أقر مشروع الموازنة العامة في السودان لعام 2020 خفض الدعم الحكومي للسلع والمحروقات تدريجياً بنسبة 66.4%، وزيادة رواتب العاملين بنسبة 100%، وتوفير آلاف الوظائف للشباب.
السودان يوقع اتفاقا بـ20 مليون دولار مع الأمم المتحدة
ووضع المشروع الذي حصلت عليه “العين الإخبارية” سيناريوهات بديلة تقضي باستمرار السياسات المالية والاقتصادية ومؤشرات موازنة عام 2019، حال حدوث أي طارئ، وذلك بناء على توصية لجنة الاقتصاد بقوى الحرية والتغيير قائد حركة الاحتجاجات في السودان.
وتوقع مشروع الموازنة الذي لا يزال قيد النظر في مجلس الوزراء، معدل نمو إيجابي خلال 2020 يبلغ 3.1% مقارنة بنمو سلبي بـ0.9% عام 2019، وأن يتراجع معدل التضخم إلى نحو 28.7%، وتراجع عجز الموازنة إلى 2.8-% من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بـ3.7-% العام الماضي، فيما يبلغ عرض النقود 59% مقارنة بـ63.4% العام الماضي.
كما توقع أن يبلغ الناتج المحلي بالأسعار الجارية في عام 2020، 20.7 مليار جنيه سوداني، فيما يبلغ بالأسعار الثابتة، 36.8 مليار جنيه.
وتبلغ الإيرادات العامة والمنح الأجنبية إلى 611.3 مليار جنيه، مقارنة بـ164.8 مليار جنيه لعام 2019، بنسبة زيادة 270%، فيما تبلغ المصروفات الجارية 626.6 مليار جنيه، مقارنة بـ194.8 مليار جنيه بنسبة زيادة 221.6%.
وقدر العجز في موازنة 2020 بمبلغ 59.5 مليار جنيه، مقارنة بـ53.7 مليار عام 2019.
كما تبلغ الإيرادات العامة، 287.7 مليار جنيه، والإيرادات الأخرى 128.8 مليار، والمنح الأجنبية 323.3 مليار جنيه، وتقع منح من مجموعة أصدقاء السودان، بمبلغ 279.3 مليار جنيه سوداني، وإيرادات الضرائب 158.9 مليار بزيادة 57% عن عام 2019.
وتضمنت موازنة 2020 في السودان، خفض الدعم الحكومي للسلع الاستراتيجية والمحروقات تدريجيا بنسبة 66.4% حيث تم تخصيص مبلغ 134 مليار له، مقارنة بـ223 مليار جنيه عام 2019م.
ووضعت وزارة المالية سيناريو بديلا للموازنة الحالية، يقضي بعدم تغيير في سياسات سعر الصرف الحالية، ولا تغيير في الدعم السلعي، ولا زيادة في المرتبات والأجور والحماية الاجتماعية، والاستمرار في سياسيات الاقتصاد الكلي السائدة خلال عام 2019م.
إصلاح نظام الدعم
ويتضمن مشروع الموازنة إصلاحا لنظام الدعم السلعي على المدى القصير حتى مارس/آذار 2020، عن طريق أنظمة بطاقات صرف للمواد البترولية تنفذ تدريجيا وبداية بالجازولين، بجانب بطاقة للخبز، واعتماد الخبز الهجين “مخلوط قمح وذرة”، وتوسيع وتطوير التعاونيات الاستهلاكية.
وتستهدف موازنة 2020، دعم القوة الشرائية للمواطن وخفض التضخم من أكثر من 50% إلى أقل من 30%، ورفع معدل نمو الاقتصاد من المعدلات السلبية في عامي 2018 و2019 إلى أكثر من 3%، وزيادة تنافسية الصادرات بإلغاء كل الضرائب والرسوم والجبايات الولائية على الصادرات الزراعية.
وتسعى إلى استقرار أسعار الصرف حول سعر توازن واقعي ومرن (نحو 60 جنيه للدولار)، حيث يفوق الـ88 جنيها في السوق السوداء.
كما تستهدف توفير أكثر من 50 ألف وظيفة للشباب، وتوظيف 1600 طبيب من الخريجين، وإيجاد 30 ألف وظيفة لاستيعاب الشباب في إطار برنامج التعداد السكاني والزراعي.
وأقرت الموازنة زيادة رواتب المعلمين بنسبة 100% على أن يكون الحد الأدنى للأجور 1000 جنيه، بجانب إزالة التشوهات والفوارق في الرواتب والأجور للعاملين بالدولة لتحقيق العدالة والرضا الوظيفي.
كما أقرت زيادة الدعم المقدم من الحكومة الاتحادية لمرتبات أساتذة الجامعات بنسبة 100%، وصرف معاشات الذين فُصلوا تعسفياً والذين دخلوا في سن المعاش.
وشدد مشروع الموازنة على الالتزام بمجانية التعليم الإعدادي “الأساسي” ومنع فرض أي رسوم من أي جهة كانت في المدارس الحكومي، وتوفير الوجبة المدرسية المجانية في كل المدارس الحكومية بالدولة (من خلال تخصيص نسبة 2% بدلاً عن 1% من التحويلات الجارية للولايات)، وزيادة مظلة برنامج الكفالة النقدية المباشرة لدعم الطالب الجامعي بإضافة 50 ألف طالب ليصل العدد الكلي إلى 300 ألف طالب.
كما أكد الالتزام بمجانية العلاج بالحوادث والمستشفيات الحكومية ومنع فرض أي رسوم من أي جهة، وتوسيع مظلة التأمين الصحي للأسر الفقيرة بإضافة مليون أسرة ليصل العدد الكلي إلى 4.9 مليون أسرة مع زيادة السقف الشهري للتأمين بنسبة 100%.
