البدء بالإصلاح الاقتصادي الكلي وبنك السودان المركزي يحدث قوانينه

الارتفاع المضطرد للتضخم في السودان وتدهور قيمة الجنيه السوداني خلف جملة من التحديات الاقتصاية ورثتها الحكومة الانتقالية، وضعت وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي حلولا آنية ومستقبلية ،واتبعت خطوات تتعلق بالاقتصاد الكلي وحل مشكلة البطالة والديون.

وزير المالية والتخطيط الاقتصادي إبراهيم البدوي قال إن الوزارة تتبع خطوات لتثبيت الاقتصاد الكلي ستؤدي لترشيد سوق النقد الأجنبي وحل مشكلة البطالة والاتفاق مع مجتمع التنمية الدولي للوصول الي قرار العام القادم لإعفاء ديون تجاوزت 54 مليار دولار.

ويؤكد بدوي في لقاءاته مع المجتمع الدولي والمحلي على أن النظام السابق أضعف دور بنك السودان كمؤسسة مهمة لإدارة السياسة النقدية.

وبدأت المالية في تنفيذ خطتها بإعفاء البنك المركزي من مشتروات الذهب والمشتقات البترولية والقمح والسلع باتفاقيات مع صندوق النقد العربي.

بالإضافة إلى تمويل التجارة سواء للصادر أم الوارد بقروض من بنك التنمية الاسلامي وبنك التجارة في القاهرة والإفريقي مما يخفف الضغط على النقد الأجنبي وستنتفي الحاجة إلى تمويل مشتروات الذهب بموارد غير حقيقية، وستؤدي لترشيد سوق النقد الاجنبي والذي فيه فوضى معلوماتية كبيرة ومضاربة.

وكشف الوزير عن أهم أولويات المرحلة الانتقالية في السودان، خصوصاً تعبئة الموارد، ودعم الخدمات الأساسية للمواطن، بالتركيز على برامج الحماية الاجتماعية والخدمات، والحرص على تقديم مكاسب واضحة للمواطن، خصوصاً مجانية التعليم الأساسي والصحة الأولية وزيادة المرتبات لمنسوبي الخدمة المدنية، والتركيز على مشروعات القيمة المضافة لتعزيز قدرات الاقتصاد. ولزيادة القدرة التنافسية للمنتجات الزراعية، ستصدر تشريعات تعضد قرار وقف إخضاع صادرات القطاع الزراعي، بشقية النباتي والحيواني القائم عليه، لأي رسوم وضرائب ولائية، والاكتفاء فقط بضريبة دخل اتحادية تبلغ 2 في المائة، توزع على الولايات حسب حجم إنتاجها.

إلا أن موازنة عام 2020 تشكل تحدياً كبيراً للحكومة الانتقالية؛ بصفتها أول موازنة، وعليها تلبية استحقاقات لكن بدوي يقول في حديث سابق عن الموازنة قال إنها تستند على تحقيق السلام وتخصيص موارد خاصة بصورة تفضيلية لـ (11) ولاية متأثرة بالنزاع (ولايات دارفور، ولايات الشرق، جنوب وغرب كردفان، النيل الازرق)، وبند الموارد وُزع بنسبة 70% للحكومة المركزية، 30% للولايات منها 7% للولايات المتأثرة بالنزاعات، اضافة الى صندوق التنمية والإعمار والسلام وفق معايير واضحة. وإن التنمية المستدامة يركز على التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية، محور ترتيب وتقويم الوظائف عبر فريق عمل وطني لمعالجة التشوهات التي حدثت في الخدمة المدنية وخلق العدالة وزيادة المرتبات في المتوسط بنسبة 100%، محور تقوية وزيادة فاعلية نظام الحماية الاجتماعية وصولا للربع الاخير من العام 2020م بزيادة الدخل الاساسي الشامل وهو عقد اجتماعي جديد يغطي 60% من الشعب السوداني عن طريق تحويل نقدي مباشر لمواجهة الظروف الصعبة ولتحقيق شعار الثورة.

وذكر أن تمويل الموازنة والسياسات سيتم عبر إصلاح قطاع الذهب ومساع لتأهيل قطاع النفط والغاز بزيادة الانتاج واسترداد الاموال المنهوبة وتوفير معلومات عن اموال كثيرة ستحدث هزة كبيرة وهي تحت المراقبة ومسئولية الاجهزة العدلية وسيتم الحصول عليها عاجلا غير آجل.

