حكومة حمدوك تركت (الهم الرئيسي) وتعمل في قضايا انصرافية
أنا أتجدّد وأتمدّد ولدي القدرة على العمل العام في أصعب الظروف
الحراك الذي أسقط البشير نفسه سيسقط حمدوك في هذه (….) الحالة
السودان منذ التركية محكوم بنخب تسيِّر البلاد حسب هواها
كل الدعم الذي جاء لـ(الانتقالية) جاء من حميدتي وعبر علاقاته
هؤلاء (….) يريدون تصميم الفترة الانتقالية وقوانينها على (مقاس) “قحت”
نجاح الحكومة الانتقالية مرهون بخروجها من عباءة (قحت)
معالجات الحكومة للقضايا لا زالت (ضرباً) بعيداً عن التختة
أزمة الحكومة ستبدو واضحة فور (انتهاء) الدعم السعودي والأماراتي
هناك قادة من “قحت” شاركوا في سلطة النظام السابق
يعد رئيس حزب الأمة الوطني والقيادي في تحالف نهضة السودان، المهندس عبد الله علي مسار، أحد السياسيين الذين عاصروا كثيراً من الأنظمة السياسية، وشارك في آخرها في الجهازين التنفيذي والتشريعي…
مؤخرا أثار الرجل جدلاً بالساحة بتصريحاته ومواقفه حول القضايا السياسية، فعاب عليه البعض تبنّيه فيما سبق مبادرة تجديد الولاية للرئيس السابق البشير، ومؤخراً استنكر البعض تصريحاته الأخيرة بشأن الحكومة الحالية والتي رأى فيها هؤلاء أن مسار يسعى عبرها للتقرب من قادة الحكومة الانتقالية…
(الصيحة) جلست إلى المهندس مسار، وطرحت عليه الكثير من أسئلة قضايا الراهن السياسي وعلاقته بحزب الأمة القومي.. فمباذا أجاب الرجل؟… إلى مضابط الحوار …..
حاورته: زمزم خاطر
* بداية… ما هو مصير أحزاب الأمة المنشقة؟ هل ستعود مرة أخرى لحزب الأمة القومي بزعامة الإمام الصادق المهدي أم ستبقى بعيدة عنه؟
– أحزاب الأمة قامت بموجب القانون، وهي أحزاب مستقلة تختلف من حزب لآخر، ولذلك ليس بالضرورة أن تتجمع في حزب واحد، ونحن الآن في تحالف نهضة السودان توجد ثلاثة منها ولا علاقة لنا بحزب الأمة القومي.
*ذكرت في مؤتمر صحافي أن حكومة حمدوك تستطيع إسقاطها إن هي رفضت إشراككم في السلطة، هل لحزبك وتحالف المعارضة من الرصيد المتبقي ما يؤهلكم لهذا الدور؟؟ أم هنالك آليات أخرى؟؟
– حكومة حمدوك فشلت في أيامها الأولى، وهي جاءت على ثورة قامت لأسباب المعاش والحالة الاقتصادية، وهذه تزداد وتيرتها واهتمام حكومة حمدوك حتى الآن خارج نطاق هذا التفويض، كما أنها حكومة فترة مؤقتة مهامها محدودة، ولكنها تركت الهم الرئيسي وتعمل في قضايا انصرافية تعارض أهل السودان وتعمل على تبديل تمكين بتمكين، بل لم تجعل الحكم الولائي همها، كما لم تستطع أن تحدث اختراقاً في العلاقات الخارجية، إذن حتى هذه اللحظة هي خالية الوفاض ولم تأت بجديد.
إن الحراك الذي أسقط البشير نفسه إن لم يحصل على ما يريد قادر على إسقاط حمدوك وحاضنته السياسية؛ نفس الشارع الذي جاء بحمدوك إذا لم يحصل على مبتغاه قادر على إسقاط حمدوك. الشارع السوداني متحرك ولا يقبل السكون.
