تزداد الدلائل يوما بعد يوم على أن إسرائيل تسعى للعب دور بارز في أزمة سد النهضة الإثيوبي الذي فجر أزمة بين أديس أبابا من جهة، والقاهرة والخرطوم من جهة أخرى، في ظل مخاوف من تأثيره عن حصص المياه في الدولتين العربيتين.
ورغم أن الدور الإسرائيلي غير معروف حتى الآن، إلا أن مؤشرات على عمق التدخل الإسرائيلي في الأزمة تظهر بين الفينة والأخرى، حيث تحدثت الصحافة الإسرائيلية مؤخرا عن عروض قدمتها الحكومة الإسرائيلية لإثيوبيا تتعلق جميعها بسد النهضة، وتدلل جميعها على محاولة إسرائيل وضع قدم لها في الأزمة الناشبة بين أطراف النزاع على حصص المياه.
بين هذه الاقتراحات عرض لإقامة مشاريع مياه وطاقة بين الطرفين، فضلا عن اقتراح لتزويد أديس أبابا بأنظمة دفاع صاروخي لحماية سد النهضة (نفته إسرائيل).
ولعل آخر هذه العروض مبادرة قدمتها إسرائيل السبت الماضي، أبدت فيها استعدادها لتبادل الخبرات مع إثيوبيا في مجال إدارة المياه.
وجاءت هذه المبادرة في سياق اجتماع عقدته وزيرة الدولة الإثيوبية للشؤون الخارجية هيروت زمين، مع نائبة المدير العام للشؤون الإفريقية في وزارة الخارجية الإسرائيلية آينات شيلين، بحسب ما أفادت به وكالة الأنباء الإثيوبية الرسمية.
ووصفت المسؤولة الإسرائيلية العلاقات بين الدولتين بأنها “تاريخية وتدعمها علاقات قوية بين الشعبين”، معربة عن استعداد تل أبيب لـ”تقاسم تجربتها الواسعة في إدارة المياه” مع أديس أبابا.
وبدأت إثيوبيا عملية بناء سد النهضة في نهر النيل الأزرق قرب الحدود الإثيوبية السودانية، في 2 نيسان/ أبريل 2011، ويثير هذا المشروع قلقا كبيرا لدى مصر، التي تخشى من أن يؤدي تنفيذه إلى تقليل كميات المياه المتدفقة إليها، في حين تصر إثيوبيا على المضي قدما فيه، وتشغيله، دون أن تقدم تطمينات ملموسة إلى القاهرة والخرطوم بشأن مخاوفها من تقلص حصص المياه.
الخبير في الشؤون الإسرائيلية نظير مجلي قال، إن العلاقات القائمة بين إسرائيل من جهة، ومصر وإثيوبيا من الجهة الأخرى، تمهد لتدخل الدولة العبرية كوسيط بن الجانبين، بهدف تقديم حلول لأزمة سد النهضة.
وشدد على أن إسرائيل تجد نفسها قادرة على التدخل لحل الخلاف بين مصر وإثيوبيا، وتقدم نفسها على أن لديها حلولا للأزمة، وبالفعل قدمت عرضا لإثيوبيا في هذا الاطار، لكن لا يعرف تفاصيله أو تأثيره المتوقع على الأزمة.
وأضاف مجلي في حديث لـ”عربي21″ أن العلاقات بين تل أبيب وأديس أبابا تاريخية، وبدأت منذ خمسينيات القرن الماضي في إطار سياسة إسرائيلية استهدفت تطويق العالم العربي وعسكريا وأمنيا، وتجنيد دعم لإسرائيل في المنظمات الدولية، من خلال تقديم الدعم الزراعي لدول القارة الأفريقية، لا سيما إثيوبيا.
وأضاف: “إثيوبيا كانت دولة مركزية في العلاقات الإفريقية الإسرائيلية وهناك علاقات على مستويات سياسية وأمنية، واقتصادية بين الجانبين”.
ولفت إلى أن إسرائيل تقول إن تدخلها بأزمة سد النهضة “إيجابي” لتسوية هذا الخلاف، مستغلة في ذلك خبرتها الواسعة في مجال المياه. مضيفا: “رغم أن الحكومة الإسرائيلية غير نزيهة وهي مشهورة بسياسة الاصطياد في المياه العكر، لكن لا شك أنها تحاول تقوية العلاقات مع مصر وإثيوبيا على حد سواء، عبر تسخير خبرتها في تكنولوجيا لحل الأزمة بهدف ضمان مصالحها في المنطقة”.
ورأى أن مصالح إسرائيل في البحر الأحمر، خاصة بعد سيطرة جماعة الحوثي في اليمن، وشعورها بتهديد قد ينتج عن ذلك، يدفعها للتدخل في أزمات من هذا النوع ضمانا لتقوية العلاقات مع دول المنطقة، بهدف إزالة التهديدات التي قد تلحق بها، عبر إقامة شراكة مع هذه الدول، لا سيما مصر وإثيوبيا اللتين تطلان على البحر الأحمر.
عربي 21