وتضمنت موازنة العام المقبل برامج لإصلاح النظام الضريبي، بإلغاء معظم الإعفاءات الضريبية، مما يقود إلى ارتفاع إجمالي الضرائب المتوقع في عام 2020 بنسبة 57% من 101.2 مليار جنيه في عام 2019 إلى 158.9 مليار جنيه.
تحديات تواجه موازنة 2020
وأشار المشروع إلى تحديات تواجه الموازنة، أبرزها انكماش الناتج المحلي بمعدل 2.0% على الأقل خلال آخر عامين، ووجود 65% من السكان تحت خط الفقر، بجانب الهشاشة الاقتصادية حيث ينفق 75% من المواطنين دخلهم في الغذاء، وارتفاع معدل البطالة خاصة بين الشباب بما يفوق 40%.
ومن التحديات أيضا ارتفاع نسبة الإنفاق على الصحة من قبل المواطنين “80% من الإنفاق على الصحة يتكبده المواطن من موارده الخاصة”، وعدم قدرة معظم الأسر على الاستثمار في أصول كسب الرزق أو التعليم، وارتفاع تكلفة المعيشية وتدني نوعية الخدمات.
واعتبر كلفة الدعم الحكومي واختلال التوازن المالي تحديا يواجه الاقتصاد، حيث تبلغ كلفة دعم المحروقات نحو 16% من الناتج المحلي، بينما تبلغ اعتمادات الصحة والتعليم في الموازنة الاتحادية نحو 9.201 مليار جنيه.
وتجدر الإشارة إلى عجز الموازنة العامة الذي يمثل 13% من الناتج المحلي، بجانب صعوبة السيطرة على تدهور سعر الصرف ومعدلات التضخم التي وصلت إلى 62% خلال 2018 وتراجعت لتصل إلى نحو 54% في العام الجارى، وما زالت مرتفعة، بالإضافة إلى التمويل التضخمي لمشتريات الذهب (ما يعادل نحو 220 مليون دولار شهرياً)، بالإضافة إلى أن شركات الاتصالات تصدر بطاقات اتصال تتراوح قيمتها بين 5 و15 مليار جنيه حسب بعض التقديرات”، فضلاً عن ارتفاع الديون الخارجية إلى 62 مليار دولار، ومتأخرات بقيمة 3 مليارات دولار لصندوق النقد الدولي وبنك التنمية الأفريقي و200 مليون دولار لبنك التنمية الإسلامي والصناديق العربية.
وبحسب مشروع الموازنة، فإن العام المقبل سيشهد مراجعة قوانين الاستثمار ومعالجة الازدواجية بين المركز والولايات، وتطبيق نظام النافذة الواحدة ودعم وتطوير السجل المدني بوزارة الداخلية، حيث تم إكمال بيانات 33 مليون مواطن سوداني وإنتاج 6 ملايين بطاقة هوية، منها 2 مليون بطاقة ذكية وتشكيل هيئة الهوية السودانية.
كما سيتم تحرير نظام حصائل الصادر وإنشاء محفظة السلع الاستراتيجية، وتفعيل خطة أمنية مشتركة وتأسيس نيابة خاصة لمكافحة التهريب، وتشكيل وحدة النفط والمعادن بوزارة المالية (ولاية الوزارة على كل الموارد العامة وعقود الشراء والبيع) وتأسيس بورصة الصادرات (الذهب والمحاصيل الزراعية والمنتجات الصناعية)، إكمال دفع متأخرات الصناديق العربية وإبرام اتفاقيات تمويل التجارة الخارجية (البنك الإسلامي للتنمية، صندوق النقد العربي، صندوق الأوبك، بنك التجارة والتنمية).
وتهدف الموازنة إلى بسط السلام الشامل واستكمال جهود مباحثات السلام لمشاركة الجميع في بناء الوطن، وتحقيق الوحدة الوطنية وتعزيز قيم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وترسيخ مفهوم المواطنة والهوية السودانية بمكوناتها المتعددة.
كما تهدف إلى تحقيق واستدامة الاستقرار الاقتصادي (ضبط ومراجعة سعر الصرف ومعدلات التضخم) تعزيز وتقوية العلاقات الخارجية مع الدول كافة، وحفظ التوازن البيئي واستدامة الموارد الطبيعية، وتطوير البنية التحتية وتحديثها لقطاعات الكهرباء والنقل والطرق والقطاعات الأخرى، وتنمية وتطوير كفاءة وفاعلية الخدمة المدنية.
السياسات والإجراءات
وتبنت الموازنة سياسات وإجراءات تتركز في تحسين مؤشرات الاقتصاد الكلي، وإصلاح المالية العامة وترشيد الإنفاق الحكومي، وخفض العجز الجاري ومحاصرة العجز الكلي، وضبط وتوجيه الاستدانة من النظام المصرفي من خلال إعادة ترتيب الأولويات للإنفاق العام، وتطوير قانون الاستثمار والأراضي.
وتشمل السياسات، إجازة قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والاعتماد على الذات والموارد الوطنية، وإنفاذ التشريعات والقرارات فيما يخص الرسوم غير القانونية والجبايات، وتخصيص الموارد بما يتماشى مع الأولويات والأهداف الاستراتيجية، وزيادة كفاءة استخدام الموارد العامة لتعزيز الشفافية والمساءلة، واتخاذ حزمة من السياسات والإجراءات لمحاصرة التضخم بالاستمرار في سياسات الإصلاح الاقتصادي.
بوابة العين الاخبارية