*قضية دارفور من القضايا التى ما زالت عالقة منذ الإنقاذ وحتى سقوطها، والآن تقترب التسوية، أين أنت من جغرافية الحل؟؟
– دارفور ذات اتجاهين حركات حملت السلاح، وشعب يشعر بالتهميش ومعه قطاع كبير وعريض من أهل السودان وأقاليمه. السودان منذ التركية محكوم بنخب تسيِّر البلاد حسب هواها ومصالحها لم تُحدد كيف يُحكم السودان، ولذلك أزمة دارفور هي أزمة الوطن كله، نحتاج لحل أزمة السودان كلها وهي (حكم السودان على أساس دستور يحدد كيف يُحكم السودان)، وتكون الحقوق والواجبات واضحة وحق المواطنة أوضح، ونخرج من حكم الأقليات إلى حكم الشعب. إذن نعالج أمر الوطن وعندها نعالج أمر دارفور.
*المهندس مسار بزغت شمسه في مايو، وعاش الديمقراطية الثالثة، وكانت الإنقاذ هي سنوات ربيعه والان هل غربت شمسه؟
– أنا موجود في الساحة السياسية ما وُجِد السودان، أتجدد وأتمدد في كل حين، ولدي قدرة للعمل العام في أصعب الظروف، لأنني أعيش مع قضايا الوطن والمجتمع، لذلك لا أخشى أي تغيير طالما أن الشعب موجود أستطيع أن أصل إليه وأتواصل معه.
* في ظل هذا التأرجح الذي تشهده الحكومة الانتقالية، هل هناك مؤشرات لنجاحها؟ وإن وجدت فما هي؟؟
– نعم، يمكن أن تنجح إذا خرجت من عباءة “قحت” إلى عباءة الوطن، وإذا استطاعت أن تحل القضايا التي قام من أجلها التغيير، وأن تتعامل مع السودان كوطن للكل لا وطن لجماعة بعينها. السودان أكبر بكثير من حكم حدوده الخرطوم، أو جماعة تفكر بعقلية التمكين، ولا مجال لصراع اليمين واليسار على حساب الوطن، السودان دولة وسط لا تقبل الشطط أو التزمت أو التشدد، لذلك مطلوب من حمدوك خطة واضحة وعمل شفاف وإجماع وطني ودولة قانون واهتمام بقضايا المواطن في كل السودان (المعاش، الخدمات، البنى التحتية والانفتاح على العالم لصالح السودان)، أما إذا اهتمّ بالشكليات وهوامش الأمور قطعاً مصيره الفشل.
*في حال كانت الإجابة لا، هذا سيقودنا مباشرة إلى قيام انتخابات، وبالتأكيد سترغبون في خوضها، هل ستخوضون التجربة في الخرطوم أم ستعود إلى دارفور؟ وهل تمتلكون ناخبين حقيقيين في دارفور؟؟
– حال قيام انتخابات مبكرة سنخوضها كتحالف بنهضة السودان أو بإضافة آخرين على مستوى السودان.
*في اعتقادك … لماذا تلكأت الولايات المتحدة الأمريكية في رفع العقوبات من السودان رغم سقوط الإنقاذ والتي يعتبرها البعض السبب الرئيسي في فرض العقوبات؟
– العقوبات فُرضت على السودان لصالح الولايات المتحدة لا لجرم ارتكبه السودان، وحتى هذه اللحظة أمريكا تعتقد أنها لم تحقق مصالحها، ولأن العقوبات أصلها لم تُفرض بموضوعية ولذلك رفعها لا يتم إلا بعد أن تحقق أمريكا أغراضها.
*وزير العدل قال إن الناس في دارفور يقرأون القرآن ويشربون المريسة، كيف تفسر ذلك؟
– وزير العدل يتحدث بعفوية في ظل جو معقد ومشحون، ولذلك ما يُقال يجب أن يُحسب بدقيق الحساب .