وبشر محافظ البنك المركزي المكلف بروفيسور بدر الدين عبد الرحيم إبراهيم العاملين في اول لقاء له على الإنتهاء على وجه السرعة من مرحلة تحديث القوانين المتعلقة بالبنك المركزي والمصارف ونظم الدفع ووكالة ضمان التمويل الأصغر بالجملة وتحديث المنشورات لتتواكب وسياسات ومتطلبات المرحلة الجديدة، واستقرار سعر الصرف وبناء الإحتياطات وزيادة وحسن إستغلال حصيلة الصادر وجذب مساهمات ومدخرات المغتربين عبر النظام المصرفي والتوقف عن شراء الذهب.

كما أوضح أن البنك سيقوم بوضع سياسات سنوية مرنة ومشجعة للمصارف للإنطلاق نحو الإنتشار واستقطاب الودائع وزيادة حجم الإستثمارات والتمويلات وتحقيق الشمول المالي لزيادة الإنتاج وخفض معدلات التضخم، كما أكد على التنسيق مع وزارة المالية لتخفيض وتيرة التضخم عبر آليات مع التحكم في النمو النقدي لأقصي حد ممكن، وكذلك المساهمة في ترقية الصادرات عبر حزمة فاعلة من السياسات والإجراءآت بالتنسيق مع وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي ووزارة الصناعة والتجارة والمصدرين والموردين واللجنة القومية لترقية الصادرات وذلك عبر سياسات مشجعة تعمل على تعظيم الاستفادة القصوى من حصائل الصادر في إستيراد المتطلبات الضرورية للاقتصاد والمواطن.

ويمثل دعم السلع الاستراتيجية أكبر المعوقات التي تواجهها الحكومة الانتقالية.

وتدرس الحكومة السودانية مقترحات في الموازنة بإبقاء الدعم على الجازولين، ورفعة عن البنزين. وكان وزير المالية إبراهيم البدوي قد ذكر أن الحكومة تحتاج إلى نحو 5 مليارات دولار لدعم موازنة 2020، وتنفيذ برنامج إصلاح الاقتصاد والدولة إلا أن خبراء اقتصاديين أكدوا على ان رفع الدعم أصبح مسألة مهمة وضرورية لإصلاح الاقتصاد السوداني، ونبهوا علي ان «الإبقاء على الدعم نشأت عنه ضريبة تضخمية بلغت 200 في المائة خلال الفترة بين 2017 و2019». وأن دعم «القمح والمحروقات» تسبب في عجز الموازنة، ودفع الحكومة للاستدانة من الجهاز المصرفي.

دكتور لؤي عبد المنعم، خبير مصرفي يقدم مقترح بدمج المصارف التي يقل رأسمالها عن مليار دولار ضرورة لا بد منها لإزالة التشوهات في هذا القطاع الحيوي والذي هو عصب الاقتصاد فضلا عن فوائد هذه الخطوة التي ذكرتها في حشد الموارد وتخفيض النفقات، حاليا يوجد 36 مصرفا و45 مؤسسة تمويل أصغر بحاجة إلى دمج كل في مجاله، وبما أن رأسمال المصارف يتراوح بين 50- 200 مليون دولار للمصرف الواحد لذلك من المتوقع أن يسفر الدمج عن 5 – 6 مصارف على الأقل نصفها يجب أن يكون متخصص في قطاعات محددة لافساح المجال لدخول مصارف اجنبية جديدة برأسمال كبير دعما للتنمية التي تعاني صعوبة في الحصول على التمويل من جهة و ضعف حجم التمويل من جهة ثانية بسبب التضخم.

ويدعو إلى إعادة هيكلة الدعم الحكومي على السلع الأساسية (تحويله من عيني إلى نقدي) بالدفع الإلكتروني عبر عملة الكترونية (جنيه الكتروني) غير قابلة للسحب النقدي و قابلة للتحويل للحد من استخدام السيولة ورصيد الاتصالات.

الخبير الاقتصادي محمد الناير محمد النور حذر من رفع الدعم خاصة في الميزانية القادمة، وقال: “أحذر الحكومة من الإقدام على عمل كهذا، هناك تضخم وأزمات في الوقود والخبز والدواء، المواطن السوداني وصل مرحلة ليس بمقدوره أن يتحمل بعدها أي شيء آخر”.

وعتب الناير على حكومة حمدوك التباطؤ في معالجة الأزمة “على مدار العام المنصرم لم نشهد تقريرا يوضح أسباب التضخم أو معدل الكتلة النقدية وإيرادات الدولة والعجز في الميزانية”. مشددا على أن إعداد موازنة سليمة يعتمد بشكل أساسي على هذه المعلومات.

ويرى خبراء أن الحكومة ينبغي أن تركز على معالجة الأزمة الاقتصادية من جذورها وهي استقرار سعر الصرف.

تقرير: أماني قندول
الخرطوم في 20-12-2019 (سونا)

Exit mobile version