أخيراً حسمت حكومة الفترة الانتقالية الجدل الكثيف الذي دار حول رفع الدعم عن الوقود خلال الأيام الماضية، وأقرت في اجتماع استثنائي يوم أمس تضمين رفع الدعم عن البنزين والجازولين في موازنة 2020، مؤكدة في ذات الوقت مضاعفة مرتبات العاملين.
وذهب كثيرون إلى أن الخطوة تأتي في إطار تنفيذ سياسات صندوق النقد الدولي التي تدعو إلى رفع الدعم عن السلع، في وقت تباينت الآراء حول الخطوة، ووجدت انتقادات لاذعة لجهة أنها تفاقم من معاناة المواطن مع الضائقة المعيشية، لكن آخرون ذهبوا إلى أن علاج الاقتصاد لا يتم إلا بـ(الكي) .
اجتماع استثنائي
مجلس الوزراء عقد أمس اجتماعاً استثنائياً برئاسة رئيس المجلس عبد الله بخُصص مناقشة مشروع ميزانية العام 2020م، وزير الإعلام والثقافة الناطق الرسمي باسم الحكومة فيصل محمد صالح، وأوضح في تصريحات صحفية أن الاجتماع تداول حول الميزانية، مشيراً إلى أن مجلس الوزراء شكل لجنة مصغرة لمناقشة خيارات موضوع رفع الدعم بإعتباره الموضوع الأساسي، وقال إن الميزانية تقترح رفع الدعم عن البنزين والجازولين بصورة متدرجة، موضحاً أن ذلك سيقابله مضاعفة مرتبات العاملين بالدولة، فضلاً عن الدعم الاجتماعي النقدي المباشر للقطاعات الفقيرة، إضافة إلى زيادة الإنفاق على التعليم والصحة لتحقيق مجانية التعليم والعلاج بالمستشفيات الحكومية، وأوضح أن اللجنة الوزارية المصغرة بشأن الوصول إلى خيارات التدرج في رفع الدعم، مبيناً أنه ليس هنالك إتجاه لرفع الدعم عن الخبز في ميزانية العام 2020م، مضيفاً أن مجلس الوزراء قرر أن تطرح هذه القضايا لحوار مجتمعي مع القطاعات المختلفة من الشعب للاستماع إلى الآراء حولها، كما سيتم طرح أكثر من بديل من خلال هذه الحوارات حتى يرى المواطنين الخيار الأكثر مقبولية، مبيناً أنه سوف يكون هنالك شفافية في طرح المعلومات والأرقام بشكل واضح للجماهير معلناً صالح أنه من المتوقع أن تبدأ أجندة الحوارات المجتمعية اعتباراً من اليوم في قطاعات مختلفة، موضحاً أن ذلك سوف يكون عبر كافة وسائل الإعلام، إضافة إلى اللقاءات الجماهيرية المباشرة لطرح الخيارات المختلفة وتنوير المواطنين بحقيقة الوضع الإقتصادى والسبل والخيارات الموجودة للتعامل معه ليكونوا شركاء فى العلاج ولا يفرض هذا العلاج فى مجلس الوزارء
انتظار الشعب
رئيس اللجنة الاقتصادية بقوى إعلان الحرية والتغيير كمال كرار يقول إن الميزانية سوف تمضي على خطوات الميزانيات السابقة، وتوقع أن تواجه بمعارضة شرسة من قبل الشعب السوداني، لأنها ستعيد إنتاج الأزمة الاقتصادية من جديد، لجهة أن الأزمة الاقتصادية من الأسباب التي دفعت الشعب للخروج ضد نظام المخلوع البشير وأضاف كرار لـ(آخر لحظة) أقول بصريح العبارة إن الميزانية جاءت بعيدة ومخالفة لشعارات الثورة، لأن الشعب منتظر من أول ميزانية بعد الثورة أن تخفف عليه أسعار السلع وليس زيادة الأعباء، ودعا للابتعاد عن إملاءات صندوق النقد الدولي، فيما دعا حكومة رئيس مجلس الوزراء للاعتماد علي موارد الدولة من خلال استغلال ثرواتها الموجودة، إضافة إلى استرداد الأموال المنهوبة التي يمكن أن يغطيا تكلفة احتياجات الدولة، مطالباً الحكومة بالتراجع عن خطوة رفع الدعم عن الوقود، متوقعاً خروج الشارع حال تطبيق تلك الخطوة.
خطأ قاتل
ويؤكد مراقبون أن المحروقات البترولية تعتبر من السلع الضرورية لحياة الناس ويحتاجها المواطن بشكل مباشر في الحركة المجتمعية والإنتاجية، ويقول الخبير الاقتصادي الدولي سيف اليزل خليفة إن رفع الدعم يعني أن كل التسهيلات التي تضحي بها الدولة من أجل الشعب ستقوم برفعها الآن وتبدأ تطالب بها من خلال زيادة الضرائب والجبايات على التجار الذين يخلصوها أضعاف من المواطن من خلال وضع زيادة كبيره علي أسعار السلع فضلاً عن زيادة رسوم الخدمات العامة، إضافة إلى خضوع سعر الدولار الجمركي إلى سياسات العرض والطلب، بجانب مطالبات الدولة بوضع قيمة مضافة علي السلع، وأوضح اليزل أن إعلان رفع الدعم عن السلع يعني رفع يد الدولة عن احتياجات المنتج والمستهلك، وقال إن رفع الدعم عن الوقود خطأ قاتل، متوقعاً وصول سعر الدولار إلى (١٢٠) جنيهاً، الأمر الذي يؤدي إلى انخفاض قيمة العملة الوطنية ويضاعف من الطلب علي النقود الورقيه ويزيد من القوة الشرائية، بالإضافة إلى أنه يؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم الذي يؤدي بدوره إلى حدوث انهيار كامل للاقتصاد السوداني، ويصبح السوق المحلي مفتوحاً للسلع المستوردة، وهي فرصة للثورة المضادة أن تتحكم في الأسواق، سيما وأنها تمتلك أموالاً ضخمة تستطيع من خلالها شراء أكبر كمية من السلع بهدف التضييق على المواطن للخروج ضد حكومة الثورة.
فيما قطع الخبير الاقتصادي عادل عبد المنعم بأن زيادة المرتبات وحده لن يكفي، وقال ان الخطوة لن تفلح في تغطية فجوة رفع الدعم خاصة وان العاملين بالحكومة الاتحادية لايتجاوز عددهم (٥) الف شخص و(٤٠) الف شخص بالولايات، في وقت وصف خطوة رفع الدعم بالمهمة لجهة ان فيها عبئ كبير على الحكومة لان دعم الوقود يكلفها (٥٧) مليار جنيه، واشار الخبير لـ(آخرلحظة) إلى أن دعم الخبز يبلغ (١١٢) مليار جنيه في العام، متوقعاً أن تلجأ الحكومة إلى طباعة النقود التي اعتبرها أخطر من رفع الدعم .
تقرير:أحمد قسم السيد
الخرطوم (كوش نيوز)