام، وكثير من السودانيين الآن بدوا يتولوا مناصب بموجب إنهم مواطنين، باعتبار أن الوثيقة الدستورية حددت المواطنة كعنصر اساسي لتحمل الحقوق والواجبات، الآن المواطنة هي المعيار، والخارجية نجحت في إعادة معيار المواطنة، وابعدت معيار الفكرة السياسية والتي كانت عنصراً أساسياً في التعيينات في السفارات والخارجية، الآن اصبح لدينا سياسة خارجية واضحة المعالم.
* وماذا عن جهاز الأمن ؟
– الجهاز لم يعد جهازاً قمعياً من خلال التعاون الكبير الذي تم بين قيادات الجهاز والسلطات القضائية والنيابية ، ولأول مرة الجهاز يوافق على رفع الحصانة بهذا الشكل عن منسوبيه ويتم محاكمتهم، وهذا تغيير كبير و نوعي حدث في الجهاز، ولا يمكن أن نقول أن الجهاز مثل السابق بل تم تصحيح مفاهيم عقلية الجهاز، وتم تصحيح عقلية منسوبيه فالجهاز كان يعتمد في السابق على التعيين بحملة الفكرة السياسية بغض النظر عن جنسياتهم والوانهم، والآن بدأ تغيير في هذه العقيدة لأن عقيدة ومنسوبي ضباط جهاز الأمن كانت موجهة لحماية النظام ورئيسه، والآن بدأنا في تنفيذ بناء عقيدة للجهاز بغرض حماية الوطن والآن العشرات من الضباط الذين يحملون الفكرة والذين تم تعيينهم على أساس الفكرة السياسية تم ازاحتهم عن الجهاز ومراكز إتخاذ القرار إستعداداً للمرحلة الجديدة، ومايؤكد ذلك تم إلغاء هيئة العمليات في الجهاز والتي كانت تضم 16 الف مقاتل، وتم تخييرهم مابين الالتحاق بالقوات المسلحة او أخذ حقوقهم.
* البعض يتحدث عن أن قوى الحرية والتغيير ستعين نائباً للجهاز، وكذلك ضباط في الجهاز من لجان المقاومة مامدى صحة هذا الحديث ؟
– أقولها بصريح العبارة تم الاتفاق بشكل واضح بأن يترك الجهاز للمكون العسكري تماماً، والاصلاحيات التي تمت في القوات المسلحة، أي لن تتم كل هذا بمعزل كامل عن رئيس الوزراء، ولكن القرار النهائي فيها للمكون العسكري وهذا ما اتفق عليه لكن بعلم رئيس الوزراء.
* إذا لم تكتمل مهام الفترة الانتقالية هل ستمدد الفترة الانتقالية ؟
– لا يمكن تمديد الفترة الانتقالية وفقاً للإتفاق الذي تم وليس هنالك نية من قوى التغيير للتمديد، ونحن نعمل بشكل جاد لتحقيق الفترة الانتقالية في 29 شهراً التي توافقنا عليها، لذلك لا حديث عن تمديد الفترة الانتقالية .
* وماذا لو لم يتم تحقيق أهداف الفترة الانتقالية ؟
– هذا إفتراض يناقش في حينه، الحكومة الآن تتحرك في جميع المسارات بشكل جدي، وتهيئ الوضع إلى انتقال ينتهي بانتخابات حرة ونزيهة، والافتراض إذ توصلنا بعد 39 شهراً ولم تكتمل المهام لكل حدث حديث، وإذ تم العمل بهذه الوتيرة الجادة بقيادة حمدوك والمجلس السيادي والحرية والتغيير، لا اعتقد سيكون هنالك متبقي من الاهداف والمهام المناط تطبيقها في الفترة الانتقالية يقود فعلاً لإثارة سؤال حقيقي حول التمديد او من عدمه.
* كيف يمكنك تقييم سير مفاوضات السلام الآن ؟
– السلام واحد من أهم الاهداف للفترة الانتقالية وتحقيق السلام هو وقف الحرب وإعادة التنمية في المناطق التي دمرتها الحرب وإعطاء اولويات تفضيلية في المناطق التي دمرتها الحرب، والسلام من أهم المهام الرئيسة للفترة الانتقالية، والسلام لا يعني وقف الحرب بل إعادة التنمية والانسان وإعادة المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية في المناطق التي دمرتها الحرب.
* حل المشكلة الاقتصادية من مهام الفترة الانتقالية ماذا أعددتم لهذه المشكلة من خطط وبرامج؟
– عندما استلمت الحرية والتغيير في سبتمبر، لم تجد أية بنية اقتصادية لا على مستوى التصنيع ،المشاريع الزراعية ولا البنية التحتية، لكي تؤسس عليها اقتصاد يستطيع أن يبني البلد، ونوع الاقتصاد الذي كان موجوداً هو اقتصاد جبائي، وبالتالي كانت الواردات اعلى بكثير جداً من صادراته مما ترك عجزاً في الميزان التجاري في حدود عشرة مليار دولار، لذلك كان على حكومة قوى التغيير أن تجد موازنة حقيقية لكي تعادل هذا الميزان التجاري، وأن تبحث عن موارد تغطي فيها هذه الفجوة الكبيرة والتي انعكست على مستوى دخل الفرد، ولذلك لابد من وضع برامج إسعافية تعمل على إستنهاض المشاريع الصناعية والزراعية وتعمل على محاولة رفع صادرات السودان بحيث تكون أعلى من وارداته، وسيكون عبر البرنامج الإسعافي المعتمد على تخفيض الانفاق الحكومي الفائق وعلى ترشيده وعلى تخفيض الانفاق على الامن، وكان لابد من رفع ميزانية الصحة والتعليم وتخفيض الانفاق الحكومي وتخفيض الصرف على الاجهزة الامنية وتوفير موارد حقيقية تعتمد على منتجات صناعية وزراعية داخل الوطن، وأن تعتمد على موارد خارج الوطن مثل مدخرات المغتربين والصناديق العربية.
* البنك الدولي اشترط من قبل في التعامل معه على ضرورة رفع الدعم عن السلع الضرورية، والآن لم يتم رفع الدعم.. ماهي خططكم للتعامل مع الصناديق والبنوك الدولية ؟
– لن نخضع لروشتات البنك الدولي لأنها مجربة من قبل في السودان ودول أخرى وإذا تم رفع الدعم هذا يعني ازدياد شريحة الفقراء وإنخفاض مستوى الفرد وإلى ارتفاع خط الفقر إلى أعلى درجة ممكنة ، ولذلك لا يمكن أن نخضع بأي حال من الاحوال لروشتات صندوق النقد الدولي.
هنالك إتهامات لقوى التغيير بأنها تتحاور مع النظام البائد ؟
الحرية والتغيير هي عبارة عن فصيل كبير يمثل كافة مكونات الشعب، و هي تضم كتلاً عديدة تضم داخلها أحزاباً وهذه شريحة ضخمة وبالتالي استطاعت تحدد العدو الرئيسي لها منذ وقت مبكر وهو المؤتمر الوطني وحددت آلية لسقوطه وذلك عبر ثورة شعبية سلمية، وتم الآن دك المؤتمر الوطني وتم إسقاطه الآن، إذن أي حديث عن أن هنالك مفاوضات وحوارات مع الوطني هذا حديث تبثه جهات أخرى تحاول أن تفتت كتل قوى التغيير.
كوش نيوز