*كيف تنظر للمعالجات الاقتصادية للحكومة الحالية وكيف تقرأ عودة وزير المالية من جولة خارجية بواشنطن ونتائجها؟
– أعتقد أن معالجات الحكومة لكثير من القضايا ما زالت ضرباً بعيداً عن التختة ، المعالجات الإقتصادية ما زالت أشواقاً لم تلامس الواقع ونظريات بعيدة عن التطبيق، وكل ما يُقال وعود والذي أسقط الحكومة السابقة الاعتماد على الإعانات وإدارة الاقتصاد على الورق؛ عملياً الناس لا تأكل الكلام، قفة الملاح وحلة الطعام هي من أسقطت الحكومة السابقة. الحكومة الحالية معتمدة على الهبات والإعانات من الدول كالسعودية والإمارات وخطابها ضد هذا الدول لسان الحكومة في وادٍ وحاضنتها السياسية في وادٍ آخر. الخطيب في ندوة الأهلية أرسل رسالة سيئة وضد الحكومة، والحكومة بمبدأ (عايز لكن ملاوذ)، وأعتقد أن كل الدعم جاء من حميدتي وعبر علاقاته، وهم لم يحترموا حتى حميدتي، ولذلك الحكومة الآن في أزمة تظهر أكثر لما ينتهي دعم السعودية والإمارات، وهذا قريب. أما كلام الأخ وزير المالية فهو كلام تطمين ركاب وكل مساعدة معها وصفة مُرة من صندوق البنك الدولي. كل الإصلاحات التي يتحدث عنها صعب تطبيقها في السودان ولم تنجح في أي دولة طُبقت عليها، وهو نفسه طبقها في دول ازدادت فقراً، وأول تلك التطبيقات رفع الدعم.
إذن أعتقد أن دكتور البدوي يحرث في البحر،
وأعتقد أن زيارته للولايات المتحدة كان حصادها الهشيم. كما وأنهم عقدوا ورشة (تشم هاوس السرية) وهي صورة من الضرب في المجهول وغياب الشفافية. إذن السيد الوزير يجتهد ولكن خارج الميدان، والزيارة أعتقد أنها لم تحقق شيئاً وكلها وعود.
*البعض يستنكر ما تقوم به حكومة حمدوك من تمكين لعناصر التغيير هل سيقود ذلك لحل المشكلة السودانية؟
هو تمكين على حساب تمكين ويسار على حساب يمين، وإحالة للصالح العام، يعني حمدوك و”قحت” قاما بما قامت به الحركة الإسلامية بعد انقلاب ثلاثين يونيو ١٩٨٩م وهو لا يستند إلى قانون ولا يحترم قانون الخدمة المدنية، وأيضاً دون تمييز ولا تمحيص، ولذلك هو حل أزمة بأزمة جديدة.
*البعض استنكر تصريحاتك الأخيرة عن الحكومة، وقال إنك تتودد لحمدوك، رغم أنك من مرشحي البشير لدورة رئاسية قادمة قبل السقوط؟
– أبداً، أنا أرغب في نجاح حمدوك، ولذلك نصحته فقط وأتمنى أن لا يستبين النصح إلا ضحى الغد. وأنا لا أحتاج لأن أتودد لشخص علت مكانته أو تدنت، ولكن لأنني أرغب في وطن مستقر وآمن يسع الجميع لا عزل فيه ولا تخوين. أما قضية ترشيح الرئيس فهي تقدير سياسي في ظرف ما ولا يحتاج إلى إذن من أحد؛ العمل السياسي متحرك ظرفاً وموضوعاً وتقدير كل موقف مربوط بظرفه.
*لماذا يظهر مسار على المسرح السياسي في هذه الأيام رغم رفض الرأي العام لكل ما هو متعلق بالنظام السابق؟؟
– أنا موجود في الساحة السياسية منذ أن بدأت أمارس العمل السياسي في عام ١٩٨١م، الذي يعيبني هو أن يرفضني الشعب في انتخابات، أما كلام المثقفاتية وأصحاب الشعارات هذا لا يمنعني من العمل العام . أما الكلام عن النظام السابق لا أثر عليه، وكثيرون من قحت شاركوا النظام السابق في مستويات مختلفة، ولذلك أعتقد أنه لا عزل إلا لمن ارتكب جناية جنائية، أما غير ذلك لا أثر عليه وخاصة أن هذه الفترة انتقالية وليست تفويضاً انتخابياً.
