ولمثل هذا اليوم كانوا يعملون

يصادف اليوم التاسع عشر من سبتمبر الذكرى الأولى لانطلاقة ثورة ديسمبر المبهرة، ولابد لنا أن نبتدر هذا اليوم بالترحم أولاً على أرواح من ارتقوا من شهدائنا الأبرار، ونسأل الله كامل الشفاء لكل ثائر أصيب في أي مرحلة من مراحل النضال الثوري الممتد على مدى أربعة أشهر ولم يتعافى بعد، كما نتمنى أن تتضاعف الجهود الرسمية والشعبية حتى يتم العثور على آخر مفقود، كما لابد لنا أيضاً فى هذا اليوم الذي نحتفي فيه بالذكرى الأولى للثورة، أن نحي ذكرى من بذلوا وناضلوا ونافحوا وعملوا من أجل هذا اليوم ووضعوا المدماك الأول واللبنة الأولى ولكن تشاء أقدار الله أن يمضوا فلا يشهدوا ثمرة غرسهم، فالثورة فعل تراكمي ونضالات متصلة وتضحيات متواصلة وبذل لا ينقطع حتى تنجح الثورة، وأمثال هؤلاء المناضلين الشرفاء حقيق بنا أن نحتفي بهم ونمجد ذكراهم ونبقيها حية ليس في هذا اليوم فحسب بل فى كل الأيام، فهؤلاء الأماجد رحمهم الله هم كما قال فيهم شاعر نشيد الاستقلال عبد الواحد عبد الله يوسف وأبدع فى غنائها المناضل الثوري محمد وردي، غرسوا النواة الطاهرة، ونفوسهم فاضت حماساً كالبحار الزاخرة، من أجلنا ارتادوا المنون، ولمثل هذا اليوم كانوا يعملون..

لمثل هذا اليوم عمل كثيرون سياسيون وقانونيون وصحافيون واقتصاديون وعمال ومواطنون من عامة الشعب، وبكلمة واحدة من جميع فسيفساء المجتمع السوداني رجالا ونساء شيبا وشبابا وطلابا (بالطبع فيما عدا جماعة الحزب المحلول ومن شايعهم من أرزقية)، كان لهم جميعا بذلهم وعطاءهم ونضالهم وتضحياتهم في مقاومة ومنافحة الظلم والاستبداد والفساد، ولكن تشاء ارادة الله أن يرحل بعضهم بأقدار الله، وبعضهم استشهد على يد زبانية النظام وقتلته، قبل أن يشهدوا هذا اليوم العظيم، واستميحكم عذرا أن أخص بالذكر من هذه الثلة الماجدة الشاعرين محجوب شريف ومحمد الحسن سالم حميد، وعبرهما نحي كل أولئك المناضلين الشرفاء، فقد أوقف هذين الشاعرين المبدعين حياتهما وكل ابداعهما لمدافعة ظلم الانقاذ، والانحياز لقضايا الغلابى والتعابى والترابلة والحزانى والبسطاء، وقد كانا بحق شاعري الوطن وشاعري الشعب وشاعري النضال وشاعري الفقراء والمساكين والمطحونين وشاعري الشرفاء المتعففين و شاعري الحرية والكادحين وشاعريٍ الأطهار غير الملوثين، ورغم فقدهما وغيابهما عن هذه اللحظة التاريخية العظيمة التي كان لهما فيها سهم وافر وبذل كبير، إلا أنها مايزالان حاضرين بقوة بيننا رغم غياب الجسد، وكيف يغيب مثلهما وهما قد تركا فينا ما لا يمكن أن يغيب أو يندثر أو حتى يلفه النسيان، فأثر العظماء لا يُمحى وتاريخ الأحداث العظيمة باقٍ لا يزول إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وهكذا كان محجوب وحميد من العظام الذين تركوا أثراً وبصمة وارث ثوري باق لن يزول وسيظل زادا للثوار ووقودا يستمدون منه زاد المسير حتى تحقق الثورة كامل أهدافها، والتحية والاجلال والتقدير في عيد الثورة لكل الشهداء والمناضلين الشرفاء..

بشفافية – حيدر المكاشفي
صحيفة الجريدة

Exit mobile version