* تصريحك وتلويحك بالمشاركة مع حكومة قحت برغم مشاركتك مع النظام السابق، ألا ترى فيه ازدواجية في معايير المشاركة ؟
– أنا لا أرغب أن أشارك حمدوك في وظيفة، ولكن أشارك في السياسات والبرامج، لأن هذه الفترة تحدد ما بعدها وهم يودون أن يصمموا الفترة الانتقالية وقوانينها لصالح قحت وهذا مرفوض بالنسبة لي.
* أنتم متهمون أبناء دارفور (المثقفون) بأنكم تسوّقون قضية دارفور لمصالحكم الشخصية؟؟
– قضية دارفور وقضية الهامش وقضية كيف يُحكم السودان كلها محل نظر، ولذلك كثيرون من الذين احتكروا حكم ومال وسلطة السودان يرفضون الحديث عن هذه القضايا، لأنها تمس مصالحهم مباشرة، ولذلك كل من يتحدث عن ذلك يقولون عنه الكثير من الترهات والأراجيف. على العموم سنظل نقاتل لنستعدل حكم السودان أقلية تحكم أغلبية، ولذلك علينا أن نستعد لحكم مواطن سوداني من ريفه البعيد للسودان.
*إذا خُيّرت بين موجهات حزب الأمة وقضية دارفور، أيهما ستختار؟؟
– ليس هناك سبب يخيرني بين هذا وذاك فحزب الأمة الوطني وعائي السياسي، أما دارفور فهي جزء من وطني ولدتُ وترعرعتُ فيها ولي فيها أسرتي وصباي وأهلي، والسودان هو وطني ولذلك لكلٍّ تقديره
* ما تود قوله أخيراً؟
-السودان منذ الاستقلال لم نحدد كيف يُحكم، ولهذا السبب قامت الحروب وانفصل جزء من الوطن بل جعل المال والجاه والسلطان عند فئة معينة، وكل ذلك حق الشعب، ولذلك علينا أن نعترف بذلك ونعمل على أن نحدد كيف يُحكم السودان وفق دستور يحدد الحقوق والواجبات ونعمل تمييزاً إيجابياً للمناطق الأقلّ نمواً وأن لا نُميز بلون أو عرق، هنالك الكثير من (الأغبان) في السودان مطلوب معالجتها عبر معالجة كيف يحكم السودان.
أما الموضوع الآخر الفترة الانتقالية، فهي فترة تجهيز الميدان لانتخابات مباشرة حرة ليست فترة حكم مطلق ولا يجوز فيها عمل تغييرات كبيرة تحتاج إلى تفويض شعبي عبر صناديق الانتخابات.
أما رسالتي للسيد حمدوك: اخرج من صندوق قحت إلى فضاء السودان حتى لا تجعل باقي القوى السياسية معارضة في ظل ظروف السودان الآن، وكذلك أرجو أن لا تصادم تصرفات أعضاء حكومتك قيم وعقائد الشعب السوداني . الإسلام في السودان دين فطرة ولكل أهل السودان دين معتدل (ناس فكي أبكر وشيخ فلان)، وأغلب السودانيين ليسوا من عضوية الإسلام السياسي، ولذلك أرجو أن لا تصادم فطرة الشعب السوداني عبر القوانين أو الممارسة. لا مكان لليمين المتطرف أو اليسار المتشدد ولكن المهم الوسطية.
شيء أخير: الشعب السوداني شعب مدرك وواعٍ، لا يمكن خمه وتغييبه، وهو شعب محترم ومُعلّم.
حاورته: زمزم خاطر
الصيحة